عاجل
الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
تغريدة الخيانة

تغريدة الخيانة

بقلم : د. محمد فاروق

منذ فجر 2011 وحتى مساء أمس ، يقف مطار ألماظة شاهداً علينا ، شاهداً على الصادقين والكاذبين ، المخلصين والمتاجرين ، الأوفياء والعملاء ، الخاطئون التائبون ، والخاطئون الهاربون ! مطار ألماظة شاهداً علينا جميعاً ، أحد أهم أدوات الفرز بين الوطنية والإنسانية ، وبين الأجندات ذات القلوب البلاستيكية .



بدءاً من مجزرة رفح الأولى ، ثم الثانية ، ثم كرم القواديس ، وانتهاءً بتلك الليلة السوداء التي عاشتها مصر أول أمس ! وما بينهما من حوادث متفرقة جماعية وفردية ، جراح لن تندمل ، ولن تجف معها الدموع ، إستوى على ألسنة أمهات الشهداء طعم الملح بالسكر ، باتت أم الشهيد في عِداد الموتى بالرغم من بقاءها على قيد الحياة !

دائماً أكرر مقولة " العايط في الفايت نُقصان عقل " ! هذا إذا كان عويلاً لا طائل منه ولا دروس مستفادة ، أما نحن الآن فبصدد الفرز للتجربة برُمتها ، والتجربة أشخاص ومواقف لا يستوي الأمر إلا باحتضان بعضهم وإبعاد بعضهم ورفضه ، لذلك كان لزاماً علينا فضح هذه الطواغيت لإنقاذ المزيد من الدماء قبل أن تتحول إلى توابيت يستقبلها مطار ألماظة معتصراً معها قلوب المصريين المخلصين .

نحن لا نستجدي عطفاً من أحد أو لأحد ، لا نبحث عن كلمات الرثاء من هذا أو ذاك ، إنما نحن بصدد الفرز كما ذكرنا ، ولن يستقيم الوطن إلا إذا قُطعت تلك الألسنة التي تُشعل الفتنة داخلياً وخارجياً ، ولا تعمل ولا ترجو من النقد صلاحاً للحال ، هذه كذبة كبيرة وخداع لا ينطلي علينا ولا يمكن استساغته في كل مرة !

في أحاديث الرئيس الماضية ، كانت له وقفات كثيرة تناولها بعض الإعلاميين أمثال إبراهيم عيسى بالكثير من التسفيه والسخرية ، ما يعنيني منها الآن هو تعليقه على جملة قالها الرئيس في معرض حديثه عن التحديات التي تواجهنا بين البناء والإصلاح في فترة ساخنة تعُج بها المنطقة ومصر بإرهابِِ أسود ! وكان تعليق عيسى بحسب النص " مش معقول تهددنا كل شوية بالإرهاب " !

هذا المتغطرس الذي يلوي لسانه لتحسبوه من المنطق ، وما هو من المنطق ، ولكنها تعمى القلوب التي في الصدور ! هل أصبح عيباً وشيئاً مثيراً للخجل أن نكرر ما تراه أعيننا من معاناة الدول والشعوب العربية من حولنا ؟ وأن نُذكِّر به شعبنا لشحذ الهِمم والصبر على ما تستلزمه الفترة وتهديداتها ؟ هل الدماء الطاهرة التي سالت لأبناء العشرين عاماً أول أمس كانت " تهديداً " من الرئيس للشعب المصري ؟ هل كل هذه الحقائق المكتوبة بالدماء مجرد " تهديد وكارت تخويف " ؟! 

على نفس النهج تماماً كانت كلمات الصديق والأستاذ الحميم لعيسى " البرادعي " ! ولا أدري مَن فيهم الأستاذ في حقيقة الأمر ، إلا أنه الأخير " البرادعي " لا يظهر ولا يُطل علينا إلا دفاعاً عن ناشط حقوقي ، أو مُشعلاً نار الفتنة بين مصر والأمم المتحدة ، مستنداً إلى مواد تلك المنظمة في منع تهجير أهالي سيناء من منازلهم ! ثم يتبع ذلك مجموعة من " هيافات ذلك الرجل " بين الحين والآخر ، متحدثاً فيها عن ضرورة مواجهة الفكر بالفكر ، مهدداً بأن العنف لا يجلب إلا العنف ، ثم يرتشف فنجاناً من الينسون ليكمل حديثاً آخر متأملاً من شرفة مسكنه الأنيق القاطن بأجمل بقاع الأرض " فيينا " مع ليالي الأنس ! يريد أن نقف مكتوفي الأيدي أمام الأنفاق والعمليات الإرهابية دون أن ننقل بعض مساكن أهالي سيناء لنحمي الشريط الحدودي ! يبحث عن حماية الشريط الحدودي " بالفكر " ونبذ العنف ! وربما طالب بإقامة مائدة مستديرة لتقديم فطور كونتننتال لمنسوبي داعش أو بيت المقدس أو كل هذه الفئات المنبثقة من جماعة الإخوان التي يسعى هو وأمثاله للمصالحة معهم !

قبل أمس فاجأنا هذا الرجل بتغريدة على موقع التواصل الاجتماعي أقل ما توصف به أنها تغريدة سفهية من رجل أحمق " هذا في أقل تقدير " ! الرجل قال نصاً : رحم الله كل نفس  ذهبت لخالقها ، هل من عاقل يُخرجنا من ظلام الكراهية والعنف المتبادل إلى نور التسامح والعيش المشترك ؟!

في أعقاب أحداث باريس الإرهابية  " نوفمبر 2015 " كتب البرادعي تغريدة كما جاءت نصاً :

Terrorism  winning. Collective concerted effort: boots on ground; reform in incubator states; end of violence & resolution of chronic conflicts.

وفي هذه التغريدة يقول : أن الإرهاب قد انتصر ، والقضاء عليه يكمن في الجهود الجماعية المتضافرة ، والتواجد على الأرض ، والإصلاح في الدول الحاضنة للإرهاب ، لإنهاء العنف وحل الصراعات المزمنة !!!

ما حدث في فرنسا بحسب رؤية ضمير الثورة المصرية " البرادعي " إرهاب ، أما ما يحدث في سيناء هو عنف متبادل ؟! وكأننا في سيناء فريقان وطنيان مختلفان في وجهات النظر ! ما حدث في باريس يتطلب تضافر الجهود والتواجد على الأرض ، أي الاشتباك مع الإرهاب ، ثم التوجه إلى الأراضي أو الدول الحاضنة للإرهاب لإنهاء العنف وحل الصراعات المزمنة !

رؤية واضحة للرجل ، لا توجد حرب على الإرهاب بين الجيش المصري أو أي جيش عربي وبين الجماعات الإرهابية " داعش وغيرها " ! بل هو صراع مزمن وعنف متبادل ! في فرنسا إرهاب يجب التعامل معه فوراً ثم ملاحقته في الدول الحاضنة له ، في مصر هو عنف وصراع مزمن بين طائفتين ! الجيش والإرهاب سواسية كما يرى مَن ؟ ضمير الثورة المصرية ! الله أكبر . كنتم ستأخذوننا إلى أين يا كلاب الخيانة بتلك المفاهيم ؟ كنتم ستأخذون التاريخ والجغرافيا المصرية إلى أين يا عملاء الخارج ؟!

أنت أيها العميل تطلب من الغرب الذهاب إلى الدول الحاضنة للإرهاب " الدول العربية " للقضاء على الإرهاب ! وبالطبع فأنت في البداية لا تقصد محاربة تلك الدول ، إنما رويداً رويداً ستفشل الحوارات ، وتبدأ أجهزة الغرب في الحديث عن ضرورة تدخل عسكري في السعودية ، أو في مصر ، تماماً كما حدث في العراق ، وسوريا ، وليبيا ! فما حدث في فرنسا إرهاب ، وما يحدث في مصر مجرد عنف متبادل وكراهية بين الطرفين " الجيش والإرهاب " ! فلا أقل من أن نقول " حسبنا الله ونعم الوكيل " .

الأستاذ إبراهيم عيسى ، هل تتفضل مشكوراً بالتعليق على تغريدة الدكتور برادعي ، وتحليلها ، وتفصيلها ، كما تفعل مع كل صغيرة وكبيرة في تكسير عظام النظام المصري ؟! هل لديك الضمير والوازع الوطني والجرأة ؟ هل يُحرك فيك الدم الطاهر السائل على أرض سيناء شيئاً فنرى ذلك في شبه جملة رداً على هذا الأفَّاق ؟!

إن مطار ألماظة يقف منتظراً الإنصاف ، متأملاً في دماء الشهداء ، يسأل بمنتهى الغرابة والدهشة " إذا لم نكن في حالة حرب ، وإذا لم تكن تلك الدماء الطاهرة دليلاً على الحرب وشراسة الإرهاب الذي تكابده مصر " ! فما هو الدليل المطلوب ؟! وإذا لم تعتصر رائحة تلك الدماء قلوب المصريين ؟ وإذا لم يؤثر مشهد قذائف الهاون الموجهة في صدور خير أجناد الأرض من الجيش والشرطة في أمثال هؤلاء ، وإذا لم تنال عطفهم كما يناله ناشط يُستدعى للتحقيق ؟ أو آخر يكشف وينشر أسراراً عسكرية بدعوى حرية الصحافة في الوصول للمعلومة ! ما هذه الفترة والغشاوة التي نعيش معها وفيها ؟!

لماذا يختلف في أعين هؤلاء دماء المصريين من الجيش والشرطة عن دماء أو حريات النشطاء ؟! ما الذي يمنع هؤلاء من إعطاء كل ذي حقِِ حقه ؟!  ما الذي يمنع البرادعي أو يسري فودة أو بلال فضل أو الحقوقيون أمثال جمال عيد وجميلة اسماعيل وهذا الفريق الأعوج  من رثاء ضحايا الجيش والشرطة كما يفعلون مع مجرد استدعاء ناشط للتحقيق ؟! ما الذي يدفعهم للتظاهر للإفراج عن أحمد دومة الذي اعترف بحرق المجمع العلمي وضرب جنود الشرطة والجيش بالمولوتوف ، والترتيب لخطف البعض منهم إذا استلزم الأمر ؟ ثم لا يدافعون عن دماء طاهرة سالت دفاعاً عن أمنهم و سلامتهم !

مصر لا تبحث عن رثائهم لأبنائها ، إنما هو الفرز وفقط ، هؤلاء الذين يعادون الدولة جملةً وتفصيلاً لا يمكن أن تتوقع منهم رأياً واحداً صواباً ، أو نقداً يصب في المصلحة العامة ، كل هؤلاء تقف ألسنتهم عند حد الطعن في الدولة لأغراض ثبت بالدليل القاطع والمواقف والأيام أنها أغراض دنيئة .

ويقف مطار ألماظة تفوح منه رائحة الدماء الذكية التي جادت أصحابها من ذوي العشرين عاماً بأنفاسهم الأخيرة دفاعاً عن حياة المصريين ، فداءً لهم ، هذا الشباب الطاهر الذي أيقن واستقر في ضميره أن مَهر مصر هو النصر ، وأن المَهر ربما كان الدم ، وفي كل الأحوال " العريس ابن البلد "

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز