جورج أنسي
"الساحر" صانع البهجة
بقلم : جورج أنسي
لا أذكر عدد المرات التى تابعت فيها مسلسل (رأفت الهجان ) ..ربما شاهدته اكثر من ٢٠ مرة خلال ربع قرن من الزمانحتى أننى أدعى حفظ الحوار كاملًا بنفس القدر الذى شاهدتوحفظت حوار فيلم الناصر صلاح الدين !
وفى جميع الاحوال كان ذلك إعجابًا وانبهارًا بقصة العمل اوالمايسترو المبدع الذى أخرجه لنا أوالنجم الذى جسد دورالبطولة وهو ما ينطبق على فنانا الفريد الراحل محمود عبدالعزيز .
فعندما شرع الكاتب الراحل صالح مرسى فى نشر حلقات منكتابه ( رأفت الهجان ..كنت جاسوسًا فى اسرائيل ) علىصفحات مجلة (المصور) قبل ٢٨ عامًا تقريبًا ، عن قصةواقعية من ملفات جهاز المخابرات العامة المصرية -وهوالذى قدم من قبل فى نفس الإطار فيلم ( الصعود الى الهاوية )ومسلسل ( دموع فى عيون وقحة ) - حتى انبرت الترشيحاتللنجم عادل إمام ليكرر تجربة نجاحه مع الدراما الوطنية ..الاأن إمام رفض طريقة معالجة المخرج الراحل يحيى العلمىللعمل بنظام ( الفلاش باك ) وبدء المسلسل وهو يحتضرويموت متأثرًا بمرض السرطان ؛ ليقع الإختيار على النجممحمود عبد العزيز المعروف بأدواره الضاحكة ( الشقيةالخفيفة) ، ومن هنا تنبأ الجميع - جمهورًا ونقادًا - بفشل العملوعدم تحقيقه للنجاح الذى حققه مسلسل ( دموع فى عيونوقحه والمعروف اختصارًا ب "جمعة الشوان " .
ولست فى حاجة للتذكير بمدى نجاح المسلسل بأجزائه الثلاثةفى مصر والعالم العربى ، بسبب أداء عبد العزيز الذى تفوقعلى نفسه معيدًا تقديم ذاته بشكل مختلف ، مغطيًا على حالةالتطويل والإسهاب التى سيطرت على الجزء الثالث، حتىأن شوارع القاهرة كانت تخلو من المارة وقت عرضالمسلسل .
إن الساحر عبد العزيز من فصيلة النجوم صناع البهجة الذىيعطى للأدوار قيمة، بل إنه قد ينقذها من السقوط بسببعبقريته الفنية وتمكنه من أدواته ، وربما ضربت مثلًا بدورهبمسلسل (الهجان) بإعتباره من العلامات فى تاريخه الفنىالطويل وفى تاريخ الدراما العربية ؛ واعتقد ان ذلك يماثلدور الراحلة مديحة كامل فى فيلم ( الصعود الى الهاوية ) -للمخرج الكبير الراحل كمال الشيخ - والتى قبلت القيام بدوررفضته نجمات كبيرات خوفًا من تأثر نجوميتهم بتجسيدهملدور الجاسوسة ( هبة سليم ) ، وهو ما وضع كامل فى ذلكالوقت - عام ١٩٧٩ - على سلم النجومية الكاملة .
إن الفنان الحقيقى لا يخشى أى دور .. ومحمود عبد العزيزقدم أدوارًا معقدة مركبة توجته على أفئدة جماهيره، ولذلكفهو باق لن يموت ..خَالِدًا فى عقول وقلوب عشاق فنه منالمحيط الى الخليج.