عاجل
الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
وزارة للسعادة .. ووزارت للتعاسة والشقاء!

وزارة للسعادة .. ووزارت للتعاسة والشقاء!

بقلم : د. طه جزاع

بدا الأمر ، أشبه بالمفاجأة ، أو الطرفة على شبكات التواصل الاجتماعي ، حين أعلن حاكم دبي الشيخ محمد بن راشد ال مكتوم في شباط \ أغسطس الماضي عن تغييرات هيكلية في حكومة دولة الامارات العربية المتحدة أقرها رئيس الدولة الشيخ خليفة بن زايد ال نهيان ، ومن بينها استحداث وزارة للتسامح ، وتغيير اسم وزارة تنمية المجتمع الى .. وزارة السعادة !  غير ان الاماراتيين الذين يعرفون هذا الرجل حق المعرفة ، يدركون انه رجل جاد ومجدد ومثابر في مختلف نواحي الحياة والاعمار والاستثمار ورعاية الشباب وتنمية المجتمع ، وانه حريص باستمرار على مفاجأة المواطنين بما يسعدهم ويبعث الاطمئنان في قلوبهم ونفوسهم على حاضرهم ومستقبلهم ومستقبل أطفالهم واسرهم ، وانه يريد لبلدهم ان يكون الأول في كل شيء، من أعلى برج في العالم ، الى أعلى درجات السعادة للمواطن .



لكن .. ماهي معايير السعادة ، والسعادة كما نعرف شعور نفسي شخصي ، لا يمكن ان يتحقق حتى لو كان الانسان من كبار المليارديرية والاثرياء ، وحتى لو امتلك القوة والنفوذ والسلطة، وتوفر له كل ما يحلم به الانسان من ماديات وثروات وشهوات ، من نساء وبنين وقناطير مقنطرة من ذهب وفضة وخيل مسومة وأنعام ؟ وكيف تستطيع الدولة ، أية دولة ، مهما كانت غنية أو فقيرة ، ان تحقق السعادة لمواطنيها ، حتى لو كانوا من أدقع الفقراء ؟ فدولة في أميركا اللاتينية مثل فنزويلا ، وعلى الرغم من ثرواتها من نفط وذهب وصناعاتها الثقيلة وصادراتها من صلب والمنيوم وسيارات والكترونيات وغيرها من صادرات، فضلا عن طبيعتها الخلابة، وغاباتها وجبالها وشلالاتها ، ألا انها كانت حتى سنوات متأخرة ، تعد من الدول التي تتقدم في خريطة الفقر في العالم ، باحتساب عدد السكان الفقراء بالنسبة الى العدد الاجمالي للسكان ، وقد تكون قد حلت بها أيضا ، لعنة الثورة والثروة ، فتعاقبت عليها وعبر حقبها التاريخية المختلفة الاحتلالات الاجنبية ، والثورات اليسارية والانقلابات العسكرية ، والأنظمة القمعية ، حتى صار البون شاسعا بين قلة تمتلك كل شيء ، وأكثرية من الشعب تعيش تحت خط الفقر في بلد نفطي  وصناعي وزراعي ، ومع ذلك فانها أقدمت قبل عامين الى استحداث وزارة تحت اسم وزارة السعادة الاجتماعية !

وفي دول اخرى ، مع انها تمتلك النفط ، والغاز ، والفوسفات ، والمياه ، والاراضي الخصبة ، والجبال ،والغابات ، والشلالات ، والأهوار الطبيعية والطيور والصقور وأشجار النخيل ، والموقع الجغرافي الاستراتيجي ، وتمتلك عشرات الأحزاب ، ومئات السياسيين والبرلمانيين والمحللين السياسيين والأمنيين  والاقتصاديين والاستراتيجيين ، وملايين الفقراء والأرامل والأيتام والنازحين والمهجرين واللاجئين والمهاجرين، فضلا عن الاف العقلاء والمجانين، غير انها باتت على حافة الافلاس الى  حد اضطراب الموظفين وقلقهم الهستيري بعد سماعهم التصريحات المتكررة والاشاعات حول عدم  امكانية الدولة صرف رواتبهم الشهرية كلما حان قطافها، كما تدهورت فيها الخدمات الاساسية والتسهيلات التي تقدمها لمواطنيها - وهي واحدة من أهم معايير سعادة الانسان في وطنه – مع استمرار قلقهم الأمني ، حتى صار استمرار الانسان فيها على قيد الحياة ، وعدم تعرضه للسرقة أو الخطف أو النصب أوالاحتيال أوالابتزاز، واحدة من أهم المصادفات السعيدة في حياته ، ان لم تكن واحدة من المعجزات ، مما ولد لدى المواطن شعورا باليأس والسوداوية والتشاوم .

ما أحوج أغلب بلداننا العربية ، الى استحداث وزارة للتعاسة والشؤون التشاؤمية ، والى وزير في تشكيلاتها الحكومية الوزارية ، يطلق عليه تسمية (سعادة) وزير التعاسة ، لاسيما ان معظم الذين سيرشحون لهذا المنصب، جديرون بالحصول هذه (الحقيبة) الوزارية ، وقادرون على ادارة هذه الوزارة  (السيادية) بكفاءة ومهارة  وخبرة يحسدون عليها ، مع ان الكثير من الوزارات القائمة فعلا في هذه البلدان لخدمة المواطنين ماهي في حقيقتها الا وزارات لتعذيب المواطن ، وتعريضه لكل أسباب التعاسة والقلق والتشاؤم والشقاء !

[email protected]

 

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز