عاجل
الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
الشباب .. قوة تساند الحاكم وتطمئن المحكوم

الشباب .. قوة تساند الحاكم وتطمئن المحكوم

بقلم : محمد عبد العزيز

بداية أحيط قرائي علما انني لم يكن لي شرف المشاركة في المؤتمر الوطني الأول للشباب و المنتهية فعالياته مؤخرا في شرم الشيخ . وأتصور أن هذه إشارة ضرورية قبل أن يستطرد القارئ الكريم في قراءة المقال .



جاء المؤتمر المشار إليه متأخرا عن موعده عامين كاملين ، فمع بداية ولاية الرئيس السيسي توقع كثيرون أن اهتمامه بالشباب سيكون هو الأولوية الأولى له ولحكومته. غير أن الرئيس  اصطدم بمئات الملفات الشائكة ، و طرأت على الساحة عشرات الأزمات المعوقة خلال هاتين السنتين . لكن – وكما يقولون - أن تأتي متأخرا خير من أن لا تأتي مطلقا. ومع أولى جلسات المؤتمر كانت هناك انتقادات وجهت إليه جاء بعضها موضوعيا ، إلا أن هناك وابل من الانتقادات التي توجه إليه هي بعيدة كل البعد عن الموضوعية ، كان مصدرها بعض أولئك الذين لم توجه إليهم الدعوة للحضور . بالفعل هناك أخطاء شابت بند الدعوات الموجهة تمثلت في غياب وجوه متميزة كانت ستمثل إضافة حقيقية للجلسات بآراء ثاقبة  و وجهات نظر مختلفة ، كما  لم يكن كل من حضر مؤهلا لهذا الحضور وتلك المشاركة.

لكن حين يضع المنصف نفسه محل منظمي المؤتمر سيدرك صعوبة المهمة التي كلفوا بها .إذ كيف لهم مثلا أن يوجهوا الدعوة لمئات الآلاف من الشباب الذين يرون في أنفسهم الأهلية للتعبير عن قضاياهم و قضايا الوطن بأسره ؟ و هل كل من حضر بالفعل من الشباب أو حتى من الشخصيات العامة قد أتيحت له فرصة التعبير عن نفسه ؟ و هل كل المتحدثين على المنصة وجدوا المساحة الزمنية الكافية للتكلم بأريحية تسمح لنا بالحكم على أفكارهم و وجهات نظرهم ؟ و هل تم تمثيل كل المهن و الأحزاب و النقابات و الفئات المجتمعية بالحضور و بحصص كافية؟

بالقطع لا ،و نسلم بوجود كل تلك الأخطاء التنظيمية ، لكن هذا المؤتمر كان مجرد بداية لابد منها . و ظني أنه قد تم استدراك هذا الأمر سريعا، حيث أعلن الرئيس عن عقد لقاءات شهرية مشابهة للتواصل مع الشباب بصورة دورية . لكن أن يخرج علينا البعض متهما من حضروا المؤتمر ب(خيانة) القضية أو التنكر لدماء الشهدء أو التخلي عن المناضلين السجناء ، كل هذه ترهات لا يمكن قبولها . فالمؤتمرون لم يذهبوا لحضور مؤتمر للتطبيع مع عدو ، إنما مضوا لعقد حوار وطني يجمعهم برئيس الدولة و مساعديه و وزراء حكومته . بل إن شخصيات كثيرة من معارضي المؤتمر و منتقديه الآن كانوا يلومون على الدولة أنها لا تقيم جسرا للحوار مع شبابها و اليوم ينتقدون هذه البادرة التي هي ليست نهاية المطاف .

نعم كنت أتمنى أن يشارك بعض الرموز الوطنية – و أكرر رموز وطنية – لها مواقفها المعارضة لسياسات الرئيس و الحكومة. لكنني أظن أن نجاح هذا المؤتمر قد يفتح شهية النظام و يشجعه لترسيخ التجربة و تطويرها في المرحلة القادمة و يأتي بمعارضين حقيقيين هم شركاء في الوطن ، لهم الحق أن يبدوا  وجهات نظرهم في أسلوب معالجة قضاياه و أزماته الأمنية و التعليمية و السياسية و الثقافية و الاجتماعية و الإعلامية  حتى و إن اختلفوا مع رأس النظام نفسه .

بالفعل كانت هناك شخصيات أجلست على المنصة من باب المجاملة ، أو تحقيق التوازنات السياسية أو الترضية لفئات بعينها . و جاءت بعض المداخلات بلا طعم و لالون لأنها كانت من شخصيات حرصت فقط أن توصل رسالة لمجتمعاتها ودوائرها الضيقة مفادها أننا من المرضي عنا و المؤهلين للقيادة و شهادة المرور للمناصب لمجرد مشاركتنا في مؤتمر يحضر الرئيس معظم جلساته. وصحيح تحدث البعض بأسلوب النفاق و الرياء المعهود و التقليدي والممجوج.

لكن رغم كل تلك السلبيات إلا أن هذا المؤتمر قد نجح في تحريك مياه راكدة في الشارع السياسي ، و أشعرنا بالاطمئنان لوجود جيل من الشباب لديه من الوعي ما يؤهله لقيادة دفة الأمور في المستقبل القريب، نجح المؤتمر في استعادة قدر من الثقة المفقودة بين الشباب والدولة ، نجح المؤتمر في خلق جسر بين الشباب بحماسهم و الشيوخ بخبراتهم . نجح المؤتمر في تحقيق مكاسب للشباب بنفس القدر الذي فتح به باب أمل لانفراجة سياسية و مشاركة مجتمعية . نجح المؤتمر في فتح ملفات كثيرة كانت مهملة في السنوات الأخيرة بسبب حالة السيولة.

أما النجاح الأكبر الذي أراه قد تحقق فهو ذلك الظهير الشعبي من الشباب الذي أصبح اليوم أكثر استعدادا لمناصرة الدولة المصرية - و لا أقول نظامها الحاكم -    و هو الظهير الوحيد الذي يمكن أن يقوى به الحاكم و يطمئن إليه المحكوم . فالشباب هم البديل الأمثل و المؤهل ليحل محل كل تلك الوجوه القديمة التي جعلت هناك حاجزا نفسيا كان يفصل بين الرئيس و بين القواعد الشعبية التي انتخبته . فمعظم أولئك الذين تصدوا ، بل و تطوعوا ، للدفاع عن النظام  و عن قراراته هم أنفسهم من خلقوا أزمة للنظام بتواجدهم حوله . لكن الدولة المصرية كانت في حالة لا تسمح لها بأن تلفظ أي مساند في ظل غياب السند الحقيقي لأي دولة و هم الشباب .

واليوم جاء دور الشباب ليتحملوا المسئولية، وعلى الدولة في المقابل أن تلتزم بتنفيذ كافة التوصيات التي انتهى إليها المؤتمرون ، وبالأخص تلك القرارات التي أعلنها السيد الرئيس بنفسه و ألزم بها نفسه و حكومته أمام الجميع في ختام المؤتمر. ولنتذكر جميعا أن الشباب لا ينسى ولا يمكن أن يتخلى عن أي إنجاز حققه هذا المؤتمر .
 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز