عاجل
الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
مَن كان مِنكُم بِلا خَطِيئَة..!

مَن كان مِنكُم بِلا خَطِيئَة..!

بقلم : د. شريف درويش اللبان

ماسبيرو أخطأ خطأ جسيمًا لا يُغتفر.. ماسبيرو تعوزه المهنية الإعلامية .. ماسبيرو يعيش في غيبوبة منعزلاً عن الواقع الذي نعيشه في مصر .. ماسبيرو مات وإكرام الميت دفنه .. ماسبيرو يجب أن يتم إغلاقه بالضبة والمفتاح .. ماسبيرو كائن ديناصوري منقرض يحوي أربعين ألفًا من أشباه الإعلاميين، ماسبيرو غرق مع قارب رشيد .. ماسبيرو يجب ألا يكتفي بفصل رئيس قطاع الأخبار بل يجب إقالة رئيس الاتحاد السيدة صفاء حجازي .. كل هذا وأكثر قيل عن أزمة إذاعة حوار الرئيس المُعاد من العام الماضي أثناء زيارته في سبتمبر من العام 2015 للأمم المتحدة بدلاً من حديثه الجديد للشبكة التليفزيونية نفسها.



نعم .. ارتكب ماسبيرو خطيئة في حق رأس الدولة وفي حقنا جميعًا كمصريين يعتزون برئيسهم الذي يمثلهم في مِحفل عالمي من أجل صَوْن مصالح هذا البلد وعودته إلى مكانته الدولية التي تلاشت في ظل انكفائنا على أنفسنا في الداخل ومشكلاته منذ خمس سنواتٍ مضت. ولكن رغم ذلك أقول إذا كان ماسبيرو قد أخطأ، فمَن كان منكم بلا خطيئة فليرمه بحجر.

ماسبيرو حاله من حال مصر.. التردي الذي أصاب كل شئ بعد 30 عامًا من الفساد والمحسوبية والرشوة ورأسمالية المحاسيب والأهل والأقارب .. ماسبيرو حاله من حال الجامعات وكليات الطب وفرق كرة القدم والفنانين ورجال الأعمال والسياسيين.. كله بالوراثة .. الإبن سر أبيه في كل المجالات .. أصبحنا ندير مؤسسات ومجالات عائلية .. صلات القربى والرحم والنسب والمصاهرة أهم فيها من الكفاءة والقدرات والمواهب والمهنية والاحترافية.

ماسبيرو انهار فوق رأس قاطنيه عند اندلاع ثورة 25 يناير لأمريْن مهميْن وقع فيهما المحاسيب والأصهار وإعلاميو السبوبة من داخله: الأمر الأول عندما سلط ماسبيرو كاميراته على النيل الهادئ وتجاهل الميدان الهادر.. وكلا المشهديْن في متناول كاميراته من فوق مبناه دون أن يتحرك مصور واحد إلى أي مكان، والثاني عندما سمح لمذيعيه في الخدمات الإخبارية ببث الأكاذيب والشائعات عن ثورة يناير لصالح النظام المتداعي وقتها.

ما حدث في ماسبيرو ليس مسئولية رئيس قطاع الأخبار ولا مسئولية السيدة صفاء حجازي رئيس الاتحاد، لأن المنظومة بأكملها متداعية تحتاج إلى إصلاح، وإلا لماذا لم تتم إقالة وزير التربية والتعليم بعد تسريبات الثانوية العامة، ولماذا لم تتم إقالة وزير الزراعة بسبب تحديد مواصفات للقمح المستورد أدت لإحجام المصدرين على تصدير القمح إلى مصر بسبب غلو هذه المواصفات وبعدها عما حددته منظمة الصحة العالمية ، وهو ما كاد يضع البلاد على حافة مجاعة، ولماذا لم تتم إقالة وزير النقل بعد حادث قطار العياط.. نعم هناك مسئولية تقع بلا شك على عاتق كل هؤلاء، ولكن للأمانة المشكلة في المنظومة المتداعية التي تحتاج إلى مزيد من الجهد والعمل لإصلاحها، وليس الإصلاح عن طريق إقالة فلان وتعيين علان، لأن الوتيرة المتسارعة في هذه السبيل لن تؤدي إلا لمزيد من التداعي والفشل.

نحن مَن قصرنا في حق ماسبيرو، ولم ننصت لكل دعوات إعادة هيكلته بعد الخطايا التي وقع فيها أثناء وبعد ثورة 25 يناير ولا زال يقع فيها كل يوم، لم نقترب من "علبة" ماسبيرو حتى انتهت صلاحيتها، ويجب إعادة هيكلتها بالكامل، ولتكن البداية من أهم قطاع من قطاعات ماسبيرو وهو قطاع الأخبار الذي فشل حتى الآن أن يكون على مستوى الحرب على الإرهاب التي تخوضها الدولة المصرية، وفشل في تسويق المشروعات القومية التنموية الكبرى التي تعمل عليها الدولة المصرية بشكل غير مسبوق في تاريخ مصر المعاصرة، وفشل في بث الأمل في النفوس بدلاً من مخططات الجماعات المتطرفة التي زرعت من اليأس والإحباط بذورًا وشتلاتٍ أنبتت وكبرت وأينعت وأورقت وأزهرت وأثمرت ثمار الحقد الأسود وعدم اليقين في الغد القادم والسخرية من كل رموز الوطن.

وأزعم أنه إذا كانت المشكلة في ماسبيرو، فالحل أيضًا اسمه ماسبيرو، ولا شئ آخر؛ فالكِيانات الموازية لماسبيرو لن تستطيع أن تملأ الفراغ الذي سيتركه ماسبيرو، وستذوب هذه الكِيانات الموازية قناةً كانت أو ثلاث قنوات أو حتى عشر قنوات في الفضاء بين مئات القنوات هائمة على وجهها دون هدى، فقد جربنا إعلام رجال الأعمال الساعي دومًا إلى المصالح الخاصة لا إلى مصلحة الوطن. الكيانات الموازية ليس لديها تاريخ ماسبيرو ولا كوادره التي يمكن انتقاء الأكفأ منها والاعتماد عليها.

لا تجعلونا نفعل مافعلته جماعة الإخوان في عهد مبارك، وكان هدفها من الكيانات الموازية هو تخريب كيانات الدولة وتقويض دعائمها، وكلنا نذكر البرلمان الموازي واتحاد الطلاب الموازي والنقابات الموازية، ماسبيرو يحتاج إلى الإصلاح وإعادة الهيكلة.. ماسبيرو في حاجة إلى وزير إعلام يعمل على حل مشكلاته، لا إلى كيانات موازية تساعد على هدمه للأبد .. هدم ماسبيرو هو هدم وتقويض لأحد أهم مكونات الدولة المصرية.

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز