عاجل
الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
في المشمش!!

في المشمش!!

بقلم : غادة نوارة

يظهر المشمش كل سنة لعدة أيام فقط في بداية موسم الصيف، أما الأحزاب المصرية فلا تظهر ولا نسمع عنها إلا كل موسم انتخابي، أي كل خمس سنوات ليس لعيب فينا نحن كمصريين وليس لأن أسماعنا ثقيلة ولكن لأن الأحزاب باتت كالمشمش عزيزة وغالية، وعلينا انتظار الموسم الانتخابي القادم لنراهم يهلون علينا ويطلون من خلال وسائل الإعلام بجميع أنواعها مرئية ومسموعة ومقروءة، ومواقع التقطيع الاجتماعي.




وقبل يناير 2011 كان يوجد في مصر عشرات الأحزاب .. لم يكن لأغلبها تأثير في المجتمع وكان يُقال أن الدولة وقتها لا تدعم الأحزاب بل وتحاربها؛ ولذلك لم يتعد وجود الكثير منها أكثر من مقر وجريدة ولا تأثير لهم .. وبعد يناير 2011 فاق عدد الأحزاب المائة حزب واستبشرنا خيراً بالكثير منهم، وفي أحيان أخرى صدعوا رؤوسنا من كثرة اعلاناتهم وظهورهم المتكرر في وسائل الاعلام وخاصة المرئية منها لعرض أفكارهم وبرامجهم، ومن شكواهم المستمرة من الغبن الواقع عليهم فلم يستعدوا بعد لخوض الانتخابات لأن الدولة قبل يناير 2011 لم تكن تدعمهم بل كانت تحاربهم .. وعلى الدولة متمثلة وقتها في المجلس العسكري أن يمهلوهم الوقت حتى يُكونوا قاعدة شعبية ويستطيعوا تحقيق الانتشار والالتحام بالجماهير وتوصيل أفكارهم وبرامجهم.


وأذكر أنني وقبل يناير بعدة سنوات تفاءلت بتأسيس حزب الجبهة الديمقراطية على يد خيرة أساتذة العلوم السياسية، وقررت الانضمام اليه لأشارك في التغيير للأفضل بالطبع، ولكن بسبب الصراعات على الكراسي والمناصب قررت الانصراف وعدم خوض هذه التجربة، وهو ما يحدث الآن فبات الكثيرون يتخيلون أن الاشتراك في الأحزاب مجرد سبوبة وكراسي ومناصب ومصالح شخصية .. ولدينا أكثر من مائة حزب ... يفتقر أغلبهم للتأييد الشعبي وبات معظمهم في خبر كان وذهبوا مع الريح .. فلا صوت لهم يُسمع ولا دور لهم يُرى، لا نسمع إلا عن خناقاتهم واستقالاتهم وانقساماتهم، هل حققت الأحزاب مرادها ووصلت لأهدافها بدخول البرلمان وانتهى الموضوع عند هذا الحد؟ وإذا تحدثنا عن حزب الأغلبية " المصريين الأحرار " والذي حصل على 65 مقعد وهو أكبر عدد مقاعد حصل عليها حزب في مجلس النواب .. ولكن هل يقوم أي حزب بأي دور في الحياة السياسية؟؟ ... أين هذه الأحزاب من التحديات التي نواجهها كالارهاب والفساد؟؟ وما دورها في الأزمات المتتالية التي نمر بها؟؟ أين مبادراتهم لمحاربة الغلاء ومحو الأمية والتوعية السياسية وتطوير التعليم وتنمية قرى مصر.


فالأحزاب هي الإطار السياسي الذي يمارس فيه الشعب دوره السياسي و دور الأحزاب الأساسي هو دعم الحياة السياسية، فهي المؤسسة التي تنمي الكوادر السياسية لإعدادها لتولي المناصب السياسية القيادية وغيرها في الدولة، ومحاولة التأثير في صنع القرار السياسي ومن المفترض أن تكون هذه الأحزاب الوسيط بين الشعب والسلطة الحاكمة، ويقع عليها عبء التوعية السياسية للجماهير والتعبير عن مصالحهم والقضايا التي تمسهم وحل مشكلاتهم، وأن تقود الجماهير من أجل تغيير المجتمع للأفضل .. ولكن ما حدث في 30 يونيه كان العكس وهي أن الجماهير هي التي قادت التغيير واستطاع المصريون بعبقريتهم ازاحة الاخوان عن الحكم.


إذن فعلى الأحزاب أن تنتبه وتفيق من سباتها وتنهض إن كانوا يريدون البقاء فعليهم بذر البذور الآن ليحصدوا الثمار في المواسم الانتخابية القادمة ... فالدولة تستعد لانتخابات المحليات وبعد أربع سنوات توجد انتخابات برلمانية، وبعد خمس سنوات ان شاء الله وبعد أن يُكمل الرئيس السيسي مدته الثانية ستكون هناك انتخابات رئاسية؟ وحتى لا نلبس في الحائط مرة أخرى وتتسلق الجماعة الإرهابية الحواجز وتتخفى في اللهو الخفي كالحية لتصل إلى الكرسي الذي مازالوا يطمعون فيه .. وأفيقوا أيها الأحزاب وانهضوا وانتبهوا أيضاً لما يُحاك لبلدنا؛ فعليكم واجب وطني فمازالت الأفاعي تعمل بكل ما أوتيت من قوة وتنتشر في مختلف المحافظات وتتواجد في المحافل والميادين، في المدارس والجامعات والمنتديات الثقافية والأسواق وحتى في المساجد في العالم الواقعي وعلى مواقع التواصل الاجتماعي في العالم الافتراضي يبخون سمومهم لجذب واستقطاب الأنصار والمؤيدين وحتى لو لم يكسبوا أنصار فهم يتبعون سياسة النفس الطويل وتجميع النقاط لتحقيق أغراضهم، ويحاولون بكل جهدهم أن يبثوا شائعاتهم وسمومهم وينشرون الاحباط واليأس بين المصريين ليزداد احتقان الناس وغضبهم ظناً منهم أن الناس ستثور وحينها يحققون أهدافهم الدنيئة ... وقانا من شرورهم وحفظ الله مصرنا الغالية.

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز