عاجل
الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
الانتظار القاتل

الانتظار القاتل

بقلم : د. داليا مجدى عبدالغنى

أصعب اللحظات التي تمر على الإنسان ، هي لحظات الانتظار ، أيًا كان سبب هذا الانتظار أو نوعـه ، حتى لو كان انتظار لأحداث سارة وسعيدة ، فالانتظار في حد ذاته يُسبب القلق والتوتر ، ويُطيل الوقت ، ويُشتت الفكر ، فهل نختلف على أن الانتظار قد يُسبب الموت في بعض الأحيان ، فالشخص الذي يخشى شيئًا مجهولاً ، ويظل ينتظره ، ويعيش لحظات رعب ، قد يقتل نفسه دون أن يدرك ، ولكن أيًا كانت نتائج الانتظار القاتلة ، فهل يمكننا أن نُغير مواعيد الأقدار ، ومواعيد الأحداث ، فنحن لا يُمكننا أن نتحكم في سويعات حياتنا ، والأصعب هو أننا لا يمكننا أن نقتل خوفنا أثناء الانتظار ، مهما كانت شجاعتنا ، وإيماننا ، فدائمًا ما تخور قوانا أمام هذه اللحظات القاسية ، فنظن حينها وكأن الزمان قد توقف ولا يمر ، وأحيانًا نتمنى أن يتوقف بالفعل ؛ حتى لا نقع صرعى لما قد يُخَبؤه لنا القدر ، فكم تختلج الأحاسيس بداخلنا ، ولكن هناك وسائل لو فعلناها وأفكار لو آمنا بها ، لن يكون للانتظار سلطان علينا ، وهي القناعة بأن استعجال الأشياء قد يجلب السوء ، وأن التأخير ربما ينطوي على الخير ، والإيمان بأن كل شيء في حياتنا له ميعاد محدد ومحتوم ، وأن قلقنا وتوترنا لن يُجدي ولن يُغير من الأمر شيئًا ، والأهم من كل ذلك أننا لابد أن نعلم أن الانتظار قد يطول ، ولكن العمر بالقطع سوف يقصر ويقل ، وربما لا تأتي علينا اللحظة التي ننتظرها ، لذا لابد لنا أن نتساءل لماذا نحيا في قلق وتوتر من الخوف من حدوث أو عدم حدوث شيء ، إذا كنا لا نضمن أن نعيش حتى حدوثه ؟! فالأَولى بنا أن نستمتع بلحظات حياتنا كما هي ، ولا نُضيع اليوم من أجل الغد ، الذي ربما لا يأتي على الإطلاق .



فالإنسان دائمًا يبحث عن الشيء المضمون ، ويتأهب للحصول عليه ، ويسعى بشتى الطرق للوصول إلى الطريق المضمون ؛ لأنه يعتبره قمة الأمان ، ولكن الواقع أنه لا يُوجد شيء مضمون في الحياة ؛ لأن الحياة ذاتها غير مضمونة ، والإنسان ليس له إلا ما سعى ، ولكن تحقيق النتائج ليس من اختصاصاته ، وقطعًا لا تدخل في إمكانياته ، فهناك أقدار قد تُغير كل مخططاتنا ، وقد تقلب أفكارنا وأحلامنا رأسًا على عقب ، لذا فالأولى بنا ألا نضيع أعمارنا في لحظات انتظار أخرى ، لأن الإنسان بطبيعته أحداثه وأحلامه ورغباته متلاحقة لا تنتهي ، وبالتبعية كلما حقق حلمًا ، أو وصل إلى نتيجة مرجوة ، بحث عن غيرها وانتظر تحقيق نتيجة أخرى ، وهكذا لا يعطي لنفسه فرصة للاستراحة من آلام القلق التي عاشها في انتظار تحقيق مآربه ، ويفكر في حلم آخر ، ويعيش ذات اللحظات مرة ، وهكذا تنقضي حياته في لحظات انتظار لا تنتهي ، فهل تتفقون معي الآن على أننا بهذه السلوكيات نصبح ضحايا للانتظار القاتل ؟

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز