عاجل
الخميس 18 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
الهجرة النبوية وإدارة الموارد البشرية

الهجرة النبوية وإدارة الموارد البشرية

بقلم : د. أحمد عيسي عبدالله

لِمَاذا لمْ تكن الهجرةِ مثل الإسراء ؟ كأن يُمْسي النبي صلى الله عليه وسلم في مكةَ ويصبحُ في المدينةِ المنورة بأمرِ الله سبحانه وتعالى وبقدرته ؟ ألم يكن الرسول صلى الله عليه وسلم أحوج ما يكون إلى البراق ليطير به فى لحظة واحدة إلى المدينة؟ أليس الله بقادر على ذلك ..؟ أيُعْجِزُه سبحانَه وتعالى شيءٌ في الأرضِ أوالسماء ..؟ لا والله.. فالله سبحانه وتعالى قادرٌ على أن يأخذَ رسوله صلى الله عليه وسلم في لحظةٍ واحدة ، وينقُلُه من مكةَ إلى المدينة ، لا يحتاجُ إلى إعداد، لا يحتاج إلى اختفاء ، لا يحتاج إلى مئونة ، لا يحتاج إلى مطاردةٍ ، لا يحتاج إلى مصاحبةٍ ..



لكن الأمرَ أعمقَ من ذلكَ وأبعدَ بكثير، لماذا .. ؟ لأنه لو فُعل ذلك برسول الله صلى الله عليه وسلم وجاءَ الذين من بعدَه ممن تواجهُهُم مثلُ هذه المشاكلِ ، فأين حينَها يجدُونَ الحلَّ ؟ كيف يجدونَ المخرج ؟ إلى من يلتجئون ..؟ إنه الدينُ الذى أراده الله ليكونَ منهجاً للبشريةِ بل منهجاً لإدارة العنصر البشري فى أروع مثال على مر التاريخ، وهذه بعض الدروسَ المختصرة من الهجرةِ فى التعامل مع الأفراد وإدارة الموارد البشرية:

إتقان التخطيط وحسن توظيف الطاقات والتوكل على الله:
فالهجرة تعلمنا كيف للفرد الناجح والمدير الفعال أن يفرقُ بين التوكلِ والتواكُلِ ، كيف يأخذ الحذرَ والحِيطةَ ، وكيف لا يستكينُ ولا يستهينُ ولا ييأس أو يحبط ، فالقائد : محمد ، والمساعد : أبو بكر ، والفدائي : علي ، والتموين : أسماء ، والاستخبارات : عبد الله ، والتغطية وتعمية العدو: عامر ، ودليل الرحلة : عبد الله بن أريقط ، والمكان المؤقت: غار ثور، وموعد الانطلاق : بعد ثلاثة أيام ، وخط السير: الطريق الساحلي .

وهذا كله شاهد على عبقريته وحكمته صلى الله عليه وسلم ، وفيه دعوة للأمة إلى أن تحذو حذوه في حسن التخطيط والتدبير وإتقان العمل واتخاذ أفضل الأسباب مع الاعتماد على الله مسبب الأسباب أولاً وأخراً . 

الاستعداد للعمل تحت أي ظرف:
رأينا في هذه الرحلة استعداد أبو بكر الصّدّيق رضى الله عنه للعمل لله تحت أي ظرف، وفي كل زمان ومكان، القضية في منتهى الوضوح عند الصّدّيق، أهم شيء في حياة أبى بكر هو أن يرضي الله ورسوله، ليس هناك في حياته مكان لكلمة (الظروف)، بل كان يعتذر لكل ظرف يطرأ على حياته بأن عنده ظرفًا أعظم، وهو العمل والبذل والتضحية في سبيل الله. 
الأمانة:

في أمر الرسول صلى الله عليه وسلم لعلي رضي الله عنه بتأدية الأمانات لأصحابها في مكة، رغم الظروف الشديدة التي كان من المفروض ألا يتجه التفكير إلا إلى إنجاح خطة الهجرة  فقط، رغم ذلك فإن الرسول صلى الله عليه وسلم ما كان لينسى أو ينشغل عن رد الأمانات إلى أهلها، حتى ولو كان في أصعب الظروف التي تنسي الإنسان نفسه فضلاً عن غيره.

عظم دور المرأة:
ويتجلى ذلك من خلال الدور الذي قامت به عائشة وأختها أسماء رضي الله عنهما حيث كانتا نعم الناصر والمعين في أمر الهجرة؛ فلم يخذلا أباهما أبا بكر مع علمهما بخطر المغامرة، ولم يفشيا سرّ الرحلة لأحد، ولم يتوانيا في تجهيز الراحلة تجهيزاً كاملاً، إلى غير ذلك مما قامتا به. 
إدارة التنوع الثقافى وقبول الآخر والاستعانة بهم:

فقد رأينا أن النبي صلى الله عليه وسلم وأبا بكر استأجرا مشركاً ليدلهم على طريق الهجرة ودفعا إليه راحلتيهما وواعداه عند غار ثور، وهذه أمور خطيرة أطلعاه عليها ، ولا شك أن النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبه وثقا به وأمناه ، مما يدل على أن غير المنتسبين إلى هذا الدين قد يوجد عندهم ما يستدعي الوثوق بهم ، كأن تربطهم رابطة القرابة أو المعرفة القديمة أو الجوار أو عمل معروف أو لأن هؤلاء عندهم نوع جيد من الأخلاق الأساسية مثل الأمانة وحب عمل الخير إلى غير ذلك من الأسباب ، والمسألة تقديرية يترك تقديرها إلى فطنة القائد ومعرفته بالشخص.

الشخص المناسب في مكانه المناسب:

 فى تغطية بديعة لكل مراحل رحلة الهجرة، والاقتصار على العدد اللازم وبدون زيادة ولا نقصان، دون مراعاة للقرابة والنسب والمصالح الشخصية، فهذه هي أبرز أسس اختيار الأفراد في حمل الرسالة.

 كانت هذه بعض الوقفات المختصرة جداً من الهجرةِ فى التعامل مع الأفراد وإدارة الموارد البشرية حيث كانت الهجرة النبوية من مكة إلى المدينة المنورة أعظم حدث حول مجرى التاريخ ، وغير وجه الحياة ومناهجها الإدارية و الأخلاقية والسلوكية.

*استشارى ادارة الموارد البشرية

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز