عاجل
الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
عقارب الزمن!

عقارب الزمن!

بقلم : د. طه جزاع

منذ أن كتب الروائي الانكليزي هربرت ويلز روايته الخيالية الشهيرة آلة الزمن في العام1895 التي تنبأت بمستقبل مظلم للبشرية حيث تنقسم إلى جنسين من البشر تبعا للمسافة الطبقية بين الأغنياء والفقراء، أحدهما جنس منعم لكنه غبي وضعيف، والآخر فقير يعيش تحت الأرض ولا يمت إلى البشر بصلة وهو اقرب إلى الحيوانات ، ومنذ أن أعلن ألبرت اينشتاين عن نظرية النسبية التي لا تمنع معادلاتها الرياضية والفيزيائية النظرية فكرة السفر عبر الزمن، أجريت الكثير من التجارب التي أثبتت إن العودة بالزمن مستحيلة عمليا، وان السفر عبر الزمن لا يمكن تخيله إلا بالتصورات الذهنية والمعادلات الرياضية التي لا يمكن أن تطبق على ارض الواقع ، ومع ذلك فأن العالم الروسي  شيرنوبروف أعلن في العام 1997 انه توصل إلى صنع آلة بدائية يمكنها أن تكون أول آلة زمن حقيقية ، وقد قام بتجربة اكتشف فيها وجود فارق زمني بين ساعتين يبلغ 30 ثانية ، مما يعني انه وضع الخطوة الأولى للسفر عبر الزمن ، ومن ذلك الحين بقي أمر هذا العالم سرا وبقيت تجربته طي الكتمان!



واستنادا إلى رواية ويلز ومعطيات اينشتاين النظرية، أقدم المخرج السينمائي الأميركي سيمون ويلز في العام 2002 على تقديم فيلمه آلة الزمن الذي يعتمد قصة بسيطة حول شخصية الاسكندر الأستاذ الجامعي الذي يفقد حبيبته وخطيبته على يد لص حاول سرقة عقدها ، فتصاب بجرح بليغ تفارق على أثره الحياة ، مما يجعل الأستاذ في حالة نفسية مأساوية دفعته للتفكير بصنع آلة يسافر فيها عبر الزمن وليرجع إلى الوراء وينقذ حبيبته من الموت ،  وإذا كان المرء يفكر بإرجاع الزمن إلى الوراء ليتدارك أخطاء وحوادث شخصية مأساوية في حياته ، فما بالك بمن كان خطأه وبالا وجحيما على مجاميع من البشر، كل ذنبهم إنهم كانوا ضحايا لأخطاء كارثية جسيمة لا ناقة لهم فيها ولا جمل؟ !

الحقيقة المرة إن عجلة الزمن لا تدور بخلاف سيرها المتقدم دوما إلى الأمام ، وان عقارب الساعة لا تعود إلى الوراء مطلقا ، وكل من يظن إن الزمن يمكن أن يعود القهقري ، ليبدأ بتغيير أحداث وأقدار حياته وتصحيح قراراته وخياراته الخاطئة ، فأنه إما أن يكون مجنونا ، أو انه من عشاق مشاهدة أفلام الخيال العلمي التي توهم المشاهد إن هناك آلة للزمن يمكنها العودة بمستخدمها عشرات أو مئات أو آلاف السنين إلى الوراء ، أو تتقدم به نحو مستقبل بعيد ، في أكذوبة لا يؤمن بها إلا السحرة المخاريف ، ولا تطوف إلا في خيالات المراهقين أو الكتاب والعلماء المغامرين أو القادة المجانين!

والزمن الحقيقي هو الذي يصنعه الانسان بارادته وتصميمه ومثابرته وطاقته الروحية والذهنية ، فالماضي لا يعود مهما حاولنا استرداده ، ومستقبل الشعوب ترسمه ارادة أبنائها وكفاحهم وبطولاتهم وحبهم لأوطانهم ..  حتى لو عاندهم الزمن ، وتقهقرت عقارب ساعته الى الوراء!


[email protected]
 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز