عاجل
الإثنين 23 سبتمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
We
البنك الاهلي
المركب الغارقة والجنة الموعودة

المركب الغارقة والجنة الموعودة

بقلم : أحمد خليفة

أولا نقدم العزاء لأهالى الضحايا للمركب الغارقه ، ونقول لاشيىء يضاهى فقدان أسرة مصرية لإنسان واحد ، ولاشيىء يعوضها بأموال الدنيا عن الإبن أو الزوج. وكانت المركب التي أقلعت من قرية مسترو الواقعة بين مركزى بلطيم ومطوبس بمحافظة كفر الشيخ وغرقت فى عرض البحر المتوسط تدعى "مركب الرسول" ملك المدعو محمد طارق الجندى من محافظة دمياط، وكانت تحمل على متنها مهاجرين غير شرعيين من جنسيات السودان وأريتريا والصومال ومصر، وراح ضحيتها المئات من المهاجرين غير الشرعيين في سبيل الكفاح عن حياة أفضل في جنة الغرب المزعومه.



وهنا هاجمنى سؤال لم أستطيع الفرار منه وهو عايز تقنعنى أنك تقدر تستطيع جمع مبالغ تتراوح بين  20 او 30 وقد تصل إلى 50 ألف جنيه لمركب موت غير شرعي ولا تستطيع أن تقوم بإدارة أى عمل خاص بهم في مصر.

هل تريد إقناعى بأنك تسافر بلد مجهول وعمل غير مضمون ولا تعمل هنا لإعتقادك أن البلد ظالمة وليس بها عمل.

هل تريد إقناعى بأن جنة الغرب تريد إستقبال مهاجر غير شرعي لأنهم ينتظرونك هناك بأيدى ممتده لك بالأمل والعمل والمعامله الجيدة ، صديقى الإجابة هى لا، عليك أن ترى ناس أخرى قد يكونو أصدقاء لك أو لا تعرفهم ، ناس بتنحت فى الصخر وتعمل وتنجح فى صمت ، وفى نفس البلد التى تقولون عليها ظالمة وطارده هي البلد التى حنت على كل أخ ولاجيء عربي فقامت بإحتضانه ووفرت له الأمان والأمن والعمل بكفاحه هو، ومجهودة الخاص ومساعية لخلق فرصته بنفسه لنفسه.

أيها الشاب إسترجل وقاوم وإعلم أنه لايوجد مستحيل وإصنع مستقبلك الذى لا يصنع على دخان الشيشة بالمقاهى، و لكن بالعزيمة والإصرار ، وإليك قصص الأخوة السوريين في مصر، وأنقلها لك من أفواه أصحابها ، قصة واحدة وحكاية واحدة تكفيك وتعطيك درس لأحد اللاجئين السوريين بمصر.

يقول أنا شاب سورى إسمى " حسين " عندى 26 سنه ومتزوج وعندى طفلتين يقول السورى الشاب، جيت مصر انا و زوجتى وبناتى وأمى وأبى وشقيقاتى البنات وأزواجهن وولادهم من اربع سنوات ، عاوز اقول لحضرتك إننا من العائلات الفقيره اللى ما كان معها نقود مثل عائلات سوريه كتير أتت الى مصر و تقريبا كل السوريين اللى نعرفهم فى مصر تخلو عنا وصيرنا عائلة بلا عمل للذكور.

نزلت الشارع للبحث عن عمل في مصر وبعد كام يوم وجدت عمل متجر رجل محترم كان بيعاملنى مثل أبنه وبعد مده ليست بالطويله بعد ما اثبت إخلاصى فى العمل قدرت انى أشغل أبى وأزواج شقيقاتى بل وشقيقاتى وصار دخلنا فى الشهر محترم جدا يعنى صيرنا بنتحصل على ما يوازى 12 الف جنيه كل العائله بدون العطايا والهدايا فى المناسبات.

جلسنا وفكرنا ووصلنا لفكره إننا نعمل صندوق للعائله نضع فيه كل الأجور ونستخدم نصف الاجور فى المعيشه والنصف ندخره لمدة عام واللى يتجمع نسوى بيه مشروع صغير ونحاول نحسن وضعنا.

لا ابالغ إن قلت لحضرتك اننا استغنينا عن كل شىء ليس ضرورى فى الحياه .. تركت التدخين انا وأقاربى .. ما أذكر ان حد فينا إشترى قطعة ملابس جديده خلال أكثر من عام وبضعة أشهر . كنا بنتقطع وإحنا شايفين ولادنا نفسهم فى حاجة حلوه أو لعبه .. بس كنا مقررين إننا نكون أو لا نكون وبالفعل بعد عام وبضعة أشهر فتحنا الصندوق لقينا صار معنا 100 الف جنيه من عرقنا وكدنا الحلال.  

قررنا نستأجر محل و قمنا بإفتتاح مطعم صغير للمأكولات السوريه والمصريه أيضا، لا تتخيل مصر والمصريين ساعدونا قد أيه .. لا تتخيل الرجل الصالح اللى شغلنا عندة فى البدايه ساعدنا ولا يزال بيساعدنا .. مصر إحتضنتنا وضللت علينا .. لينا أقارب فى بلدان أخرى عربية بدون ذكرها بيتم معاملتهم كلاجئين وأحيانا كمتطفلين وفى بعض الأحيان كعبيد. !!!

فى مصر حسينا بادميتنا وحسينا فعلا بمعنى كلمة " أم الدنيا " اللى كنا بنسمعها زمان ونتعجب ليه المصريين بيقولوا على بلدهم ام الدنيا بس لما عيشنا فيها عرفنا وفهمنا وإتعلمنا ، حضرتك مصر فيها عمل يكفى الأمة العربيه كلها وفيها خير يفيض عن حاجة الوطن العربى بأكمله القرش اللى بيوضع فى اى حاجة فى مصر بيربح تحس ان ارضها طاهره وناسها عليهم حارس.

الحكمة ياريت كل شاب قبل ما يفكر يدفع ما يملك فى رحلة موت أو يهرب نقوده إلى الخارج يفكر ألف مره هيجد نفسه يقدر يوصل .. وأكبر دليل هو أنا اللى بكلم حضرتك دلوقت وانا عامل فيها معلم واسطى...خلص الكلام وعندى موظفين والحمد لله ربنا عوضنا خير.
 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز