عاجل
الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
الحرب المعنوية

الحرب المعنوية

بقلم : د. محمد فاروق

حرب معنوية يشنُها علينا مجموعة من العملاء والخونة في أقل تقدير وتوصيف ، مدهش أن يتهمنا بائعي مصر بمنافقة الدولة تحت مسمى " المبرراتية " و " اللجان الإليكترونية " ! و في الحقيقة هذا المشهد يأخذني لأبعد من ذلك ، هذا المشهد يدفعني دفعاً لإسقاطه على مشاهد كثيرة كانت كفيلة بكراهيتنا المستحقة لهذا الصف الأعوج من العقول الصبيانية التي تكذب ، وتعلم أنها تكذب ، وتعلم أننا نعلم أنها تكذب ! ومع ذلك فهي تتحدث كأنها ملائكة الأرض وأصحاب الصبر على المظالم ! ثم يتبعها فريق أو قطيع يَهرِف بما لا يعرف ! وكل مرادهم هو خلق جدار صلد بيننا وبين الماضي القريب لعدم إسقاطه على الحاضر ، يسعون إفقادنا القدرة على المقارنة ما بين الأمس واليوم ، لتضيع منا بوصلة الغد ، ومن يستطع منا الهروب من هذا الشَرَك فهو من " المطبلاتية " في أعرافهم !



نحن المبرراتية واللجان الإلكترونية !

وحتى ننجو من هذه " التهمة " كان لزاماً علينا أن ننقلب على النظام الحالي بمجرد أن ينقلب عليه السادة باسم يوسف وبلال فضل ويسري فودة ومجموعة الصف الأعوج بقيادة ضمير الثورة البرادعي بك ! وإياك إياك أن تتذكر من " الماضي القريب " إلا يناير فقط ، إياك أن تتذكر أياً من المشاهد التي تجعلك " تحسبها بالعقل والمنطق " إياك إياك أن تتحدث بطريقة " كنا فين وبقينا فين "وإلا فأنت من المبرراتية واللجان الإلكترونية !

إياك أن تتذكر احتلال أولاد ابو اسماعيل لمدينة الإنتاج الإعلامي ، أو مئات الآلاف من المتطرفين في جمعة قندهار المتجمعين بميدان التحرير ، أو مئات الآلاف المتجمهرين بنفس التوقيت عند تمثال نهضة مصر والفقرة الشهيرة لمحمد حسان عندما قال " اليوم دخل الإسلام مصر " ! إياك أن تتذكر ذلك أو تحسب آثاره السلبية الاجتماعية والاقتصادية ! " وإلا فأنت من المبرراتية واللجان الإلكترونية !

إياك أن تتذكر هذه اللافتة الكبيرة التي كانت ضمن مجموعة لافتات ملئت شوارع مدينة نصر و مُدوَّن بها " المرشد العام لجماعة الإخوان يرحب بزيارة الأخ / اسماعيل هنيه " وما تحمله هذه اللافتة من المعنى الحقيقي للضياع !   كنا على وشك تحويل مصر إلى جماعة إخوانية عالمية رسمياً ، ثم الجيش الحر بقيادة حماس وفتح والفصائل الفلسطينية ، ثم جبهة النُصرة المصرية ! 

بمنتهى الألم والدموع أتذكر كنائس مصر العتيقة التي أصابها ما أصابها من الحرق والتشويه ، والأبرياء الذين قُتلوا في مراسم أفراح أو قُدّاس وخلافه ، إياك أن تتذكر هذا التشرذم المجتمعي والطائفية التي ضربت مصر لتلتمس لهذا النظام الذي يحمل على عاتقه إصلاح ما أفسدته هذه الفترة على شتى المناحي المجتمعية والاقتصادية فضلاً عن أن تدين له بشئِِ من الولاء ! "وإلا فأنت من المبرراتية واللجان الإلكترونية !

إياك أن تتحدث عن حالة التطهير التي تتم على حدود مصر في حربها ضد الإرهاب والتطرف وسعيها لخلق بيئة مجتمعية داخل منطقة سيناء بكاملها ، إياك أن تتذكر أن هذا كله يؤثر لا محالة على حالتك الاقتصادية أو مستوى التقدم المأمول ! إياك أن تذكر لهذا النظام أنه ولأول مرة تتجرأ مصر في عهده على تطهير سيناء من دَنَس الأنفاق والتهريب والإرهاب الذي عاش في أحضانها عقوداً لسببِِ أو لآخر ! وإلا فأنت من المبرراتية واللجان الإلكترونية !

إياك أن تحسب تلك الآثار الجانبية السلبية للثورة وتأثيرها على الاقتصاد أو أن تضعها كقيمة مضافة سلبية للحالة التي كنا عليها قبل يناير 2011م ، إياك أن تُعمل عقلك ، فقط قُم في صبيحة كل يوم واكتب عن الفقراء والمهمشين وسوء البنيَّة التحتيَّة والخدمات والتعليم والرعاية الصحية المتدنية ، ولا تكتب شيئاً عن حي الأسمرات بالقاهرة ، وغيط العنب بالأسكندرية ، ومساكن الإسماعلية الجديدة ، وطريقة البناء المتكامل والخدمات المتوفرة لمناطق كانت بالأصل وباء عظيم وليس عشوائيات فقط ، إياك أن تذكر شيئاً من ذلك ، وإلا فأنت من المبرراتية واللجان الإلكترونية !

في كل خطوة يلعنون هذا النظام ، أو بالمعنى الدقيق يبغضون " السيسي " ويتمنون له الفشل ! فقط لأنه سرق منهم مصر ليحميها من " تجارب الفئران " !

نحن اللجان الإلكترونية ومجموعة المبرراتية نعلم علم اليقين أن حالتنا الاقتصادية متردية ، ونعلم أن المواطن المصري يُعاني ربما أكثر ما كان يُعاني قبل 2011م ، مَن منّا قال يوماً أننا حققنا طموحاً اقتصادياً يصل بنا إلى إنعاش حالة المواطن الفقير ويرفع عن كاهله أعباء كانت منذ عقود وما زالت تأكل من جسده وعظمه وعقله ؟ بل يتحدث العالم الخارجي عن إنجازات مصر الاقتصادية في صبيحة كل يوم ، ترى تقارير للبنك الدولي أو ارتفاعات للتصنيف الائتماني من قبل المؤسسات العالمية كدلالة على خط السير الاقتصادي وعجلة التنمية التي ستؤدي حتماً بنهاية المطاف إلى تحقيق عدالة اجتماعية رويداً رويدا .

إياك أن تتحدث عن مستقبل قناة السويس الجديدة أو المنطقة اللوجستية ، أو الأنفاق التي أوشكت على الانتهاء والتي ستربط سيناء بمدن القناة ، وصولاً إلى التنمية الحقيقية التي كنا ننشدها أبد الدهر لهذه المنطقة العزيزة على قلوب المصريين والتي ضحى من أجل استردادها خيرة الرجال و زهرة الشباب المصري في مثل هذه الأيام المجيدة .

إياك أن تتذكر أن مصر كانت مدينة لأحقر دولة عربية " قطر " بأكثر من 5.5 مليار دولار عبر سندات مطروحة ببورصة إيرلندا في العام 2013 بموافقة ومباركة " رخيص الجمهورية السابق – محمد مرسي " ! ثم قمنا بسدادها في عامين بالرغم من المعاناة الاقتصادية وأزمة الدولار وصعوبة توفير العملة الأجنبية ، هذا بخلاف مليار دولار تم سداده لنادي باريس .

لو تركت للقلم العنان حتى يسير في اتجاه " إياك أن تتذكر " لن أنتهي من كثرة ما أتذكر ! لكن الصف الأعوج هو الآخر لا يريد أن يتذكر أن هذه الدولة بلغت من الحالة المترديَّة على كافة الأصعدة ما يصعب معه تحقيق تقدم ملموس في عقود ، فالحالة الاقتصادية  والفجوة ما بين الموارد والموازنة العامة للدولة وميزان المدفوعات لم يكن لها بديل إلا التسول والبحث عن المنح العربية ، دونما أدنى فكر لتطوير وإدارة موارد الدولة بالشكل والكيفية التي ترقى لكون مصر بلد سياحي وزراعي ، فضلاً عن إمكانية إثبات وجوده كبلد صناعي بما يتوافر لديه من طاقات بشرية إلى جانب شيئاً من تطوير البنية التحتية وتوفير سُبل الطاقة وخلافه !  هذه الدولة التي غابت عنها العدالة الاجتماعية التي تسببت في احتقان شعبي واسع ومُستحق ، مستوى تعليمي في الحضيض ، ومدارس عفى عليها الزمن ، وخدمات صحية لا ترقى لوقاية وعلاج الحيوانات فضلاً عن الإنسان ، أجهزة طبية تعود لعقود من الزمان ، لا استثناء في ذلك على طول وعرض مستشفيات الجمهورية ، إنهيار في البنيَّة التحتيَّة لمياه الشرب والصرف وخلافه ، وفساد مُستشري لا يخدم إلا البقاء الآمن لصاحب السلطة في أي موقع ، ما أدى إلى توسيع الفجوة بين الكارثة وفترة الإصلاح التي تستلزمها !

إياك أن تتذكر شيئاً من ذلك ، ثم إياك أن تتحدث عن انتهاء كوارث فعلية مثل طوابير الخبز والوقود وحالة الكهرباء المنزلية فضلاً عن المصانع ، ثم حذاري أن تضرب الأمثلة وتقارن ما بين مصر وسوريا أو ليبيا وغيرهما من دول المنطقة !

عليك فقط أن تقوم في صبيحة كل يوم لتتحدث عن الديمقراطية ومطالب وأهداف الثورة ، ولا غضاضة في أن تُلهب حديثك بشيء من المتاجرة بآلام الفقراء ، وفشل الدولة في ضبط أسعار السلع أو العملات الأجنبية أو أو ! ثم تنتظر بين الفترة والأخرى لتخرج من حديث الرئيس بفقرة وجملة تستخدمها في السخرية وإهانة كل خطوة على طريق المستقبل ، ناهيك عن الحرص الشديد في إشاعة اليأس في نفوس الشعب الذي ربما يقتطع من قوت يومه ليتبرع لمصر " ولو بجنيه " ! أو حتى يؤيد خصم " الفكة " لحساب صندوق تحيا مصر الذي يؤدي دوراً عظيماً في إنهاء عشوائيات مصر على طول وعرض الجمهورية ، فضلاً عن الوصول لعلاج مرضى فيروس C لرقم لم يحققه العالم أجمع حتى يومنا هذا !

لن تهزمنا هذه الحرب المعنوية ، ولن نكف عن ذكر آلام الماضي ، ولن نسكت عن كل إنجاز يُضيء لنا على درب المستقبل أملاً في غدِِ واعد وليس أفضل فحسب، فلو كانت حروب السخرية تُؤتي ثماراً أو تُحقق مردوداً مع شعب مثل شعب بلادي العظيم لكانت كفيلة بضياع مصر بعد هزيمة 67 ، ولكانت مانعة وحائلة من تحقيق نصر أكتوبر العظيم الذي نعيش أجواءه المجيدة في تلك الأيام ، وعلى الله قصدُ السبيل .

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز