عاجل
الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
سوق الجمعة ..

سوق الجمعة ..

بقلم : طارق العكاري

أتعجب ممن لا يدفعون الضرائب ويطالبون الدولة بتحسين الخدمات الحكومية. فيومياً نمر علي أطياف مختلفة في المجتمع ممن لا يدفعون الضرائب، فهل يدفع الطبيب الجراح ضرائب عن إجرائه عمليات جراحيه؟ هل يدفع ضرائب عن إيراد العيادة اليومي أم يخضع للتقديرالجزافي من مأموري الضرائب؟ هل يدفع عن ما يتقاضاه من أجور من عدد المستشفيات التى يعمل بها زائراً أو موظفاً على مدار الأسبوع؟ هل يدفع مدرسو الدروس الخصوصية ضرائب عن عملهم الغير مشروع أو المشروع وخاصة مراكز الدروس الخصوصية للدبلومة الأمريكية أو الدبلومة البريطانية؟ ( يصل إيراد هذه المراكز إلى الملايين سنوياً ) هل يدفع مالك العقار والمشتري ضرائب عن العملية التجارية لبيع الوحدات السكنية أم التوكيلات هى سيد الموقف؟ هل يتم ذكر القيمة الحقيقية للوحدة السكنية في العقود؟ هل يدفع بائعو السيارات المستعملة ضرائب حال إتمام البيع وإستلام السيارة أم عبارة (للوكيل الحق في البيع لنفسه وللغير والتوكيل للغير) تبقى الأكثر شيوعاً؟



هل يتم ذكر القيمة الحقيقية للسيارة في نقل الملكيه في الشهر العقاري أم تظل قيمة ألف جنيه  ثمناً موحداً معترف به لكل أنواع السيارات هى القيمة ؟ هل يُظهرالأعلاميين والممثليين القيمة الحقيقية لأجورهم أم حسابات الإمارات هى الأكثر أمناً وسلاماً على أصحابها من مأموريات الضرائب؟ هل يدفع سائق أتوبيس الرحلات - (الميكروباص بدون لوحات أجرة) - ضرائب عن إيراده اليومي؟ والنجار المسلح وعامل المحارة والسباك والباعة الجائلون والأسواق الثابتة والمتحركة التي يدور بها ملايين الجنيهات (سوق الجمعة وسوق الثلاثاء) فهل من دافع ليدفعون؟

يمكننا أن نظل نتسائل حتى نهاية المقال ولن ننتهي. إرث الماضي هو المتحكم في قدرة الدولة على تنفيذ قوانينها وتشريعاتها فلا يمكن معاقبة ثلثي مجموعه حتي لو مكونه من عشره افراد، أما لو المجموع تسعون مليوناً، فالمارينز الأمريكي لن يقدر على إزالة سوق الجمعة أو إيقاف سيارات النقل غير المرخص لها نقل جماعي أو (التوكتوك) وهو الأشهر هذه الأيام.

لو اعتبرنا الدولة كياناً اعتبارياً يجلس على طاولة الاجتماعات يغضب ويسكن ،يبكي ويضحك، يُحاسَب و يُحاسِب،  فسنجد هذا الكيان يئن من أمراض مستوطنة ورأيه فيما يُطرح عليه نابع من مرضه وعدم قدرته على اتخاذ القرار. كيف نطلب من الدولة أن تعطينا ولا تتقاضى أجر عن ما تعطيه؟ هل تعمل الدولة أولاً لندفع أم ندفع لتعمل الدولة (البيضة أم الفرخة)؟؟

الظلم الواقع على دافعي الضرائب وهم ثُلث المجموع لن يبقى ظلماً إذا ما دفع المجموع فثلث المجتمع يعول كل المجتمع. تعمل الدولة على توسيع قاعدة الدفع الضريبي بالطرق التقليدية. ولا تعمل على تطبيق مقترحات كم قيلت من قبل، مثل فرض رسوم على الأعمال التي لا يمكن تقنينها (كقيادة المركبات بدون ترخيص للنقل الجماعي، الورش داخل المناطق السكنية، الأكشاك الغير مرخصة). هل يمكن الاستفادة بهذه الأكشاك كمنافذ لبيع المنتجات السلع الأساسية كالمطروحة في المجمعات الأستهلاكية ومنافذ بيع القوات المسلحة لضبط الأسواق والأسعار فتحكم الدولة قبضتها على معدلات البيع والشراء، فتأخذ ضرائبها ممن لا يدفع؟

ظلت الدولة عقوداً طويلة تجني ضرائبها من ثلث المجتمع وتهرول ورائهم بإجراءات بوليسية ترهيبيه و قضائية، وفعلت نفس الشيء لزيادة الحصيلة الضريبية ممن يدفعون وتركت من لا يدفع لعدم قدرتها على ملاحقتهم بتلك الإجراءات. فموظفو الضرائب حوالي ثلاثون ألفاً وهو أقل من عدد عيادات االعاصمة، واعتاد الثلث القائم بالدفع بالمناورة و التهرب أيضاً فهم ليسوا ملائكة ولكنهم على الأقل يدفعون. الواقع أن الثلث الدافع لا يدفع كل ما يجب عليه دفعة والثلثان لا يدفعون من الأصل. أتصور أن تقوم الدولة بعمل حوافز لدافعي الضرائب كأستثنائهم من القرعة في الأراضي وشقق الاسكان المتوسط، تجهيز أدوار خاصة بالمستشفيات الحكومية، إعطائهم الحقوق في إدخال أولادهم المدارس التجريبية أو القومية بنفس القيمه، إعطائهم الأولوية في أدوار عمليات القلب وخلافه من العمليات ذات الانتظار في المستشفيات الحكومية والعلاج الكيماوي بتكلفته الباهظة ، وضعهم في أولوية قرعه الحج.

هل لو اجتمعت برامج التوك شو لمدة أسبوع من كل شهر لتوعية المجتمع عن  مميزات العمل بالشركات ومساوئ العمل في أعمال غير مرخصة فسيكون هذا هو الحال بعد سنه؟ فهل لو كُسرت ساق أو يد العامل بعمل مهني فردي حر (لا قدر الله) سيجد قوت يومه؟ أما إذا كان مدرج بقائمة التأمينات الأجتماعية أو يعمل بشركة مرخصة سيكون الحال أفضل لكونه يستحق أجر ثابت ويكتسب خبرة ويتم تطوير وتنمية قدراته العقلية والبدنية.

أفكار وأفكار يمكنها أن تظهر إلى النور ولكن أين البيئة الابداعية للحلول لتوسيع قاعدة الدفع الضريبي فليس هذا هو الحل إنما  الأمل الوحيد في الخروج من دائرة عجز الموازنة هو الترغيب وليس الترهيب، وهو ليس أمراً سهلاً ولا تقليديا فلم تجدي الحلول الأمنية علي مدار عقود سابقة.

فتغليظ عقوبات التهرب الضريبي بدون تحفيزالمواطنين على الدفع الضريبي أمر غير مجدي وأمضينا عقودا بهذه السياسات وكانت النتيجة ما نعيشه الآن في مجتمع غيرعادل ضريبياً ، و بدون عمل كروت ذكية تصلح لتحميلها بتصاريح مرور طرق وحارات وتحصيل الغرامات و الرسوم وعمل دائرة الكترونية كاملة مرتبطه بمشاركه الفرد في دفع نصيبه من الخدمات  الحكوميه سنكتب نفس المقال بعد سنوات

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز