عاجل
الإثنين 13 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
إنما للصبر حدود!

إنما للصبر حدود!

بقلم : د. طه جزاع

من الحقائق العلمية التي اصبحت ضمن بديهيات الحياة ، إن الجينات والصفات الوراثية تنتقل من الآباء للابناء ومن جيل الى آخر عن طريق الخلايا الجنسية والوحدات الوراثية المحمولة على الكروموسومات ، او مايسمى علميا الحمض النووي ( DAN) وهو احد الاحماض النووية التي تحمل كل المعلومات الوراثية التابعة لفرد معين يتبع لجنس ما ، وعن طريقه يتم فحص الأبوة في حالة الرغبة أوالحاجة للتأكد من الآباء الحقيقيين للمواليد ، أو تحديد عائدية الجثث المشوهة والمحترقة او المدفونة منذ الاف السنين ، وتبعا لهذه الجينات أيضا تتحدد طبيعة الشعوب ، وما يغلب عليها من صفات ومشاعر ، وتتنوع سماتها بين شعب عصبي المزاج وآخر بارد الطباع ، وشعب منفعل وآخر صبور ، وشعب يشعر بالسعادة الدائمة ولو تعرض لمليون مصيبة ، وآخر يشعر بالشقاء الدائم ولو قام على خدمته ألف وزير ووزيرة ، وعشرة آلاف نائب .. ونائبة!



ومن الدراسات الحديثة تلك الدراسة التي اجراها باحثون في جامعة وارويك البريطانية العريقة لمعرفة السر الذي يكمن وراء السعادة التي يحظى بها سكان بعض الدول مثل الدنمارك وهولندا ، اذ يوصف الدنماركيون بأنهم أكثر شعوب الارض سعادة ، فوجدوا الكثير من الادلة التي تشير الى مستويات عالية من الرضا عن الحياة قد لاتكون مرتبطة بمستوى المعيشة ، وانما ترتبط أكثر بالجينات الوراثية ، ولكي تكتسب هذه النتيجة مصداقيتها العلمية فقد قام هؤلاء العلماء والباحثون بقياس ( المسافة الجينية بين البلدان ) حللوا فيها بيانات عالمية ضمت اكثر من 131 دولة ، مع دراسة العوامل المؤثرة في كل بلد مثل اجمالي الناتج المحلي والثقافة والجغرافيا والدين ورفاهية الدولة ، وكانت النتائج مدهشة حيث وجدوا انه كلما زادت المسافة الجينية بعدا عن الدنماركيين ، كلما انخفضت معدلات السعادة والرضا عن الحياة ، وكلما ازداد الاقتراب الجيني بين شعب ما وشعب الدنمارك كلما ازدادت سعادة هذا الشعب ، وهذا يعني ان الدنماركيين أكثر شعوب الارض سعادة لا بسبب الرفاهية الاقتصادية ، ولا بسبب مستوى الحياة ، ولا نوعية الخدمات ، ولا بسبب الأمن أو الحكومة أو القضاء أو استقرار عملتهم الوطنية ،انما فقط بسبب ... الجينات الوراثية!

ومن طريف ما يذكر في هذا الأمر ، ان نائبا برلمانيا سودانيا يدعى عصام الدين ميرغني ، طالب الدولة مرة بمنح الشعب السوداني أوسمة الجدارة لصبره على سياساتها الخاصة بمعاشه ، كما طالب خلال جلسة للبرلمان بوضع جينات الشعب السوداني في عبوات وبيعها في السوبرماركات والدكاكين!

وهو يقصد بذلك ان يوفر جرعات من الصبر لاولئك الذين يعانون من قلة الصبر ، وللذين يغنون مع ام كلثوم ( ماتصبرنيش بوعود .. وكلام معسول وعهود .. أنا ياما صبرت زمان .. على نار وعذاب وهوان .. وهي غلطة ومش حتعود .. انما للصبر حدود .. يا حبيبي )!

ومثلما لصبر العاشقين حدوداً .. فأن لصبر الشعوب على الأزمات والظروف الصعبة والفقر والبطالة ، مهما اختلفت جيناتها ، حدوداً .. يا حبيبي !

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز