عاجل
الخميس 28 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
مصر.. ودورالريادة في التميز المؤسسي

مصر.. ودورالريادة في التميز المؤسسي

بقلم : د. أحمد الديب

حَظِيت بدعوة كريمة لحضور فعاليات ملتقى أفضل الممارسات في الجودة والتميز المؤسسي بالرياض ، والتي  تخللتها فعاليات توزيع جوائز الملك عبد العزيز للجودة والتميز المؤسسي . وقد ضم الملتقي العديد من الوفود العربية والأجنبيه ، يحمل كل منهم تجربة فريدة ومثيرة في مضمار تحسين الأداء المؤسسي العام مروراً بالالتزام بأعلي معايير الجودة والتميز وصولاً إلي أفضل المخرجات وأعلي النتائج.



ضم الملتقي لفيفاً من أبرز الفاعلين في مجالات الجودة والتميز المؤسسي وأفضل الممارسات . من بين هؤلاء ، الدكتور "رولن ستايسي" رئيس اللجنة الإشرافية لجائزة "مالكوم بالدريج" الأمريكية ، والدكتور "رافي فيرناندو" الرئيس التنفيذي للمؤسسة الأسترالية للتميز المؤسسي ، والسيد "يناجيموكو نيوكي" ، مدير عام الجائزة اليابانبة الجودة . ومن الوطن العربي ، البروفيسور "هادي التيجاني" ، المنسق العام لجائزة الشيخ خليفة للإمتياز في أبو ظبي ، والدكتور "سعد القصبي" أمين عام جائزة الملك عبد العزيز للجودة ومحافظ الهيئة السعودية للمواصفات والمقاييس والجودة ، والأستاذ "أسامة أبو سليم" المدير التنفيذي لمركز الملك عبد الله الثاني للتميز بالأردن . بالإضافه إلي ممثلي الجهات الفائزة لهذه الجوائز في دورتها الثالثة . 

استعرض ممثلو الجوائز معايير كل جائزة وتأثيرها علي النهوض بالإقتصاد الوطني لكل دولة ، كما استعرض الفائزون تجربتهم الفريدة نحو الامتياز وأفضل الممارسات. أجمع المشاركون علي أهمية الجوائز الوطنية في التميز المؤسسي وأفضل الممارسات في الارتقاء بالأداء الوطني العام ، وأن الجوائز الجادة لا تقتصر قيمتها علي المردود المادي فقط ، بل يتعدي تأثيرها لتصبح الجودة والتميز المؤسسي ثقافة عامة تذوب في قيم المؤسسات وفي سلوك الأفراد . كما أجمع المشاركون علي أن الجوائز و شهادات الاعتماد بوجه عام ، لا تؤتي أُكلها إلا حينما يصير التميز واقعاً ملموساً علي الأرض ، مما ينعكس علي الأداء الوطني العام وعلي مؤشرات التنمية الاقتصادية وعلي معدلات النمو.

ثمة ثلاث تجارب عربية كبري ملهمة في مضمار الجوائز الوطنية للتميز المؤسسي والجودة . وكما تأسست جائزة "مالكوم بالدريج" الأمريكية الكبري بفضل الرئيس الامريكي الأسبق رونالد ريجان ، ثم نالت الاهتمام ذاته من قبل الرؤساء اللاحقين له ، نالت الجوائز العربية الثلاث ما تستحقه من اهتمام رأس السلطة في كل بلد ، مما أضفي علي الجوائز أهميتها ورونقها وجديتها ، فكان له الاثر العظيم علي إثراء ثقافة الجودة والتميز المؤسسي ، تلك الثقافة التي انعكست علي اقتصاديات الدول ومعدلات النمو ومعدلات دخول الأفراد مما حقق دفعة كبيرة نحوالرفاه.

تطرق الحديث عن موقع مصر في خريطة الجودة والتميز المؤسسي أثناء الأحاديث الجانبية مع بعض الضيوف الأجانب المرموقين ،  الذين أشاروا فيما أشاروا إلي ريادة مصر في مضمار الجودة والإدارة والتميز المؤسسي علي مستوي العالم العربي والشرق الأوسط ، وأشادوا بعراقة الجامعات المصرية ، وأن علوم الإدارة الحديثة انتقلت من الغرب إلي مصر ، ومن مصر أخذت طريقها إلي دول الخليج العربي ، وهو ما يعني لهم أن مصر مؤهلة تماماً لتولي الريادة من جديد إذا ما توافرت الإرادة السياسية والإجماع الوطني العام  ومردودهما الكبيرعلي تبني تحقيق ثقافة الجودة والتميز المؤسسي وأفضل الممارسات في كل المجالات .

أذهلتني محاضرة السيد "يناجيموكو نيوكي" ، مدير عام الجائزة اليابانبة الجودة ، ليس فقط في المضمون وإنما في طريقة الخطاب أيضا ، والذي لا يقل في إبهاره واستخدامه لغة الجسد المتناسقة المحترفة عن خطابات أكثر الساسة احترافاً .  وجال بخاطري في حينها أن التحديات الجمة التي نواجه ، لا يمكن أن تكون بحجم التحديات التي واجهتها اليابان إبان الحرب العالمية الثانية ، كانت البداية من درجات تحت درجة الصفر ، فاستفادت اليابان من التجربة الأمريكية باستدعائها مهندس نهضة اليابان الحديثة المهندس "إدواردز ديمينج" والذي بدأ الرجلة عام 1950 وها هي اليابان تصدر تجربتها إلي العالم كله.

إن استعادة الريادة أسهل بكثير من استحداثها ، تزخر مصر بعلماء ملأوا الدنيا علماً وفكراً وتخطيطاً وتنفيذاً، ومبدعين في شتي المجالات في الداخل والخارج . نحن في أمس الحاجة إلي الإرادة السياسية علي أعلي المستويات لتتبني مشروعاً وطنياً ملهماً للتميز بمعايير وطنية قومية موحدة تُدار لامركزياً بواسطة المحافظين ثم تصب في إدارة مركزية فاعلة في العاصمة ، وما أن تتبلور المعايير وتنفذ الخطط العليا لتصيرثقافة عمل ، تسنح الفرص لتدشين جائزة مصرية وطنية للتميز المؤسسي ، تقسم إلي ثلاثة أفرع رئيسية ، جائزة التميز  للمؤسسات الحكومية ، وجائزة التميز  للمؤسسات الخاصة ، وجائزة التميز لأفراد من داخل المؤسسات . وسيكون ضرباً من ضروب الجحود أن أنكر المحاولات الجادة التي تبناها العبقري الدكتور "أحمد درويش" وزير التنمية الإدارية الأسبق والتي عايشتها بنفسي في مضمار التميز المؤسسي . 
     
بمنتهي البساطة ، إنها ثلاثية "الإنسان ، والمؤسسة والاقتصاد" ، يمثل فيها الإنسان بما يحظي به من فكر وعلم وخبرة ، المدخلات الرئيسية ، وتمثل المؤسسة النظام والعمليات ، بينما يمثل الاقتصاد المُخرَج النهائي . تكمن الرؤية في الإهتمام بإنسان الدولة والذي سُتوكل له مهام إدارة المؤسسات والنظام والعمليات والتي تكون مخرجاتها  في النهاية ، الاقتصاديات الوطنية المتطورة .

كل ما نحتاجه هو جيل جديد واحد ، يمثل صلصالة طرية لينة سهلة التشكيل ، يتم متابعته منذ التعليم الأساسي ، حتي التعليم الجامعي ثم التدريب المستمر علي رأس العمل . جيل يمتلك شيئين يمثلان وجهي العملة ، وهما الكفاءة والطموح ، الطموح الفردي الذي لا ينفصل ابداً عن الطموح الوطني . أراهن علي هذا الجيل الذي سوف يتمكن من الإتيان بما لم يأتي به الأوائل ، إذا ما عايش الإهتمام به وزُرعت فيه مباديء الوطنية والعمل الجاد المتميز ، وأُوتي الفرص التي ستمكنه من الإسهام قطعاً في رفعة ونهضة الأوطان .
 
*خبير الإدارة والجودة
 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز