عاجل
السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
من أقوى من الدولة؟؟

من أقوى من الدولة؟؟

بقلم : طارق العكاري

تركنا مبارك في عشوائية متسلطة من حَوكمة الاسواق، فعندما ننظر إلى دول العالم نجد أن الأسواق مُحوّكمة ومُسيطَر عليها بيد من حديد وقوانين من نار. يأتي ذلك في ظل المناداه بتطبيق آليات السوق الحر وعدم تدخل الحكومات في تجديد أسعار السلع والمنتجات وهو حق يُراد به باطل.



وأصبح لكل صناعة أباطرتها. فإذا نظرنا إلى صناعة المنتجات الرياضية نجد أسدين كبيرين هما أسياد الأسواق وتأتي النمور في مستويات أقل. كذلك صناعة الأسمنت، فنجد أكبر شركتين لصناعة الأسمنت اتحدتا منذ سنوات ليصبح إجمالى إنتاجهما 426 مليون طن والمنافس اللاحق لهم حوالي 277 مليون طن.

ويقوم البنك الدولي بدور البطل في تجهيز المسرح في الدول النامية لزيادة مبيعات الأباطرة وسحق الشركات المحلية وخلق حواجز مرتفعة تحول دون وصولهم لحجم مبيعات محلية يدعم قدرات المؤسسه علي التوسع العالمي أو تطوير وتحديث المنتج. وتعتبرالجزائر من البلاد العربية القليله التي رفضت الدخول في حلقة البنك الدولي المفرغة وهى حتى الآن لا تقبل بتدخل البنك الدولي في سياستها النقدية. وإلى الآن يعيش الشعب الجزائري بدون هيئة لسوق المال أو تحويلات بنكية، وأصبح لديهم فائض ميزانية ما يزيد عن 200 مليار دولار. وتعد قوانين الاستثمار للقطاع الخاص هي الاكثر شراسه بما فيها من قيود علي تحويل ارباح الاستثمار لبلد المنشأ.

 وتواجه الدوله المصريه ذات السبعه آلاف عاماً من العمر أزمة توافر النقد الأجنبي نتيجه عوامل خارجيه وداخليه معروفه. وعند النظر إلى سوق الصرافة (السوق السوداء حالياً) نجد أنهم الآن الطرف الأقوى من الدولة لعدة أسباب ومؤشرات  تتلخص في وجود الطلب على السوق السوداء لعدم توافر العملة في البنوك – بغض النظر عن أسباب عدم توفرها – ووجود فاتورة استيراد بأقل من القيمة الحقيقية وهو عرف سائد منذ عقود طويلة يتبعه المستوردين هروباً من تحسين السعر الجمركي الذي يصل الآن إلى 200%.

ففي عهد مبارك، لم يكن هناك قيوداً على التحويل من الحسابات الشخصية في مصر إلى الخارج، وقد فرض البنك المركزي قيوداً على التحويلات بعد الثوره، ليصبح المستورد مجبر على تهريب فرق الفاتورة إلى الخارج عن طريق تجار السوق السوداء بزيادة من 4-6% على قيمة التحويل، ناهيك عن أرباح فرق سعر العملة.

ودلالة قوة السوق السوداء ووحدة مخالبها أمام الدولة هو عدم قدره البنوك علي اصدار قراراً بحتميه تقديم إيصالات دالة على مصادر تحويل العملة الأجنبية من المستورديين. فهل يقوى تاجر العمله على إصدار إيصالات تغيير العملة بقيمة السوق الفعلية؟ وهل تمت العمليه من خلال إحدى شركات الصرافه المُرخصه؟ وبفرض أن الاجابه نعم وليست الاجابه تونس وبفرض عدم شموليه الايصال السعر الحقيقي فعلي الأقل تتعرف الدولة على حجم التداول الحقيقي لكل شركة صرافة أو تاجر سوق سوداء. ولا أتهم المستورد بالضغط على الدولة. فهو مجبر على التعامل مع سوق الصرافة، ومهنة الاستيراد هى مهنته التي نشأ عليها فثلاثة آلاف جنيهاً فقط كافية لاستخراج بطاقة استيراد ليصبح في مصر مستورد لكل 112 مواطن تقريباً – يوجد 820 ألف بطاقة استيراد في مصر- ومازال الحال كما هو عليه، فلم تعظم الدولة رسوم أو مصروفات استخراج بطاقة استيراد أو فرضت قيودا علي استخراجها.

نحن الآن على أعتاب البالون الأختباري بتعويم الجنيه المصري أمام الدولار أو خفض قيمته مرة أخرى - وهو أمر حتمي – فليس لدينا رفاهية الأختيار. فإن لم تكن خطة الدولة مبنية على وجود وفر من العملة المحلية بالبنوك فستظل السوق السوداء موجودة لأن الطلب مازال موجوداً. وإذا لم تقم الدولة بتحديد حد أقصى لتحسين السعر أو وضع رادع لمن يقومون بتزوير الفواتير - وهو أمر جد خطير -  فسنظل في نفس الحلقة المفرغة من سوق الصرافة.

الأمور الحتمية هى أمور اللاختيار. فماذا نحن فاعلون لنصبح أصحاب الاختيار؟

التوقف عن العمل بالحلول التقليديه المتروكة في أدراج دوله مبارك هى أول حجر يجب نسفه لتحسين المنتج المصري وزيادة الصادرات. فيجب علينا الخروج من نفق التقليلدية إلى حلول خارج الصناديق وليس خارج الصندوق الواحد بتوسيع دائرة الدفع الضريبي وفرض رسوم على الكيانات الصغيره والكبيره في السوق الموازي. فما معني تواجد ورشه أو محل بدون ترخيص لسنين ولا يتم غلقه أو تقنينه. ما معني سير مركبات بدون لوحات (التوكتوك)؟ فلا تمنع الدوله سيرها ولا تقنن أوضاعها. هل ستقوى الدوله علي إيقاف 200 أو 300 الف توكتوك يسيرون في شوارع مصر في ظل الهاجس الامني المنطقي المسيطر علي صانع القرار؟ الاجابه تونس مره اخري، فيما بين عدم القدره والضعف غرفه تُدعي حلول خارج الصندوق.

في مصر، تئن الشركات الصناعيه وخاصه المستثمرون من قبل الثوره حتي الان من المرض والوهن الذي أصاب كل مواردها. فنحن يا ساده كالمريض الذي أجرى عده عمليات جراحيه ومكث شهوراً في غرفة العنايه المركزه وبدلاً من أن يذهب لمنزله ليقضي فتره النقاهه ذهب إلى عمله مجبراً لإيجاد ثمن الدواء.

كيف تتحدث الدوله عن تشجيع التصدير في ظل هذا الصمت التسويقي العاجز من المجالس التصديريه؟ فهل يقوم المجلس التصديري بدوره في فتح مساحات في المعارضة وشراء رعايات لدعم الصادرات ويدعو المصنعيين إلى الذهاب في المساحة المشتراه بإسم مصر كما تفعل تركيا في معارض الخليج و اورب؟ وللعلم تقوم تركيا بشراء الرعاية (sponsorship) بإسم الدولة ويأتي المصنعيين والمصدريين في كنف الدولة فلا تحزن عندما تجد جناحين فقط لمصر في واحد من أكبر المعارض العالميه لمواد البناء في الإمارات وترى تركيا والصين والمانيا متصدرون المشهد بمساحات شاسعه ورعايات دول تعمل علي تشجيع التصدير فعليا.

 ما يحزن أن مصر تمتلك صناعات جيدة للبتروكيماويات والحديد والصلب واللدائن والالومينوم، فكيف لا نكون متواجدون بقوة في هذه المعارض المقامة قي البلاد الصديقة الداعمة لمصر؟ أيضا يجب تفعيل الدور الغائب لمركز تحديث الصناعة بسبب عدم وجود تمويل، وهو أحد أبطال عبور مصر 2016 من أزمة العملة الأجنبية وتحسين ميزان الصادرات والواردات. يجب علينا الانتباه أن تطوير المنتج المصري وإعطائه الشهادات اللازمة للتصدير هو سبيل رئيسي للتصدير وهو ما كان يقوم به مركز تحديث الصناعة قبل الثورة من تطوير وتأهيل الموارد البشرية والمنتج على حد سواء.

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز