عاجل
الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
حجر الفلاسفة وأكسير الحياة !

حجر الفلاسفة وأكسير الحياة !

بقلم : د. طه جزاع

 اختلطت في العصور الوسطى مفاهيم العلم والسحر والفلسفة والأساطير ، ولعبت الكيمياء أو الخيمياء القديمة دورا خرافيا في محاولات علماء محترمين لإنتاج مادة يمكنها تحويل المعادن الرخيصة مثل الرصاص والنحاس إلى معدن ثمين هو الذهب ، ثم تطورت تلك المحاولات إلى التفكير في الوصول إلى ما سموه حجر الفلاسفة أو عقار أكسير الحياة الذي يحقق حلم البشرية الأزلي في إطالة عمر الإنسان وتمتعه بأطول مدة من الحيوية والطاقة والشباب ، غير إن تلك المحاولات ذهبت أدراج الرياح وطويت في ملفات التاريخ ، فلا الرصاص صار ذهبا، ولا الشباب طال يوما ، ولا الإنسان حصل على عشبة الخلود التي خطفتها الأفعى من جدنا جلجامش وكان قاب قوسين أو أدنى من تحقيق حلمه المستحيل ، رحمه الله وغفر له واسكنه فسيح جناته!



 
وقد ألهمت فكرة حجر الفلاسفة الروائي البرازيلي المعاصر باولو كويلو المتأثر بالتراث والتصوف الإسلامي  ليكتب روايته "الخيميائي" التي اكتسبت شهرة عالمية واسعة وبالأخص عند القراء العرب ، ذلك إن اغلب أجواء الرواية تجري في الصحراء المغربية الجزائرية التي يصلها بطل الرواية "سانتياغو" من اسبانيا عبر مضيق جبل طارق وصولا إلى مصر بحثا عن الكنز المدفون قرب الأهرامات ، لكن ( ليس من السهل اكتشاف حجر الفلاسفة ، فقد بقي الخيميائيون سنوات عديدة في مختبراتهم يراقبون هذه النار التي تطهر المعادن ، وبقدر ما كانوا ينظرون إلى النار ، كانوا يتوصلون في أعماقهم ، شيئا فشيئا ، إلى التخلي عن أباطيل العالم ، ثم ما لبثوا أن أدركوا ، ذات يوم ، إن تطهير المعادن قد أدى ، في نهاية المطاف ، إلى تطهرهم ، هم بالذات) . وسرعان ما يكتشف "سانتياغو" إن الانجاز العظيم للخيميائيين  يتكون من جزء سائل سمى إكسير الحياة  وهو لا يقتصر على شفاء كل الأمراض ، بل يمنع الخيميائي أيضا أن يهرم ( أما الجزء الصلب فيسمى حجر الفلاسفة الذي  يكفي جزء صغير منه لتحويل كميات كبيرة من المعادن الرخيصة ذهبا ) !
 
لكن حلم الإنسان الخيميائي ومحاولاته المتكررة بتحويل المعادن الرخيصة إلى معدن ثمين لم تثمر، بما يناسب جهوده وطموحه ، وبقيت محاولات البحث عن الشباب والعمر الطويل ، يعاد إنتاجها وصياغتها وتعديلها في كل عصر وبحسب معطيات ذلك العصر وهويته ، ومن ذلك ما أعلنه العام الماضي   بيل ماريس رئيس استثمارات شركة "غوغل" من إن عيش الإنسان لمدة 500 عام بات ممكنا خلال العقدين القادمين ، وقد  توفر للرجل مبلغ يصل إلى نصف مليار دولار للاستثمار في شركات تعالج الشيخوخة وتطيل عمر الإنسان ، وهو يشير في ذلك أيضا إلى التقدم الطبي الحاصل في علاج الأمراض السرطانية وعلاج أمراض الشيخوخة مثل باركنسون والزهايمر ، والتغير الذي سيحصل في نمط حياة البشرية خلال العشرين سنة القادمة.
 
وتبقى الأعمار بيد الله الذي جعل لكل أجل كتاب ، غير إن توقعات امتداد عمر الإنسان إلى خمسة قرون ، لا تجد ترحيبا لدى الشعوب التي يتمنى فيها الإنسان أن يأخذ الله أمانته اليوم قبل غد بسبب الهم والغم والبؤس والفقر والقلق والخوف والنكد ، ويشعر فيها بأعراض الشيخوخة وأمراضها ووساوسها ، وعمره لم يتجاوز بعد الثلاثين عاما!
 
 لو اتيح لك – عزيزي القارىء – ان تخير بين الموت في عمرك الطبيعي الذي قدره الله لك ، أو البقاء حيا حتى بلوغك الخمسمائة عاما ، فهل كنت ستختار البقاء على الموت؟
كم أرغب بمعرفة أجوبتكم على هذا السؤال الفنطازي أيها القراء الأحبة قبل ان يدركني او يدرككم الموت .. ولو كنا في بروج مشيدة !

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز