عاجل
السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
مهما كان سأكون دائماً إلى جانبك

مهما كان سأكون دائماً إلى جانبك

بقلم : د. أحمد عيسي عبدالله

 



في عام 1989 ضرب زلزال مدمر أرمينيا، وكان من أقسى زلازل القرن العشرين وأودى بحياة أكثر من خمسة وعشرين ألف شخص خلال عدة دقائق، ولقد شلت المنطقة التي ضربها تماماً وتحولت إلى خرائب متراكمة، وعلى طرف تلك المنطقة كان يسكن رجل بسيط مع زوجته، تخلخل منزله ولكنه لم يسقط، وبعد أن اطمأن على زوجته تركها بالمنزل وانطلق..

كان يجرى بسرعة لا يتوقف واتجاهه نحو المدرسة الابتدائية التي يدرس فيها ابنه في وسط البلدة المنكوبة، وعندما وصل إلى هنلك ..إذا به يشاهد مبنى المدرسة وقد تحول إلى حطام، لحظتها وقف مذهولاً واجماً، لكن وبعد أن تلقى الصدمة الأولى ما هي إلا لحظة أخرى وتذكر جملته التي كان يرددها دائماً لابنه ويقول له فيها: مهما كان (سأكون هناك دائماً إلى جانبك)...

و بدأت الدموع تنهمر على خديه، وما هي إلا لحظة ثالثة إلا وهو يستنهض قوة إرادته ويمسح الدموع بيديه ويركز تفكيره .. ونظره نحو كومة الأنقاض ليحدد موقع الفصل الدراسي لابنه .. وإذا به يتذكر أن الفصل كان يقع في الركن الخلفي ناحية اليمين من المبنى، و لم تمر سوى لحظات قليلة إلا وقد بدأ على الفور فى العمل وهو ينطلق إلى هناك ويجثو على ركبتيه ويبدأ بالحفر، وسط يأس وذهول الآباء والناس الواقفين عاجزين.

حاول أبوان أن يجراه بعيداً قائلين له: لقد فات الأوان، لقد ماتوا جميعاً ... فما كان منه إلا أن قال لهما: هل ستساعدانني؟!، واستمر يحفر ويزيل الأحجار حجراً وراء حجر... ثم أتاه أحد رجال الإطفاء الموجودين بالمكان يريد منه أن يتوقف لأنه بفعله هذا قد يتسبب بإشعال حريق، فرفع رأسه قائلاً: هل ستساعدني؟! واستمر في محاولاته، وأتاه رجال الشرطة يعتقدون أنه قد فقد عقله وأصبح مجنوناً، وقالوا له: إنك بحفرك هذا قد تسبب خطراً وهدماً أكثر، فصرخ بالجميع قائلا: إما أن تساعدوني أو تتركوني، وفعلا تركوه ...

ويقال أنه استمر يحفر ويزيح الأحجار بدون كلل أو ملل بيديه النازفتين لمدة (37 ساعة)،
وبعد أن أزاح حجراً كبيراً ظهرت له فجوة يستطيع أن يدخل منها فصاح ينادي: (ارماند)، فأتاه صوت ابنه يقول: أنا هنا يا أبي، لقد قلت لزملائي، لا تخافوا فأبي سوف يأتي لينقذني وينقذكم لأنه وعدني أنه مهما كان سوف يكون إلى جانبي...

مات من هؤلاء التلاميذ 14، وخرج منهم 33 .. كان آخر من خرج منهم (ارماند)، ولو أن إنقاذهم تأخر عدة ساعات أخرى لماتوا جميعاً .. والذي ساعدهم على البقاء على قيد الحياة أن المبنى عندما انهار كان على شكل المثلث..

ونقل الوالد بعدها للمستشفى، وخرج بعد عدة أسابيع...هذا الوالد اليوم متقاعد عن العمل يعيش مع زوجته وابنه المهندس، الذي أصبح هو الآن الذي يقول لوالده:

مهما كان سأكون دائماً إلى جانبك...!

إذا صرخ العالم كله في وجهك قائلين لك : مستـــــــــحيل .. فتذكر دائماً أنك أنت فقط من يمكنه تحديد مصيره بعد الله عزوجل .. فإياك واليـــــأس ...ولسوف تنجح.

د. أحمد عيسى عبدالله

استشارى ادارة الموارد البشرية



 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز