عاجل
الخميس 28 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
مصر وثقافة التوك توك

مصر وثقافة التوك توك

بقلم : د. فتحي شمس الدين

 انتشر الفيديو الخاص بسائق التوك توك الذي ظهر في احد البرامج الفضائية انتشارا كبيرا, وحقق ردود أفعال متباينة في الشارع المصري الذي انقسم بين مؤيد ومعارض لما ورد به من تحليل حول الأحداث في البلاد, وبعيدا عن إثبات موقفي من الحديث سواء كنت مؤيد أو معارض إلا أني استوقفني بحكم عملي الإعلامي حجم الانتشار الكبير للفيديو والذي انتشر كالنار في الهشيم في مختلف شبكات التواصل الاجتماعي وكأن الشعب المصري كان ينتظر الكلام من فم سائق التوك توك تحديدا ليتم تصديقه! على الرغم من أنه لم يأتي بجديد فهل هذا فعلا لأننا نعيش ثقافة التوك توك !؟



لنتفق في البداية أن مصر تعاني من مشكلات لن تحل بين عشية أو ضحاها, وأن هناك محاولة جادة لتغير مصر للأفضل وهناك أيضا محاولات حثيثة لتشويه الانجازات التي تحدث على ارض الواقع والتقليل من شأنها لتحقيق مصالح سياسية وشخصية ضيقه, خاصة من قبل الجماعات الإرهابية وجماعات الضغط والمصالح التي لا تهوى النظام الحالي كثيرا لأنه ضيق عليها المنابع التي كان يرتوي منها فسادا وأكلا من أقوات المصريين, وكذلك لنتفق أن طبيعة الثقافة المصرية تغيرت ملامحها بصورة كبيرة فأصبحت ثقافة مشوهه قائمة على النظرة المادية فأصبح كل شخص يبحث عن مصالحه الشخصية ويعتمد ثقافة الاستسهال والاستغلال والرغبة في الكسب المادي السريع دون النظر لمصلحه إلا مصلحته الشخصية, كما اختلفت الشخصية في مصادر تلقي معلوماتها التي تحولت بكل وضوح إلى ثقافة التوك توك التي أصبحت سمه عامه للمجتمع المصري, فنجد أن أكثر معدلات الأغاني استماعا هي أغاني المهرجانات صاحبة النصيب الأكبر في مركبات التوك توك, وكذالك انتشار قصات الشعر الغريبة وارتداء التمائم التي أصبحت من العلامات المميزة لغالبية سائقي مركبات التوك توك, وكذلك انتشار الملابس الغريبة والمصطلحات الأغرب التي تمثل المكونات اللغوية لمجتمع سائقي التوك توك, وأضف على ذلك عدم اللامبالاة والرغبة في الانقضاض على كل ما يسير في الشارع والسير عكس الاتجاه, وعدم احترام القانون, وعدم وجود تحديد معلن للأجرة المستخدمة فكل يحددها على هواه في مشهد عبثي فوضوي ينتهي بتحول أحد سائقي التوك توك لأشهر محلل سياسي واقتصادي طالب البعض أن يتولى منصب وزير التخطيط !!, أنا لا أقصد من حديثي هذا أن أقلل من سائقي التوك توك على العكس تماما فهناك نماذج على قدر كبير من الاحترام والتقدير دفعتها الظروف للعمل في تلك المهنة لكن أنا هنا أتحدث عن الملامح العامة المميزة لتلك الفئة التي تحولت لتصبح ثقافة شعب.

وتعالي معي عزيزي القاري لنركز في حديث سائق التوك توك .. ودعني أسألك بعض الأسئلة هل حديث سائق التوك توك حول الوضع الاقتصادي الحالي لمصر الذي قال عنه أنه ينهار أكثر مصداقية أم حديث الدكتور محمد العريان الخبير الاقتصادي العالمي، والمستشار الاقتصادي لمجموعة "إليانز"، وعضو المجلس التنسيقي للبنك المركزي الذي أشار إلى أن الوضع الاقتصادي في مصر في تحسن وأن مصر تسير بخطى واضحة نحو الإصلاح الاقتصادي؟, هل حديث سائق التوك توك أكثر مصداقية عن صورة مصر في الخارج أم حديث الدكتور مجدي يعقوب والدكتور أحمد زويل عن حجم مصر ومكانتها خارجيا؟ هل حديث سائق التوك توك حول التعليم أكثر مصداقية أم حديث خبراء التعليم الذين يقولون أن منظومة التعليم حاليا يتم بذل فيها جهد كبير إلا أن ملامح ظهور هذا الجهد يحتاج مدى زمني ليس بالقصير, هل حديث سائق التوكتوك في مجال الصحة أكثر مصداقية أم حديث المنظمات العالمية التي تصف ما يحدث من معدلات الشفاء في مصر من فيروس سي أشبه بالمعجزة التي لم تحدث في أي مكان في العالم؟ هل حديث سائق التوك توك حول الأوضاع الأمنية في مصر أكثر مصداقية أم تصريحات الخبراء والمحللين العسكريين الذين يؤكدوا أن مصر تتعرض لحرب متكاملة الأركان ولو فضل الله في المقام الأول وبسالة جنودنا وقواتنا المسلحة لكنا مثل سوريا والعراق.... للأسف تحولت ثقافتنا من ثقافة الخبراء والمحللين لثقافة التوك توك دون نظر أو تحليل ودراسة ولما لا إذا كان الواحد مننا يرتضي أن يدفع 5 جنيهات عن طيب خاطر لسائق التوك توك في مسافة لا تتعدي النصف كيلو متر ويهاجم الدولة بكل ضراوة عند التفكير في زيادة تذكرة مترو الإنفاق لتصبح جنيها ونصف مع العلم أن مسافة الخط الأول فقط 44 كيلو متر .. فوقتها يجب أن نعلم أننا نعيش فعلا ثقافة التوك توك .. وللحديث بقيه

 

* مدرس الاذاعة والتلفزيون بجامعة بنها

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز