عاجل
الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
الخــــوف

الخــــوف

بقلم : د. داليا مجدى عبدالغنى

كلمة الخوف في حد ذاتها قادرة على بث كافة الطاقات السلبية بداخل الإنسان ، رغم أن الخوف شعور بشري طبيعي جدًا ، مرتبط بالإنسان ، ورغم أنه يكون ظاهرة صحية في كثير من الأحيان ؛ لأنه هو الذي يدفع الإنسان إلى أخذ حذره ، والامتناع عن إيذاء نفسه أو غيره ، واجتهاده في حماية نفسه والآخرين ، ولكن الخوف رغم إيجابياته ، إلا أنه إذا ازداد للدرجة القاتلة ، فلا مناص من أنه سيتحول إلى عدو لدود ، يقتل كل شعور بالراحة والطمأنينة بداخل الإنسان ، بل إنه سيُحول حياته إلى جحيم وسعادته إلى شقاء ، وسكينته إلى قلق . فللأسف ، هناك الكثير من الأشخاص الذين يخافون من كل شيء في حياتهم مهما قلت أهميته ، فهم يخشون السفر ؛ حتى لا يكونوا ضحايا الحوادث ، ويخشون دخول أشخاص جدد في حياتهم ؛ حتى لا يجلبوا لهم المشاكل ، أو يُوشون بهم ، ويخشون التحدث مع الآخرين ، أو إبداء آرائهم صراحة ؛ حتى لا تفلت ألسنتهم بكلمات تُحسب عليهم ، ويخشون من الحب ؛ حتى لا يقعوا فريسة لمشاعرهم ، ويخشون من كل شيء في حياتهم . وللأسف ، هؤلاء يفسرون خوفهم الشديد بأنه حذر وحيطة من أي ضرر قد يصيبهم ، ويتناسون أنهم بتصرفاتهم هذه يحرمون أنفسهم من متعة الحياة ولذة التجربة ، ويتجاهلون أن القدر لن يمنعه حذر ، بل على العكس يؤكدون أنهم بذلك لا يُلقون بأنفسهم إلى التهلكة ، ولكن في الواقع هم يُفسرون الآية القرآنية تفسيرًا خاطئًا ، فالآية لم تأمرنا بأن ننزوي عن الحياة ، ونهرب من مواجهتها ؛ حتى لا نهلك ، ولكنها أمرتنا بالتفكر والتدبر والدراسة المتأنية قبل خوض التجارب ، فليس للإنسان إلا ما سعى ، وعلينا أن ندرك أن أفقنا مهما اتسع ، فله حدود لا يمكننا أن نتعداها ، والقدر سينفذ فينا مهما حاولنا وأخذنا احتياطاتنا ، لذا لمَ نحرم أنفسنا من متعة الحياة بحجة حماية أنفسنا ؟ فهل لو عشنا في حجرة مظلمة لا ينفذ إليها النور أو الهواء سنستطيع منع مقدراتنا أن تنفذ إلينا ؟! بالقطع لا ، فالأقدار لا تأخذ أوامرها من البشر ، ولا تقف عند حد حذرهم ، وليست رهنًا لإشارة احتياطاتهم ، فهي نافذة لا محالة ، ولن يوقفها إلا الدعاء الصادق ، فهو فقط القادر على تغيير القدر ، أما الحذر ، فهو إجراء بشري لن يتعدى حدوده .



لذا ارحموا أنفسكم من مرض الخوف الذي يسيطر على عقولكم ويُدمي قلوبكم ، وحاولوا أن تعيشوا وتستمتعوا بكل ما فيها من خبرات ، ولا تظنوا أن الأخطار بعيدة عنكم بسبب بعدكم عن الحياة ، فالابتعاد عن الحياة في حد ذاته خطر ، وأكبـر قاتل وأشد مرض ، فنحن لم نخلق لكي نسجن أنفسنا داخل جدران الخوف ، وإنما خُلقنا لكي نحيا ونسعد ونُجرب ، فقُوا أنفسكم بالدعاء وحسن الظن بالمولى – عز وجل - .

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز