عاجل
الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
أصوات مُثيرة للجدل

أصوات مُثيرة للجدل

بقلم : د. محمد فاروق

أهلاً بكل الأصوات المعارضة الناضجة التي تتحدث عن علم وفهم ودراية ، مرحباً بالصوت الذي يخدم مصر ، ويُصوِّب أخطاء إدارة النظام في أي ملف من ملفات الدولة شديدة التعقيد ، إشتاقت مصر للصوت المعارض الواعي ، ولكن :



صوت سائق التوك توك الذي ملأ جنبات الفضائيات ومواقع التواصل الاجتماعي منذ أيام ، ليس صوتاً معارضاً ، بل هو أنين ووجع لمواطن مصري يعيش ظرفاً صعباً ، تماماً كما هو حال ملايين المصريين منذ عقود ! ليس بالضرورة أبداً أن يكون صاحب الأنين يملك صوتاً معارضاً ذو رؤية مستقبلية تحمل حلولاً أو مخرجاً من أزمةِِ ما !

تماماً كما جاء في رسالة السيدة / هبة كف الغزال – التي ملئت مواقع التواصل الاجتماعي خلال الثمانية والأربعين ساعة المنصرمة ، والتي جاء فيها باختصار غير منتقص للفكرة :

أنها لم تكن من متظاهري يناير ، بل شاركت فقط في اليوم الذي تم فيه قطع الاتصالات والإنترنت عن كل الجمهورية ، ثم بدأت تحكي لنا عن ما تعتقد أنه جرائم للمجلس العسكري حينما " أصدر الإعلان الدستوري بالاتفاق مع الإخوان " .. وعندما سمح وبارك اعتلاء " الرخيص المصري السابق – محمد مرسي " لسُدة الحكم ، ثم تحدثت عن جرائم محمد محمود و ماسبيرو ، وما بين السطور تضع علامات استفهام توحي باتهامها للمجلس العسكري " بشكل غير مباشر " بتدبير مثل هذه الجرائم ! ثم ألقت بكل هذه الملفات على كاهل رئيس الجمهورية " السيسي " بعد أن ذكرت أنها تعاني منذ بدء ولايته ، وأنها باعت مدخراتها وفقدت جزءً كبيراً من ميراثها ومرتبها ودخل زوجها الذي باتت قيمته الشرائية " أقل من النصف " خلال عامين ! ثم قالت على الفريق المؤيد للنظام الحالي " أمثال العبد الفقير إلى الله " أننا لا نختلف كثيراً عن الإخوان ، بل قالت إنها تخشى من السيسي ومؤيديه كما كانت تخشى الإخوان ومرسي ، ثم أردفت قائلة " ومش عارفه الجيش ممكن يقف في صف مين ؟ " !

أسوأ ما عانيت منه منذ 30 يونيو ، أن أتعرض لتكرار نفسي وتكرار الفكرة وتكرار النمط ! حاله من السجن تقوم بتعطيل الأُفق ، وتتسبب في مخاض حالة من الزُهد في الكتابة ! يدفعوننا دفعاً للرد عليهم بأسلوب ونتائج وإحصائيات مكررة ، فقط في كل مرة نقوم بإضافة خطوات جديدة قامت بها الدولة تحت سمع وبصر الجميع ، ولا نسعى لوصفها بالإنجازات الجديدة حتى لا نقع تحت طائلة " مجانين النظام "

بدايةً يا سيدتي ، أنتِ لست المعارضة التي يؤخذ منها ويُرد ، بالكثير أنتِ لديك معاناة لا تختلف عن معاناة سائق التوك توك وأوجاعه مع اختلاف المستوى الاجتماعي وليس الثقافي ، حيث أن هذا السائق تحدث بنفس اللغة التي تتحدثين بها ، ثم وصفك للسيسي وشعب مصر " أقول شعب مصر " لأنه السواد الأعظم والأغلبية الكاسحة مهما كانت معاناتهم الحالية ، فهم يحبون الرجل ويباركون خطواته ، بالرغم من حالتهم التي كما يعلم الجميع " ليست على ما يُرام " ، وصفك للسيسي ولهم بأنهم لا يختلفون عن جماعة الإخوان يكشف فوراً مدى الانفعال الذي أنتِ عليه ، مدى التخبط في الرؤية ، مدى الاستهتار في طرح الفكرة دونما ضمير ! وهذه الصفات أقل وطأة ، وأكثر حيادية ، إذ أنني اكتفيت بها حتى لا نقع في معضلة التخوين التي أعفيكِ منها جملةً وتفصيلاً .

سيدتي : شعب الإخوان مجرد أشباح آدمية ممسوخة ، ممسوحة العقل ، لهم أجندة إخوانية خالية من مفهوم الوطن ، يبيعون أمهاتهم وتراب بلادهم لقاء تعليمات المرشد ، فهل شعب مصر الذي خرج في يونيو كان له غاية إلا الوطن ؟! .... في يناير خرج مَن خرج من أجل العيش والحرية والعدالة الاجتماعية " كلها مطالب " .... شعب يونيو خرج فقط من أجل إنقاذ مصر من مصائر وويلات لا يعلمها إلا الله ، فهل هذا الشعب مثل قطيع الإخوان ؟! وهل السيسي ونحن معشر المؤيدين نجرؤ على قتلكم على أبواب الاتحادية كما فعل مرسي  وجماعته ؟! وهل الجيش الذي تُبدين تحيُرك من موقفه القادم إذا قام شعب مصر بثورة على السيسي سيكون موقفه داعماً للسيسي على حساب الشعب ؟! هل هذه نظرتك للسيسي وللشعب وللجيش ؟! .... إذن ماذا تبقى لي في محاورتك بالعقل والمنطق ؟! سأفرد باقي المقال للفكرة وليس للرد عليكِ ، فأنت من الآن " هبه رِجل الغراب ، ولستِ هبه كف الغزال "!

ماذا فعل بكم السيسي ؟

من أجل الله والوطن ناقشوا الأُطروحة بشيء من الضمير والوازع الوطني لا أكثر ولا أقل ، هل الفترة من 2011 إلى 2016 تُعد مطمعاً لأحد ؟! هل ما فيها ما يسيل من أجله لُعاب الرجال بحثاً عن المنصب السيادي ؟!

هذا الرجل كان بوسعه أن يحتفظ بالراحة الأبدية مُتوجاً على عرش وزارة الدفاع وفي قلوب المصريين بعد موقفه من حكم الإخوان ومساندة الشعب وإجبار هذه الجماعة على الفرار خارج مصر تارة ، وفي أحضان السجون تارةً أخرى ! هل تجد في ضميرك عكس ذلك ؟!

ماهي الحالة التي تسلَّم فيها هذا الرجل البلاد ؟ تلك الحالة المترديَّة التي وصلت إليها مصر على كافة الأصعدة ، إقتصاد منحدر يعيش على التسول دونما خجل ، دونما إدارة لموارد الدولة ، دونما تطوير لشبر واحد داخل الأراضي المصرية الزراعية أو الصناعية ، عدالة اجتماعية غائبة تسببت في احتقان شعبي واسع ومُستحق ، مستوى تعليمي في الحضيض ، ومدارس عفى عليها الزمن ، خدمات صحية لا ترقى لوقاية وعلاج الحيوانات فضلاً عن الإنسان ، أجهزة طبية تعود لعقود من الزمان ، لا استثناء في ذلك على طول وعرض مستشفيات الجمهورية ، إنهيار في البنيَّة التحتيَّة لمياه الشرب والصرف وخلافه ، وفساد مُستشري لا يخدم إلا البقاء الآمن لصاحب السلطة في أي موقع ، ما أدى إلى توسيع الفجوة بين الكارثة وفترة الإصلاح التي تستلزمها ! فهل تجد في ضميرك عكس ذلك ؟! هذا الجزء مكرر من مقالات سبقت على هذا المقال ، فلو كان بوسعك تكذيبه في كل مرة فأرجوك أن تفعل بالأدلة والبراهين .

يقول الحق تبارك وتعالى " إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّام " ثم في موضع آخر يقول " هوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ سبع سموات "

ما الذي يجعل " مالك الملك " يستغرق وقتاً في خلق السماوات والأرض يصل إلى ستة أيام ؟! واليوم عند الله كألف سنةِِ مما تعُدون ! ثم لماذا يخلق الله الأرض أولاً ثم يشرَع في خلق السماء ؟! إذا كان جَل في عُلاه يقول " إنما أمرُه إذا أراد شيئاً أن يقولَ لهُ كُن.. فيكون " ؟! فلماذا لم يقل للأرض والسماء جملةً واحدة وبين طرفةِ عينِِ و انتباهتِها " كونا .. فيكونا " ؟! بل هو الله القادر ، ولكنها آيات بيِّنات لها مقاصد وعِبَر .

فإذا كان هذا الدرس العظيم من الله العظيم يُثبت لنا أن لكل حدثِِ شأن يقتضي وَعياً خالصاً مُنزهاً من الأغراض والأهواء ، فكيف بهذا الرجل الذي تسلَّم البلد بهذه الحالة التي أسردناها أعلاه ؟! .. فهل تجد في ضميرك عكس ذلك ؟!

بل دعني أزيد ، وهل استلم هذا الرجل الدولة فقط على الحالة سالفة الذكر ؟! .. لا والله يا عزيزي !

أضف إلى ما ذكرناه أن هذا الرجل استلم الدولة في أعقاب ثورتين ، كانت فيهما مصر على المحك الدولي والإقليمي ! سُلطة ومسئولية ليست كأي سلطة أو مسئولية جرى عليها العُرف في العالم والتاريخ المعاصر ، سُلطة ومسئولية في أعقاب ثورات مُستحقة بطعم المؤامرات والدمار الشامل ، جهات بعينها أرادت استغلال الحلم المُستحق وتحويله إلى كابوس مفزع ! فهل أنت بحاجة إلى دلالة على ما يضرب الشرق الأوسط منذ خمسة أعوام ؟! وهل تجد في ضميرك عكس ذلك ؟!

ليس هذا فحسب ، عليك أن تفتح أعينك على الحراك الدائر " اللعين " والذي كان يُدركه صانع المؤامرة جيداً ، ويعلم أنه السبيل الأمثل للحفاظ على حالة الاشتعال المجتمعية الدائمة ، حالة الاشتعال بين المجتمع المدني ومؤسسات الدولة ، حالة استغلال لكل ما يؤجج نار الفتنة ويُعيد تأجيجها مرات ومرات ، ثم يستمر التخبط ، وتستمر الدولة في حالة عدم الاستقرار المجتمعي فضلاً عن حرب تكسير العظام الاقتصادية التي ترتفع وتيرتها يوماً تلو الآخر ، ثم الجميع لا يشعر بالكارثة ولا يعلم من أين وكيف ستوفر له الدولة  راتبه الشهري ! ثم نبحث عن المشروعات الجاذبة للاستثمار ، ونبحث عن مشروعات الإسكان ، ونبحث عن معدلات النمو ، ونرفض الكساد السياحي ، ونُقارن ما بين سعر صرف الدولار في عهد مبارك وما وصل إليه الآن دونما دراسة لأي جانب أو نظرة إلى أخبار سعر الصرف في البلاد من حولنا ! ثم نُطالب بإقالة الحكومة في أقل تقدير ! ثم تظهر حالة جديدة من الانتهاك الناتج بالأصل عن ترهُل جسد الدولة لعقود مضت ، ثم نُعيد الدائرة و العويل مرة أخرى ! ونحن في أغلب الظن " نترجل في جنازة ولا ندري مَن الفقيد " ! فهل تجد في ضميرك عكس ذلك ؟!

هنا سنأتي على آفة حارتنا ، سنعترف بكل ما جاء أعلاه ، ثم سنقول " نعم ، ولكن ..! "

ولكن ماذا ؟! هل أعددت نفسك للحديث بطريقة " ولكن " ؟! هل ستُعيد على مسامعنا كوارث مصر التي تُعانيها منذ عقود بوصفها أخطاء الحاضر ؟! أو ستطرحها علينا وأنت لا تدري كيف تُقاس معدلات الإنتاجية للحكم على الأشياء ؟! وهل تستطيع احتساب معدلات الإنتاجية آخذاً في الاعتبار جُل وكل ما ورد أعلاه من حراك لَعين يؤخر ولا يُقدم ؟!

ولكن ماذا يا هذا ؟! أتمنى عليك أن تضع كلمة " ولكن " في جملة مفيدة ولو لمرة واحدة منذ أن بدأت الثورة وحتى وقتنا هذا ! جملة تخدم ولا تهدم . جملة أستشعر منها أنك معارض تعي ما تعارضه ولديك حلول للخروج من الأزمة التي تتحدث بصددها ، إذا كانت الأزمة الاقتصادية الحالية يرى فيها الخبراء الاقتصاديون أمثال الدكتور محمد العريان – أن مصر تتعامل معها بشكل صحيح ، وأن القادم سيكون أفضل في ظل هذه الإصلاحات ، وأن أزمة سعر الصرف بالرغم من قسوتها إلا إنها أزمة عابرة ستنتهي مع الوقت ومع حزمة قرارات ربما كان من بينها تعويم الجنيه ، فماذا ستقولون عن تعويم الجنيه أيها الجهابذة الاقتصاديين ؟! أنسمع منكم أم من محمد العريان ؟!

ماذا فعل بكم السيسي يا سادة ؟! ماهي الأطماع التي يتطلع لها الرجل ؟ وماهي الغنائم التي بحوزتنا ؟ أجبرتمونا في كل مرة على تكرار أنفسنا وما نكتب وما استفضنا فيه مرات ومرات ! لم تتركوا لنا إلا موضع الدفاع عن الرجل الذي لا يستحق إلا الدعاء ! أجبرتمونا على الجلوس في معرِض ردود الأفعال من كثرة الافتراء على الرجل والدولة ومصر وشعبها جهلاً أو عمداً ! 

حسناً : سنكرر أنفسنا مرات ومرات ، وسنستمر ، ولن نخجل من ذلك ، وأهلاً بالمعارضة التي تخدم ولا تهدم ، فكلنا لمصر .  

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز