سلام الله عليك يا أمي

بقلم : د. ثروت حسين سالم

   بفم طاهر، ولسان فصيح وبقلب واثق وبجوارح ساكنة راضية مطمئنة خرجت أمي لتعلن للملأ أن الشهيد ليس بميت، فتحت ثرى سيناء الغالية شهداء سجلوا بدمائهم أكبر ملحمة عرفها التاريخ للذين اتخذهم الله تعالى شهداء، فإذا بالواثقة في رحمة الله وعطائه وأن ما عنده خير وأبقى وليس هناك من شيء أثقل عند الله ثوابا من تقديم النفس ابتغاء وجه الله- ترى لها ثباتا عجيبا، وان تعجب من ذلك القلب الهادئ وترتيله لآي الذكر الحكيم فعجب من رآها ولم يتحرك ساكنا فلقد جذبت بحق الأنظار وتحركت بأقوالها القلوب وهى تذكرنا بأن الشهداء أحياء عند ربهم يرزقون ،وتلك العندية لا يعدلها شيء طلبتها امرأة فرعون من رب العالمين "رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّة"، وما أشبه اليوم بالأمس فهناك سطر المصريون قاطبة شهداء برزت مضاجعهم عند مليك مقتدر بنضارة وجوههم ورائحة مسكهم وغفران ذنوبهم .

  فيا أمي لا تحزني فهم عند ربهم يرزقون هكذا كان تذكيرك لنا لإزالة غشاوة أعييننا بحياة ما أجملها من حياة فحواصل الطيور لهم مبنى وقناديل الجنة لهم مأوى وفوق ذلك لهم أجرهم ونورهم.

ويا أمي الغالية أرأيت ولاية منحها المولى لعباده أفضل من اتخاذ الشهداء أولياء فقد عدهم عدا ألا خوف عليهم ولا هم يحزنون فهم في الغرفات آمنون لا يحزنهم ما يقع لغيرهم وهذا فضل الله يؤتيه من يشاء.

فأية سكينة هذه وأي أم تلك تبذل ابنها في سبيل أمه الكبرى مصرنا الغالية مدافعا عنها بل عنا جميعا تلك هي الأم المصرية .

وها هي الأم المطمئنة بالله والراضية بعطائه تعلن وتذكر أن الإرهاب الأسود والذي طالما يتردد في خلسات ومكر على جنودنا البواسل وغيرهم ولكنهم بالحق واثقون وعلى ربهم متوكلون علقوا أرواحهم وقدموها فداء لأوطانهم فهم بإذنه تعالى المؤمنون حقا الصابرون على البلاء الشاكرون عند الرخاء الراضون بالقضاء .

وكذا تنقلنا أمنا الغالية إلى شد السواعد والانتباه وأخذ الحذر كما علمنا الدين القويم قائلة لا يغرنكم تقلب هؤلاء وتطاولهم فيد الله ستضربهم في كل مرصد فقد تجرؤا على خالقهم وسعوا في الأرض فسادا وما ربك بغافل عما يعملون .

فيا خنساء عصرها ويا أمي الغالية إنا لتراب بلادنا لمحافظون ولجيشها لمساندون

حفظ الله مصرنا الحبيبة راحة العلم وسماء المعرفة وقلب العروبة من كل مكروه وسوء وأعلى رأيتها في الأفاق ودحض كيد أعدائها إنه هو الولي الحميد.