عاجل
الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
عطاء ... واختبار

عطاء ... واختبار

بقلم : د. داليا مجدى عبدالغنى

ما أجمل أن يشعر الإنسان أن المولى – عز وجل – قد منحه كل ما تاقت إليه نفسه ، وما لم يجرؤ على الحلم به ، فهذا هو منتهى وقمة الرضا من الله ، وربمـا يكون أكبر اختبار يتعرض له الإنسان في حياته ، فالنعم تحوي في جنباتها الرضا والاختبار في ذات الوقت ، والرضا أمر مفروغ منه ولا جدال فيه طالما أنه من المولى – سبحانه وتعالى -  أما الاختبار فهذا ما قد يُحير البعض ، ولكن للأسف نحن نقع ضحيته ، فالكثيرون عندما تزداد نعم الله عليهم سواء شكلاً أو موضوعًا أو ربما الاثنين معًا ، تبدأ صفة الغرور والأنانية يتملك منهم بشكل مُلفت للانتباه ، فيشعرون وكأنهم حصلوا على كل ما لديهم بفضل جهدهم وعبقريتهم ، حتى لو كان ما حصلوا عليه مشاعر البشر ، فيبررون حب واحترام الآخرين لهم بأنهم بالقطع يستحقونه ، ولولا ذلك ما كانوا حصلوا عليه ، ولكن الواقع أنه يوجد جانب كبير من حصولنا على هذه النعم يرجع إلى الجهد والطموح ، وأيضًا الطباع الشخصية ، ولكن الأصل أنها فضل من المولى – جلَّ وعلا – علاوة على أن مدى استحقاقنا لها يتأكد عند حصولنا عليها .



فالإنسان الذي يزداد إيمانه ورحمته بالآخرين ، وتواضعه مع الغير واحترامه للمشاعر التي يُكنها له المقربين ، فقطعًا هو من ينجح في الامتحان ، أما الشخص الذي تسيطر عليه فكرة أنه يسكن في برج عاجي وأنه عملاق طالت يديه نجوم السماء ، علاوة على أنه مرغوب من الجميع ويحتاجون إليه ، وأنه كوكب تدور في فلكه النجوم ، فيبدأ تدريجيًا في السقوط ، وأول شيء يضيع منه هو المشاعر الصادقة التي كان يُكنها له من أحبوه بصدق وإخلاص ، بغض النظر عما وصل إليه ؛ لأنه للأسف بغروره فقد ثقة هؤلاء فيه ، وبتعاليه عليهم وإساءة معاملته لهم ، فقد حبهم واحترامهم له ، علاوة على خسائره المادية لكل شيء حصل عليه من الحياة ، فالغرور والأنانيـة هما دائمًا بداية النهاية ، ونهاية كل نجاح على كافة المستويات والأصعدة ، فليس هناك ما يمنع من أن يشعر الإنسان بكيانه ويستمتع بنجاحه ، ويشعر بالفخـر بما وصل إليه ، فكل هذه مشاعـر مشروعة جدًا ، وليست محل جدل أو نقد ، ولكن صدق من قال هناك دائمًا شعرة بين الشيء ونقيضه ، ومن يلمس هذه الشعرة ويُدركها ، هو من يمر من الاختبار بنجاح فائق ، وللأسف ، الرسوب في هذا الاختبار لن يُجيز الدخول في الدور الثاني ؛ لأن اختبارات الحياة دائمًا تكون رادعة نظرًا لما تُتيحه من فترة طويلة للاستعداد لاختباراتها ، وفترة أطول لكي نُراجع فيها أنفسنا ونَعدل عن إساءة تصرفاتنا ، لذا فالفشل في امتحانها لا رجعة فيه ولا مُحاولة لإصلاحه ، وعليه ، فلا تفرحوا بعطيات الحياة ، فهي تمنح وتختبر في ذات الوقت ، فإن نجحنا زادت عطياتها وإن فشلنا خسرناها تمامًا . لذا ، افرحوا بالعطاء واستعدوا للاختبار .

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز