عاجل
الخميس 28 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
دُمُوعُ السَيّدِ الرَئِيس

دُمُوعُ السَيّدِ الرَئِيس

بقلم : د. شريف درويش اللبان

لا أذكر أني شاهدت أو سمعت أو قرأت أن هناك رئيسًا عربيًا بكي أو دمعت عيناه في موقف إنساني مؤثر، وربما يرجع ذلك إلى أسباب عدة، لعل أولاها هو منطق ذكوري بحت وهو عيب إن الراجل يبكي في المجتمعات الشرقية، لأن ذلك قد يكون دليلاً على ضعف الرجل وعدم صلابته، وثانيها أن مقام الرئاسة وهيبتها قد لا تتوافق مع البكاء أو ذرف الدموع أمام الناس أو على شاشات التلفزة. ورغم ذلك كله، فلم يضع الرئيس عبد الفتاح السيسي في اعتباره أيًا من هذه الحسابات عندما غالبته الدموع في الندوة التثقيفية الثالثة والعشرين للقوات المسلحة الخميس الماضي عندما كان يستمع هو والحضور لحديث السيدة سامية عطية أم الشهيد إسلام عبد المنعم المهدي.



لم يضع الرئيس في حسبانه أنه وسط القادة العسكريين وأبنائه من ضباط وأفراد القوات المسلحة وبعض الوزراء ورجال الدولة والشخصيات العامة، لم يضع الرئيس في حسبانه أنه أمام الكاميرات ترصد حركاته وسكناته وتعد عليه أنفاسه، لم يضع الرئيس في حسبانه وقع هذه الدموع على من يوجد حوله من القادة والضباط والجنود، لم يضع الرئيس في حسبانه أن الندوة منقولة على الهواء مباشرةَ ويشاهدها ملايين المشاهدين ليس في مصر وحدها بل في مختلف دول العالم.. لم يضع الرئيس كل هذا في حسبانه لذلك جاءت دموعه عفوية تمس شغاف قلوب مِن حوله ومَن يشاهدونه على شاشات التليفزيون.

 لقد كان كلام "أم الشهيد" مؤثرًا ومعبرًا خارجًا من القلب ويمس القلوب العليلة المتعبة من فقدان أبناء الوطن على أيدي الإرهاب الأسود، والكلام الذي يخرج من القلب لا يصل سوى للقلوب التي تخفق بحب الوطن وتخشى على أبنائه، ولكنه يصل كسهامٍ تصيب القلب وتُجري الدموع في العيون التي تحرس في سبيل الله، أو التي تبكي شهداء الوطن الذين قضوا نحبهم في سبيل الله وهم يحرسون حدود الوطن وثغوره.

لم يبكِ الرئيس السيسي وحده ولم تلمع عيناه بالدموع وحده، ولم يذرف تلك الدمعات العزيزات علينا جميعًا وحده، بل اشتعل المكان بتلك الأحاسيس والمشاعر الدافقة داخل القاعة في مشهدٍ مؤثر، ووجدتُ البعضَ من الحاضرين ينخرطون في البكاء، وهذه الدموع المؤثرة أبكتني وأبكت ملايين المصريين على زهرة شبابنا التي يقطفها الإرهابيون في سيناء دون وازعٍ من دينٍ أو ضمير رغم حُرمة الدم في الإسلام، بافتراض أن هؤلاء الإرهابيين مسلمين، لأنهم لو كانوا مسلمين لما قتلوا جنودًا تحرس في سبيل الله، ولما قتلوا جنودًا يستعدون لتناول طعام الإفطار في رمضان، أو يتوضأون استعدادًا لأداء صلاة الجمعة.

إن دموع الرئيس عبد الفتاح السيسي جعلتني أعود بذاكرتي إلى الوراء بعد مجزرة رفح الأولى أثناء حكم الرئيس الإخواني محمد مرسي، عندما ظهر ذلك الرئيس الذي تخلى عن إنسانيته هو وضيوفه من قيادات حركة حماس وهو يضحك ملء فيه هو وضيوفه دون أدني مشاعر أو مواساة لأمهات وأسر الشهداء الذين لم تتشرب أرض سيناء دماءهم الذكية بعد. وقارن وقتها مستخدمو شبكات التواصل الاجتماعي بين ضحكات محمد مرسي ودموع الرئيس الأمريكي باراك أوباما على بعض الضحايا الأمريكيين في إحدى الحوادث التي لا أتذكرها، لتعكس هذه المقارنة المصحوبة بالصور أن عصابة الإخوان التي كانت تحكم مصر لم تتخلَ فقط عن إسلامها بل تخلت أيضًا عن إنسانيتها.

إن الدمَ المصري غالٍ وليس رخيصًا، غالٍ لدى رئيسٍ يعرف قيمة هذا الدم، ويعز عليه أن ينزف جندي مصري أية قطرة دم، في حين أن جماعة الإخوان الإرهابية ورئيسها لم يكن يعنيهم هذا الدم في شئ سواء كان دم شهدائنا الأبرار من أبطال القوات المسلحة أو أبطالنا الشهداء الذين قضوا نحبهم على أسوار قصر الاتحادية ورئيس جماعة الإخوان الإرهابية داخله.

الدمُ المصري غالٍ لذلك فإنه كان يستحق من الرئيس وقادة القوات المسلحة والشعب المصري بأكمله أن يذرف هذه الدموع التي أشبهها بحبات الماس المتلألأة في جبين مشاعرنا الإنسانية التي تعكس أرقى ما فينا وأنبله على الإطلاق. إن هذه المشاعر هى التي جعلت الرئيس ينتفض من مقعده ويذهب إلى المنصة لتحية "أم الشهيد" ويقبل رأسها ويديها في مشهد لن ينساه تاريخ الإنسانية.

إن دموع الرئيس تعكس كل معاني الإرادة والتحدي للإرهاب الأسود الذي يحاصرنا جميعًا، وهو ماجعل الرئيس يُصدر أوامره بالثأر لشهدائنا صبيحة الجمعة الماضية قبل أن يمر على هذا الحادث الأليم 24 ساعة.

دموعك غالية علينا ياريس، ونعاهدك أن نصطف جميعًا خلفك محاربين أشداء للإرهاب الأسود والإرهابيين الجبناء حتى يتم تطهير الوطن منهم جميعًا.

 

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز