عاجل
الثلاثاء 7 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
معنى الحب .. معنى الخير .. معنى القدرة الأسمى

معنى الحب .. معنى الخير .. معنى القدرة الأسمى

بقلم : د. عزة بدر

نتجدد , نستعيد لحظات الفرح وهو يتوج أعماقنا ويفجر فيها طاقات قدرة وأمل مع كل احتفال بنصر أكتوبر 1973 الذى تحول إلى معنى للحب , وللخير , وللنور .
نتحول بقدرة قادر إلى شهود عيان لحدائق البهجة التى تتخلق فى داخلنا , وينابيع محبة لأبطالنا الذين عبروا , وحققوا النصر , للمواطن المصرى العاشق لوطنه , نتوق شوقا للذكرى التى تمنحنا عنفوانها لم تزل , بعد ثلاث وأربعين عاما لم تزل دافئة يد الذى رفع العلم , لم تزل أبصارنا معلقة به , بالعلم الذى كتبت فيه أجمل قصائد نصر أكتوبر , وبالقصائد التى حفظنا بعضها , ولايزال الكثير منها فى حاجة إلى الدراسة والتسجيل لأنها وثائق تؤرخ لفرحة شعب  لقدرة الشعر فى أن يكون توءما للشعور الوطنى , ولقدرة الفن فى إعلاء قيم الحق والخير والجمال .
رفاق الموجة الأولى :
عديدة هى القصائد التى كُتبت لتسجل اللحظات الأولى للعبور
لشعراء مقاتلين كتبوا قصائدهم على الجبهة , ومنها قصيدة للشاعر عباس توفيق خضر , شاعر تدفقت فى قلبه كل معانى العطاء فى لحظة العبور فيقول فى قصيدته " صفحات من مذكرات شاهد عيان " :
" حين رأيت وجوه الجمع المرتهن أضاءت / ِبِشْرا / كان سرورى / لكن حين رأيت رفاق الموجات الأولى / شقوا عبر حقول الموت دروبا / أكثر أمنا للآتين / جن جنونى / صحت بأعلى صوت / قلت لنفسى / أنت ضنين .. أنت ضنين / عانقت الخطر ونمت بحضن الموت مرارا " .
بدر سيناء :
وقد اختص الشاعر حسن النجار العبور إلى سيناء بأكثر من قصيدة , تتملى كلماته مذ كتبها فإذ بها أناشيد الخصب والعطاء , باقات ورد لم يزل أريجها يجعل لأكتوبر فى نفوسنا بهجة خاصة فهو شهر النصر , وأوان قطاف الثمار فهو عيدنا الذى يتجدد فينا كل عام .
من قصيدة " فصل التعميد " لحسن النجار :
" كان انتظارك لى جمرة / وانتظارى الجواد / قومى ياحبيبتى ياجميلتى وتعالى / لأن الشقاء قد مضى / والمطر زال / الزهور ظهرت فى الأرض / بلغ أوان القضب وصوت اليمامة سُمع فى أرضنا ياحمامة فى محاجىء الصخر / فى ستر المعاقل / أرينى وجهك / سرت فى رأس الكتيبة / غرغرات النهر فى صدرى / وأزهار المسافات الغريبة / صحت يا أجنادها / عبوا نبيذ الأرض فى يوم يطول / وامنحونى من هديات الفصول " .
وفى قصيدته " آخر الأناشيد فى صحف التجويد " يصف فرحته بالنصر :
" إنى انتظرتك ألف عام كى تجىء / يابدر سيناء المولى فى رقاب الخيل / حلم أنت أم نار النبوءة من جديد / هذه الأرض التى تأتى وتأتى / كم سهرت الليل أغزوها بأحجار النعاس / إنى انتظرتك فى فصول الغوث / وجهى شارتى ويداى عكاز السبيل " .
العُرس :
ومن القصائد الجميلة التى تنبأت بقرب وقوع الحرب وتحرير الأرض قصيدة الشاعر مصطفى الجرف التى نشرت بمجلة " الجديد " , العدد 27 بتاريخ 15 فبراير 1973, ص 60 , والتى يؤكد فيها أن يوم عرسه هو يوم العبور واستعادة الأرض فيقول :
" أجلوا العُرس فإنى ذاهب توا / لأعراس الرماح / للعريش .. للرياح السافيات / للرمال الباكيات / أجلوا العُرس فإنى لا أريده / إن لى وطنا عزيزا سأعيده بالسلاح " .
أناشيد للعلم
عديدة هى القصائد التى تغنت بنصر أكتوبر ومنها قصيدة " أغنية للأيدى السمراء "  لحسن فتح الباب , وقصيدة " تنويعات على ألحان العبور " لأحمد سويلم , وقصيدة " مذكرات من جندى مقاتل واستشهد " لكمال إسماعيل , وقصائد لفتحى سعيد , وفاروق شوشة , وأحمد الحوتى , وأحمد عنتر مصطفى , وعبد المنعم رمضان .
وقد بلغت القصائد الشعرية التى تغنت برفع العلم على سيناء والقصائد التى كتبت مهداة إلى أول جندى رفع العلم ذروتها الفنية فى قصائد صلاح عبد الصبور , وأحمد عبد المعطى حجازى , وتعد من أجمل قصائد نصر أكتوبر فقد كتب عبد الصبور قصيدتين تحت عنوان " رسالتان إلى أول جندى رفع العلم فى سيناء " , وكتب حجازى قصيدة بعنوان " علم القنطرة شرق " .
إلى أول جندى رفع العلم فى سيناء
وفى هذه القصيدة يقول صلاح عبد الصبور :
تمليناك حين أهَلَ فوق الشاشة البيضاء
وجهك يلثم العلما
وترفعه يداك
لكى يحلق فى مدار الشمس
حر الوجه مقتحما
ولكن كان هذا الوجه يظهر ثم يستخفى
ولم ألمح سوى بسمتك الزهراء والعينين
ولم تعلن لنا الشاشة نعتا لك أو اسما
ولكن كيف كان اسم هنالك يحتويك ؟
وأنت فى لحظتك العظمى
تحولت إلى معنى
كمعنى الحب .. معنى الخير , معنى النور ..
معنى القدرة الأسمى
تراك
وأنت فى ساح الخلود وبين ظل الله والأملاك
تراك وأنت تصنع آية , وتخط تاريخا
تراك وأنت أقرب ماتكون
إلى مدار الشمس والأفلاك
تراك ذكرتنى ,
وذكرت أمثالى من الفانين والبسطاء
وكان عذابهم هو حب هذا العلم الهائم فى الأنواء
وهاهو عاد يخفق فى مدى الأجواء
وخوف أن يمر العمر , لم يرجع إلى وكره
فهل باسمى وباسمهم لثمت النسج محتشدا ؟
وهل باسمى وباسمهم مددت للخيوط يدا ؟
وهل باسمى وباسمهم ارتعشت بهزة الفرح
وأنت تراه يعلو الأفق متئدا ؟
وهل باسمى وباسمهم همست بسورة الفتح
وأجنحة الملائكة حوله لم تحصها عددا ؟
وأنت ترده للشمس خِدْنا باقيا أبدا
هنيهات من التحديق حالت صورة الأشياء
فى هذه العينين
وأضحى ظلك المرسوم منبهما
رأيتك جذع جميز على ترعة
رأيتك قطعة من صخرة الأهرام منتزعة
رأيتك حائطا من جانب القلعة
رأيتك دفقة من ماء نهر النيل
وقد وقفت على قدمين
لترفع فى المدى علما
يحلق فى مدار الشمس
حر الوجه مبتسما .
 
وفى الرسالة الثانية التى كتبها صلاح عبد الصبور إلى أول جندى رفع العلم فى سيناء مقبلا ترابها  يقول :
" ترى ارتجفت شفاهك
عندما أحسست طعم الرمل والحصباء
وماذا استطعمت شفتاك
عند القبلة الأولى
وماذا قلت للرمل ؟
الذى ثرثر فى خديك أو كفيك
حين انهمرت تسبيحا وتقبيلا
وحين أراق فى عينيك شوقا كان مفعولا
ومد لعشقك المشبوب ثوب الرمل محلولا
وبعد أن ارتوت شفتاك
تراك كشفت صدرك عاريا بالجرح مطلولا
دما .. ومسحته فى صدرها العريان
وكان الدمع والضحكات مجنونين فى سيماك
وكنت تبث ثم تعيد لفظ الحب
مذهولا
ترى أم كنت مقتصدا
كأنك عابد متبتل
يستقبل النفحات
ويبقى السر طى القلب مسدولا
ترى أم كنت ترخى فى حبال الصبر
حتى تسعد الأوقات
حين تطول كفك
كل ماامتدت عليه الشمس والأنداء
وتأتى أمسيات الصفو والصبوات
يكون الحب فيها كاملا
والود مبذولا
تنام هناك بين ضلوعها
ويذوب فيك الصمت والأصداء
ويبدو جسمها الذهبى متكئا على الصحراء
يكون الشاهدين عليك
النجم والأنواء
ويبقى الحب للآباء موصولا .
 
قصيدة " علم القنطرة شرق " لأحمد عبد المعطى حجازى  :
" كل راياتنا قطع من قماش
وأنت العلم
مصر أنجبت الناس
والحب أنجب أبناءهم
واصطفى المجد أجملهم
واهبا لك أرواحهم ياعلم
كلما نقلوا فى الطريق إليك قدم
نسجوا فيك خيطا
ومن كل قطرة دم
رسموا فيك لونا
فهم أنت
مابرحوا ينقصون , وتزداد
ينحدرون وتعلو
لقد قسموا فيك أنفسهم
جسدا ضاربا جذره فى الرمال
وروحا مرفرفة فى القمم
قل لنا ياعلم
افتدونى
نجبك نعم
ونجبك نعم  " .
مع أعياد نصر أكتوبر نتجدد , تتولد فينا طاقات القدرة والعطاء , نتطلع لغد أفضل , " مصر أنجبت الناس " ,
والحب أنجب أبناءها , وأبدع شعراءها .



تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز