عاجل
الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
الخبز المحروق

الخبز المحروق

بقلم : د. أحمد عيسي عبدالله

بعد يوم طويل وشاق من العمل وضعت الزوجة طعام العشاء أمام زوجها على الطاولة وكان معه خبز محمص، لكن الخبز كان محروقاً تماماً ، فمد الزوج يده إلى قطعة الخبز وابتسم لزوجته.. وسأل ابنه الوحيد : كيف كان يومك الأول في المدرسة؟ 



يقول الابن:  لا أتذكر بماذا أجبت أبى ..ولكنني أتذكر أني رأيته يدهن قطعة الخبز بالزبدة والمربى ويأكلها كلها..وعندما قمنا عن طاولة الطعام .. سمعت أمي تعتذر لأبي عن حرقها للخبز وهي تحمصه.. ولن أنسى رد أبي على اعتذار أمي :

حبيبتي لا تكترثي بذلك، فأنا أحب أحياناً أن آكل الخبز محمصاً زيادة عن اللزوم، وأن يكون به طعم الاحتراق!!

وفي وقت لاحق من تلك الليلة  يقول الابن عندما ذهبت لأقبل يد والدي وأقول له (تصبح على خير) سألته : هل حقاً يا أبى أنك تحب أن تتناول الخبز محمصاً أحياناً إلى درجة الاحتراق؟

فابتسم وضمني إلى صدره وقال لي هذه الكلمات التي تحتاج إلى تأمل :
يا بني إن أمك اليوم كان لديها عمل شاق .. وقد أصابها التعب والإرهاق..وهناك شيئ آخر..إن قطعة من الخبز المحمص زيادة عن اللزوم أو حتى محترقة لن تضر حتى الموت.. فالحياة مليئة بالأشياء الناقصة، وليس هناك شخص كامل لا عيب فيه.

خبز محمص محروق قليلاً لا يجب أن يكسر قلباً جميلاً..

من أهم الأمور في بناء العلاقات، وجعلها قوية مستديمة هو أن نتعلم كيف نقبل النقص في بعض الأمور، وأن نتقبل عيوب الآخرين..وأن نعلم أن النقد والتأنيب المُستمر يُميت لذة الشيء..بل وربما يقطع الكثير من العلاقات التى أمر الله أن توصل..
والشجرة لو تعرضت لرياح دائمة لأصبحت عارية من أوراقها وثمارها ..كذلك الشخص .. إذا تعرض للنقد الجارح بإستمرار يُصبح سلبياً ..
فليعذر الناس بعضهم بعضاً؛ وليتغافل كل منا بقدر المستطاع عن تصرفات الطرف الآخر؛ ولنترفع عن سفاسف الأمور، فلا يخلو شخص من نقص، ومن المستحيل أن يجد أحدنا في الطرف الآخر كل ما يريده كاملاً..
كما أنه لا يكاد يمر وقت دون أن يشعر أحدنا بالضيق من تصرفات قام بها الطرف الآخر، 
ولهذا علينا أن نتقبل الطرف الآخر والتغاضي عما لا يعجبنا فيه من صفات، أو طباع،

 وكما قال الإمام أحمد بن حنبل: " تسعة أعشار حسن الخلق في التغافل"
فـإن التغافل هو تكلف الغفلة ، مع العلم والإدراك لِمَا يتغافل عنه ، تكرماً وترفعاً عن سفاسف الأمور .
فإِن من عادة الفضلاء التغافل عن الزلات، والتقليل في اللوم والعتاب.
وقد قال الحكماء:
لا يكون المرء عاقلاً حتى يكون عما لا يعنيه غافلاً. 
ومن مواقف أدب التغافل، ما ذكره ابن جريج عن عطاء بن أبي رباح قال:
إن الرجل ليحدثني بالحديث فأنصت له كأني لم أسمعه قط وقد سمعته قبل أن يولد.
إمدحوا حسنات بعضكم وتجاوزوا عن الأخطاء..فلا يوجد أحد معصوم من الخطأ فى هذا الزمان .. وانتقوا الكلمات يرحمكم الله ..فإن الكلام الجميل مثل "المفاتيح"  تقفل به الأفواه .. أوتفتح به القلوب.

*استشارى ادارة الموارد البشرية

 

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز