عاجل
السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
مصر .. وفيروس النجاح ..!

مصر .. وفيروس النجاح ..!

بقلم : د. شريف درويش اللبان

يبدو أن فيروس النجاح والانتصارات قد أصاب مصر مؤخرًا بعد طول انتظار؛ فمنذ 25 يناير 2011، ونحن نحاول جاهدين إعادة الأمور إلى طبيعتها، إلا أن الظروف والسياق العام كانت تأبى ذلك وتتمنع علينا، سواء في المجال الأمني أو السياسي أو الاقتصادي أو الدستوري أو الإعلامي أو حتى الرياضي، ولكن ما حدث بالأمس من انتصار مصر على غانا لم يكن هو فيروس النجاح الوحيد الذي أصاب مصر في مجال الرياضة، بل سبقته فيروسات النجاح في الألعاب الأوليميبية والباراليمبية وبعض الألعاب الأخرى والبطولات القارية.



وقد أصاب المجال الاقتصادي فيروس النجاح بعد طول إخفاق وشهور من الانتظار لتطبيق برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي كانت أنظار العالم تتجه إلينا لتعرف هل لدينا الجرأة والإرادة لتطبيقه أم لا، إلا أن الخميس الثالث من نوفمبر كان يومًا فارقًا في تاريخ الاقتصاد المصري؛ ففي ذلك اليوم تم تحرير سعر صرف العملة الوطنية، ورفع الدعم جزئيًا عن المحروقات لعلاج العجز في الموازنة العامة للدولة.

وقد استجاب صندوق النقد الدولي لهذه الإجراءات الجمعة الماضية بالموافقة النهائية على منح مصر قرضًا مقداره 12 مليار دولار على ثلاث سنوات، وهو ما يمثل شهادة ثقة في الاقتصاد المصري تجعله اقتصادًا جاذبًا للاستثمارات، كما أدى هذا إلى رفع التصنيف الائتماني لمصر، وازدهار بورصتها للأوراق المالية وتحليقها فوق مستوى عشرة آلاف نقطة، وهو ما لم يحدث منذ الأزمة المالية العالمية التي ضربت البورصات العالمية عام 2008، أي منذ ثماني سنوات كاملة.

وفي الرياضة كما في الاقتصاد، قد لا يعجبك الأداء، ولكن لا تنسى أننا لا نملك رفاهية الأداء الجيد الذي يمكن أن يُمتع الجمهور، وينتزع الآهات من حناجرهم، ولكن الأهم أن نحقق الأهداف التي نصبو إليها من خلال الإمكانات المتاحة. حدث هذا في مباراة مصر وغانا.. لم يكن أداؤنا الأفضل في المباراة بل كان الخصم عنيدًا وأشد خطورة، إلا أننا فزنا بهدفيْن وظفرنا بنقاط المباراة الثلاث.

وفي الاقتصاد، ربما لم يعجب البعض القرارات الاقتصادية الأخيرة، ونظر إليها على أنها الأسوأ بالنسبة للأوضاع المعيشية للمواطنين، ولكن في المحصلة أدت هذه القرارات إلى فتح آفاق واسعة للاقتصاد المصري كانت موصدة بالضبة والمفتاح. لم يكن يجرؤ مستثمر واحد الاقتراب من السوق المصرية في ظل وجود سعريْن للصرف؛ فمن ذا الذي يخسر نصف قيمة دولاراته بتحويلها إلى القطاع المصرفي للاستثمار في مصر، ولكن بعد توحيد سعر الصرف بدأت الاستثمارات تتوافد على مصر كما صرح بذلك وزير الإسكان في مؤتمر مؤسسة أخبار اليوم الاقتصادي.

ربما أثار تحرير سعر الصرف بعض الهلع بوصول الدولار إلى أسعار قياسية، إلا أن آليات السوق هى التي ستحدد السعر العادل للجنيه المصري أمام الدولار ومختلف العملات، وهو ما نراه في سبيله إلى التحقيق؛ فبعد صعود الدولار إلى ما يزيد عن 18 جنيهًا وجدناه يتراجع إلى مستوى 15 جنيهًا، وربما يتراجع بشكل أكبر في الفترة القادمة، وهى أسعار أقل بكثير من سعره في السوق الموازية قبل تحرير سعر الصرف.

وإذا كان رفع الدعم جزئيًا عن المحروقات لم ينل رضا المواطنين في البداية، إلا أنه مما يُحسب للحكومة سرعة تحركها في فرض تعريفة عادلة لأجرة سيارات الميكروباص حتى لا يتم فرض تعريفة مبالغ فيها على المواطنين، وهو ما جعل التعريفة الجديدة مقبولة من المواطنين والسائقين على حد سواء، كما حافظت الحكومة على أسعار تذاكر القطارات ومترو الأنفاق وأتوبيسات هيئة النقل العام.

وكما قلت في مستهل هذا المقال، قد لا يعجبك الأداء سواء في الرياضة أو الاقتصاد، إلا أن الأهم هو تحقيق الأهداف التي نصبو إليها. وما دام فيروس النجاح بدأ ينتشر في مجال الرياضة ومجال الاقتصاد، فأنا واثق أن هذا الفيروس لن يؤدي بنا فقط إلى تحقيق الأهداف، بل إنه سيكفل الارتقاء بمستوى الأداء في المستقبل القريب.

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز