عاجل
الخميس 18 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
ولماذا لا يفوز "دونالد ترامب"!

ولماذا لا يفوز "دونالد ترامب"!

بقلم : د. أحمد الديب

لم أكن اتخيل وأنا اتابع سلسلة المناظرات بين المرشَحَين لمنصب الرئيس الخامس والأربعين للولايات المتحدة ، الجمهوري "دونالد ترامب" والديموقراطية "هيلاري كلينتون" أن الشعب الامريكي سوف يرجح كفة ترامب . بدا ترامب بالنسبة لي علي الأقل عصبياً ومتوتراً ومتعجرفاً ولم يخفي الرجل نيته في الإقصاء  كما بدت البغضاء في خطابه تجاه مسلمي الولايات المتحدة الامريكية بل وربما مسلمي العالم ناهيك عن مشاعر كراهية كان الرجل صريحاً في التعبير عنها لكل الأقليات  .



ظننت أن فوز هيلاري كلينتون بات محسوماً دون ان يختلج في صدري رغبة في فوز أحدهما ، ثم عضد ظني ما أسفرت عنه نتائج استطلاعات الراي بتقدم كلينتون . إنه الشعب ا الأمريكي المنفتح والمثقف والتعددي والمسالم والذي صوت "لباراك أوباما" الأسود ذي الأصول الأفريقية فقلت " ستفعلها أمريكا ثانية أن تأتي بأول إمرأة تتسيد البيت الأبيض لتضرب أروع الامثلة في نبذ التمييز ضد الجنس بعد أن ضربته ضد العرق واللون سلفاً " .

ها هو الظن لا يغني من الحق شيئاً ، وها هو ترامب يعتلي عرش البيت الابيض وإن شئت قل عرش العالم وها هي هيلاري كلينتون التي كانت بضاعتها التعددية وقبول الآخر واحترام حقوق الإنسان تُمني بهزيمة مدوية .لم يشفع لهيلاري خطابها ، يبدوأنه سيخسر من ستكون هذه بضاعته وأن العالم يمضي بخطي حثيثة نحو التعصب والتوتر والصراع وحتي الجنون.

لم يخفي دونالد ترامب كرهه للأقليات ، وأشار في غير موضع بصراحة منقطعة النظير عزمه علي طرد اللاجئين ومنع المسلمين وغيرهم من دخول الولايات المتحدة  . ربما تكون نظرته العدائية تجاه المسلمينوتعامله الفوقي مع دول العالم أجمع بدءاً من أميركا اللاتينية ومروراً بأوروبا ووصولاً الى الصين مجرد فرقعات إعلامية لا تتعدي كونها دعاية انتخابية وسيختلف الأمر او علي الأقل ستقل حدته فور وصوله إلي سدة الحكم . اللافت للنظر أن السواد الاعظم من الشعب الامريكي بات يؤيد هذه النظرة العدائية وهذا التوجه العنصري مما يستلزم إعادة النظر في مفاهيمنا السابقة بأن أمريكا بلد الحريات ونتوقف عن ضرب الأمثلة والاستشهاد بها إذا ذُكرت التعددية وإحترام الآخر والتعايش المشترك والذي أثق كل الثقة أنها من الأسباب الرئيسية التي جعلت من الولايات المتحدة حلم الأحلام والأيقونة المُثلي للحداثة والتقدم والعلم والحضارة.

لم أعد أندهش بشيء أو من شيء وإن خالف الواقع التوقعات ، لماذا لا يفوز ترامب ،  ألم يكن أدولف هتلر معشوق الشعب النازي ، ألم تكن خطابات الفوهرر العنصرية تجاه اليهود والأقليات تحرك ساكنهم وتستدعي حماستهم وتثير عزتهم وفخرهم .ألا يستعيد الإيطاليون ذكري موسيليني في ظاهرة جديدة إبان حقبة رئيس الوزراء السابق سيلفيو بيرليسكوني وأصبحت خطابات الدوتشي واسعة الانتشار بين اوساط الشباب . ألم تتناول الباحثة الفرنسية “ديانا دوكريه" في كتابها " نساء الطغاه " كيف كان هتلر معشوقاً من النساء ، وكيف كانت النساء تجد في موسيليني أجمل الرجال واوسمهم وأكثرهم جاذبية !.
 
لا أدري إن كان فوز ترامب أحد إرهاصات أُفول النجم الأمريكي في سماء عالم ظل لفترة ليست بالقليلة أُحادي القطب وقد آن الاوان ليتقلص الدور الاامريكي لحساب أمم صاعدة واعدة تلعب أدواراً محورية في مضماري السياسة والإقتصاد وهو ما لا يصب قطعاً في مصلحة الشعب الامريكي ، أم أننا لسنا مؤهلين لهذه التوقعات ولا نملك الأدوات الكاملة للتنبؤ بمصير أمريكا القادم ، وأن أهل أمريكا أدري بشعابها وهم الوحيدون الذي يستطيعون تقرير مصير وطنهم وأنهم حسموا الأمر بالتصويت لدونالد ترامب الذي نراه نحن موتوراً وعنصرياً بينما يراه الناخبون رجل الأعمال الناجح الذي يركز فيما يركز عن الهوية الامريكية و الذي سوف يخلصهم من الجرذان الذين يشاركونهم وطنهم.

عن ظاهرة ترامب ، يقول الدكتور أحمد عكاشة رئيس الجمعية المصرية للطب النفسى : "جزء كبير جداً من الشعب الأمريكى تعجبهم شخصية ترامب ، لأن جزء كبير من الشعب الأمريكى خاصة الأشخاص الذين يعيشون فى الولايات الوسطى فى أمريكا، وهم شبه فلاحين وأنصاف متعلمين، لا يهمهم سوى الهوية الأمريكية فقط أكثر من أى شىء آخر، كما أن معلوماتهم بسيطة جدا. إن الانتخاب في جزء كبير من الشعب الأمريكى خاصة الولايات الوسطى سيكون لدونالد ترامب، وهذا ما ترتب على قوله لهم: "أنا عايز أهتم بأمريكا والمواطن الأمريكى"، والهوية الأمريكية أهم لديه من إرسال الجنود لتحارب فى بلاد أخرى، وأيضا عندما قال لهم مش معقول أبدا إننا ندافع عن أوروبا واليابان وكوريا الجنوبية لازم يدفعوا الثمن".
 
من القلائل الذين توقعوا فوز ترامب المخرج الأمريكي الشهير "مايكل مور" قي تدوينة نشرها في شهر يوليو الماضي على موقعه على الإنترنت ، يقول "مور" في تدوينته " يؤسفني أن أكون حامل الأخبار السيئة، لكنني صارحتكم بالأمر الصيف الماضي عندما أخبرتكم بأن دونالد ترامب سوف يكون المرشح الجمهوري للرئاسة. والآن لدي أخبار أكثر سوءًا وإحباطًا: سوف يفوز دونالد ترامب في نوفمبر/تشرين الثاني. ذلك البائس الجاهل الخطِر المهرج بدوام جزئي والمعادي للمجتمع بدوامٍ كامل سوف يكون رئيسنا المقبل، الرئيس ترامب، امضوا قدمًا وقولوا الكلمتين؛ لأنكم سوف تقولونهما طوال السنوات الأربع القادمة: "الرئيس ترامب".
  
هيا بنا إلي الوجه الآخر من الحقيقة والذي يقول أليست هذه هي الديمقراطية حلم الأحلام في بلدان العالم الثالث ، أليس الشعب الأمريكي من الحرية بمكان أن يتوجه الي صناديق الاقتراع ويصوت لمن يراه سيخدم اهتماماته ويوفر حاجياته ويسد فراغات أحلامه.
 
لماذا نأسي أو نبتهج بفوز هذا أو ذاك أوبهزيمة هذا أو ذاك ، متي كان صانع السياسية الأمريكية ديموقراطية كانت أم جمهورية مع العالمين العربي والإسلامي ، ومتي اتسقت إرادة أمريكا ومصالحها الاقتصادية والسياسية مع إرادة ومصلحة العرب والمسلمين . ألم يعتلي باراك أوباما الديموقراطي منذ بضع سنوات منصة جامعة القاهرة ليخاطب من خلالها العالمين العربي والإسلامي ويعدهم بأنهار الماء وأنهار اللبن وانهارالعسل المصفي . ها هو باراك أوباما يخرج من البيت الابيض كما دخل وهو الديمقراطي الاقل حدة وتعصبا من نظرائه الجمهوريين ليثبت لنا أن دخول الرؤساء إلي البيت الأبيض بالنسبه لنا زي خروجه.
 
تكمن المشكلة الحقيقة في أننا نقحم أنفسنا في شؤون غيرنا بينما ندفن رؤوسنا في الرمال فيما يخص أمورنا  من المسؤول عن ظاهرة "الاسلاموفوبيا" غير المسلمين أنفسهم و الذين يتعثرون ويتعثرون فلا يجدون لهم طريقا الي المجد ، والذين يتخلفون عن ركب الحضارة بمنتهي الرعونة وبمنتهي السخف. لا يمكن أن نوجه السياسية العالمية إلا ونحن نملك غذائنا ودوائنا وسلاحنا وبالتالي قرارنا وتقرير مصيرنا ، وإن كنا نخشي من وصول دونالد ترامب ، ألا تكون أولوياتنا  نحن العرب أن نوحد الصفوف في مواجهة الأخطار المحدقة بأوطاننا وشعوبنا وأمتنا إن وجدت ؟! 

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز