عاجل
الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
فرانكفورت غرباً.. والشارقة شرقاً!

فرانكفورت غرباً.. والشارقة شرقاً!

بقلم : د. طه جزاع

قد يكون عنوان هذا المقال مثيراً وغريباً لمن يظن ان الأمر له علاقة بالتاريخ الحضاري أو الموقع الجغرافي أو الأهمية الصناعية والتجارية والمالية لكلا المدينتين، فرانكفورت الألمانية والشارقة الاماراتية ، غير ان المقارنة هنا تستند الى شاهد يعتمد الكتاب أساساً للهوية الحضارية ، فمدينة مثل فرانكفورت التاريخية العريقة ليس من السهولة ان تنافسها مدينة اخرى ، ففيها تزدحم العمارات الشاهقة وناطحات السحاب ، وبين أحيائها وضواحيها تنتشر مقار الشركات الكبرى والبورصات المالية والبنوك ومنها مقر البنك المركزي الأوروبي ، والأهم من ذلك كله انها مسقط رأس الفيلسوف والشاعر والروائي والكاتب المسرحي الألماني يوهان غوته صاحب العملين الأدبيين الشهيرين فاوست وآلام فارتر والذي عرف عنه الاهتمام بالاداب الشرقية والاسلامية وظهر جلياً في أعماله الأدبية والشعرية تأثره الكبير باللغة العربية وبالشعر الجاهلي وأصحاب المعلقات الشعرية وغيرهم من فطاحل شعراء العرب القدماء ، ولاسيما في الديوان الشرقي لمؤلفه الغربي الذي استوحاه من حافظ شيرازي ، لذلك لا مجال لمجاراة فرانكفورت الا بالحلم المشروع في الوصول الى سمعة وصيت معرضها الدولي للكتاب الذي مضت على انطلاقته مايقرب من خمسة قرون ، فهو ليس مجرد معرض للكتاب واجتماع للناشرين والموزعين من مختلف ارجاء العالم ، انما هو هوية حضارية وحوار فكري ولقاء ثقافي وامتزاج انساني عابر للحدود يلتقي فيه الجمهور بضيوف المهرجان من كبار المفكرين والادباء ، وتتحول أيامه الى حركة نشيطة ليس في بيع وترويج الكتب والتعرف على اخر نتاجات الفكر الانساني فحسب انما في الحوار الحضاري الذي يتخطى حدود الجغرافيا وفجوات اللغة والدين والطائفة والايديولوجيا ، ليحلق في سماء الفكر الانساني الحر ، بعيدا عن الغلو والتطرف والتخندق الثقافي والعزلة الحضارية .



الشارقة تستعد منذ ثلاثة عقود ونصف لأن تكون عاصمة الكتاب في الشرق العربي والاسلامي ، وهي تقترب عاما بعد اخر لتحقيق هذا الحلم المشروع من خلال الاهتمام بتوسيع المشاركات في معرض الدولي للكتاب الذي تنظمه هيئة الشارقة للكتاب في مطلع نوفمبر من كل عام ،  ومن خلال تنويع الفعاليات خلال ايام المعرض ، وتبادل الافكار والآراء في ندوات مفتوحة ، والحرص على تبني توجهات فكرية وثقافية ناضجة بعيدة عن التقوقع والتطرف تعكس للعالم هوية العرب والمسلمين الحضارية التي تعرضت في العقود الأخيرة لحملات من التشويه المتعمد ، وبذلك تتحمل امارة الشارقة مسؤولية كبيرة وشجاعة ليس في دورها الريادي بتحقيق رؤية دولة الامارات بأن تصبح مركزا عالميا للنشر ، كما تحدث بذلك سعادة احمد بن ركاض العامري رئيس هيئة الشارقة للكتاب ، انما لتكون معادلاً شرقياً جديراً لمدينة فرانكفورت الغربية ، وان ذلك ليس بالأمر المستحيل بفضل الرؤية الفكرية والثقافية لصاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي حاكم الشارقة التي دفعت باتجاه ان  ( يتجاوز المعرض الجغرافيا العربية ، وحتى الاسيوية ، والشمال الأفريقية ، ليصل الى القارة الأوروبية ، والأمريكيتين )  تواصلا وتفاعلا بين الكاتب ، والناشر ، والمؤسسات المعنية بالكتاب .

في الدورة 35 لمعرض الشارقة الدولي التي تنطلق في مركز أكسبو الشارقة يوم الاربعاء المقبل الثاني من نوفمبر 2016 ولمدة 11 يوما ( ستشارك 1681 دار نشر من 60 دولة تعرض مليون ونصف عنوان ، مننها أكثر من 88 ألف عنوان جديد ، حيث تسجل دولة الامارات العربية المتحدة أعلى نسبة مشاركة ، تليها جمهورية مصر العربية ، ولبنان ، ثم الهند ، وبريطانيا ، وسوريا ، والمملكة العربية السعودية ، والولايات المتحدة ..  فضلا عن مئات المنظمات الحكومية وشبه الحكومية ، ودور النشر ، والموزعين ، وبائعي الكتب ، والناشرين الالكترونيين ، ووكلاء بيع حقوق النشر ، والمؤسسات الثقافية ، والمكتبات العامة ، ومراكز البحوث ، والجمعيات ، ومكتبات الجامعات ، ووسائل الاعلام ، اضافة الى منتجي الوسائط التعليمية بما في ذلك الخرائط والتسجيلات السمعية والبصرية ، وكذلك معارض الكتب من مختلف أنحاء العالم ) .

الحالم الكبير أحمد بن ركاض العامري ومعه أعضاء هيئة الشارقة للكتاب ، يقتربون من تحقيق حلمهم الأكبر ، بل انهم يعيشونه هذه الأيام ويحسونه احساس الصحو لا الحلم ، فالمعرض أصبح يمثل ( هوية حضارية أمام العالم ) و( شاهد من الشواهد الحضارية التي تقدم صورة الشارقة للعالم ) وقد تجلى دور وأهمية الشارقة مدينة واقتصادا وبيئة ومواردا بشرية ومستوى معيشيا ومعرضا وكتابا خلال مشاركة هيئة الشارقة للكتاب في القمة العالمية للنشر التي عقدت قبيل انطلاق معرض فرانكفورت الدولي للكتاب الذي استمرت فعالياته الى 23 من الشهر الماضي .

وحين تزدحم أروقة وأجنحة وقاعات معرض الشارقة الدولي في دورته 35  بعد ثلاثة أيام فأنه يمكن القول : ان الغرب غرب والشرق شرق ….. لكنهما يلتقيان هذه المرة على أرض امارة الشارقة !

[email protected]
 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز