عاجل
الثلاثاء 24 سبتمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
We
البنك الاهلي
أبوشادي من الاغتراب إلى التغريب

أبوشادي من الاغتراب إلى التغريب

بقلم : د. عصمت نصار

لم يكن أبو شادى أول من أعلن عن شعوره بالاغتراب في ظل الثقافة الشرقية ولاسيما بعد الانتقادات التي وجهت إليه من قبل الجامدين من الأزهريين والمتعصبين إلى القديم والرافضين للغرب وثقافته المادية ، فقد سبقه إلى ذلك فرح أنطون وشبلي شوميل وسلامة موسى ومحمود عزمي وإسماعيل أدهم وغيرهم من اللذين اعتقدوا أن الثقافة الإسلامية والمجتمع الشرقي غير مؤهل لحمل راية النهضة والتقدم وأن الغرب فى ظل الفلسفات الأوربية والأمريكية الحديثة هو الأقدر بالقيادة والإتباع.



ورغم ذلك فقد حاول أحمد ذكى أبو شادي صياغة أرائه على نحو متناغم مع رصفائه من الأدباء والمفكرين المصريين المعاصرين له ، بيد أن ما يميز كتاباته عن غيرها من تصانيف العلمانيين العرب هو مصادرته الرؤى المطروحة لصالح مذهبه الذي طالما صرح به ألا وهو الثيوماسونية ، ومع أنه قد تصدي إلى الاتجاهات الإلحادية المنكرة للربوبية والممعنة في التحيز للفلسفات المادية من جهة والقوة الرجعية المتمسكة بتلابيب الموروث من جهة ثانية ومناصرته للإطار العام لفكرة مدرسة محمد عبده وتلاميذه من أمثال مصطفى المراغي ومصطفى عبدالرازقومحمد رشيد رضا ومحمد فريد وجدي في دعوتهم لتجديد الخطاب الديني والموازنة بين الأصالة والمعاصرة والتأكيد على حرية الفكر والاعتقاد والمرأة من جهة ثالثة فإننا نألفه من حين إلى أخر يجتهد في الانفكاك من قيود الهوية الإسلامية وروابط القومية العربية لينطلق كعادته إلى آفاق الفلسفة الماسونية والنزعة الثيوصوفية الروحية الباطنية التي تتحرر تماما من كنف الشرائع والكتب المقدسة وما يصاحبها من فكر موروث.

فنألفه يناصر دعوة أحمد أمين وإبراهيم مدكور وطه حسين والعقاد في دعوتهم إلى ضرورة إعمال النقد في تحقيق الكتب الأدبية التراثية وانتقاء ما يصلح لواقعنا مما تحتويه من آراء وتصورات وأفكار، وينحاز إلى الاشتراكيين الفابيين وسلامة موسى في رفضه نظرية الفن للفن وتأكيده على الرسالة الإصلاحية التي يجب على الأدب الاضطلاع بها لتهذيب المجتمع وتثقيفه.

أما الفلسفة عنده فلم تعد إحدى آليات الوصول إلى حقائق الأشياء ونشر المعارف، بل أضحى لها وظيفة أعم وأشمل وأعمق وهي التوفيق بين شتى العلوم وتطويعها لتتفق مع الغاية الأسمى وهي سعادة الإنسان وتمكين العقل والروح للوصول إلى الحقيقة الربانية.

  • : "أصبحت الفلسفة رسول التوفيق بين شتى العلوم مع فحص الفكر الإنساني والذاتية الإنسانية، وهكذا أخذت الفلسفة تشمل علوماً كثيرة في أبحاثها وانتهت إلى صميم الإنسان." ()

ويشيد أبو شادي بالفلسفات التطبيقية والعملية التي تسعى إلى إيجاد مناهج تربوية تعمل على الانتقال بالإنسان من ثقافة العنف والصراع تجاه البيئة الطبيعية أو الاجتماعية إلى ثقافة الحب والتسامح والسلام لذا نجده يصف فلسفة الفيلسوف البرجماتى الأميركي جون ديوي بأنها فلسفة إنسانية على الأصالة وأن ما ترمي إليه من غايات عملية وأخلاقية تتفق تماماً مع روح الإسلام

  • : "كان يؤمن بأن التعليم نهج للحياة وليس إعداداً لحياة مقبلة، كما كان يؤمن بأن الفلسفة طريقة للفهم ولإصلاح عيوب اجتماعية معينة وهذا عين ما آمن به التقدميون المسلمون على ضوء تعاليم الإسلام النيرة، وهذا عينه روح التقدمية في أمريكا" ()

وينتقل أبو شادي إلى ميدان الأخلاق والاجتماع مبيناً أن النظم والقوانين لا يمكنها توطيد أركان السلام الاجتماعي بين الطبقات ولا يتأتى لها تنقية السرائر من البغض والحسد والعنف بين البشر، وذلك لأن السلام والطمأنينة من الغايات التي لا تتحقق إلا بصفاء النفوس من الداخل، ويشهد التاريخ والفلسفة وعلم الاجتماع والإنثروبولوجيا أن الأمم الراقية لم تتخلى عن وحشيتها إلا بتهذيب النفوس، وتقويم العادات والتقاليد والأعراف وذلك عن طريق البرامج التربوية والمقررات التعليمية والنصائح والإرشادات الأخلاقية والدينية فيقول:

  • وها نحن كما يدعي رجال التاريخ والفلسفة الاجتماعية قد انتقلنا إلى زمن العرفان الصحيح، زمن الحرية والإخاء والعدل، ولكننا لا نبصر حقيقة ذلك الإخاء سائدة بصورة ما يصح بها الحكم والاعتبار، فقد زادت الجرائم كثيراً وتفنن المقترفون لها في سبيل إتيانها، ولكن مما امتاز به هذا القرن على سواه أن أصبح فينا من يجاهرون بها ويفتخرون بارتكابها بعد أن كان الواحد في الزمن السالف إن أتى خطيئة يتوب ويخجل بعد ذلك من ذكرها" ()

ويمضي أبو شادي مع إخوان الصفا إلى "أن الشريعة قد دنست بالجهالة واختلطت بالضلالات، ولا سبيل إلى غسلها وتطهيرها إلا بالفلسفة" ()

وعلى هذا النحو يرى أن العبادات والفرائض ما هي إلا تطبيق عملي لروح الإسلام التي تحث على المحبة والسلام والإخاء والتعاون والعدالة والحرية، والخطر عنده يكمن في استحالة العبادات إلى عادات تؤدى على نحو حركي لا روح فيها ولا خشوع ولا أداة لمقاصد الشرع ، ومن أقواله في ذلك:

  • الصلاة التي لا يصحبها شعور الخشوع الحق لله سبحانه وتعالى ومحاسبة الإنسان نفسه بنفسه أمام العلي القدير لا معنى لها ولا قيمة. كذلك لكل من الصيام والزكاة والحج فلسفته. وما الإكثار من الصلاة أو الصيام أو الحج بالذي يمثل جوهر الإسلام بأي حال. وعندنا أن الزكاة هي أهم التكاليف الشرعية مذ كانت التعبير العملي الثابت لتحقيق العدالة الاجتماعية بين أفراد الشعب...- و- شهر الصوم شهر تصوف حقيقي وتدريب على الإيثار والقناعة والرحمة. وأما الحج ففريضة أخرى أبعد ما تكون عن الشكليات ولا معنى لها إذا لم تقترن بالاجتماع العام المنظم للتفاهم على تقدم المسلمين وعلى خدمة الإنسانية عامة، والحج المنظم في لبه إنما هو أعظم مؤتمر إسلامي سنوي، وإذا لم يكن كذلك فهو شبح أجوف مهما تضخم ولن يكون حينئذ ركناً من أركان الإسلام." ()

 

ويعود أبو شادي مع (ما بعد الحداثيين) ليؤكد على العديد من الأسس والمبادئ التي يحمل عليها فلسفته الثيوصوفية وهي:

  • طلب الحقيقة من كل صوب وضرب دون التقيد بثقافة دون غيرها، فالعقل والتجربة هما المعياران اللذان يجب علينا الاحتكام إليهما في فحص المعارف، وبناء على ذلك نمضي في تجديد الأفكار والرؤى وفحص الموروث بعين ناقده تنأى بنا عن السقوط في مستنقع الرجعية والتقليد.
  • التسليم بأن الدين الإسلامي جاء للإنسانية جمعاء ومن ثم لا مجال للتعصب فيه لجنس أو مذهب أو قومية، فالتسامح والتعاون والحب هي القيم الإنسانية التي يجب علينا تأصيلها في ثقافتنا الإنسانية ودعوتنا العالمية.
  • لا فصام بين العقل والدين والعلم من حيث الابتعاد عن الخرافة والعمل على تلبية متطلبات قضايا الواقع بكل مشكلاته، فالأحكام العامة التي استنتها الشريعة الإسلامية لا تعيق الاجتهاد العقلي ولا تمنع العلم من البحث عن الحقائق والحلول المناسبة التي لا تتعارض مع صالح الإنسان ومقاصد الشريعة.
  • رفض كل أشكال التعصب الديني والمذهبي والسياسي والجنسي والقومي والعرقي.
  • تقرير المساواة الكاملة بين الرجل والمرأة، أما القوامة والميراث وغيرهما من الأحكام التي تعلي من شأن الرجل على المرأة، فقد جاءت في سياق مربوط بعلة وإذا ما انتفت العلة انتفى معها الحكم.
  • محاربة كل أشكال الرأسمالية المجحفة التي تقسم المجتمع إلى طبقات متفاوتة في الدخول ومستوى المعيشة، الأمر الذي يجعل من الاشتراكية هي النظام الأفضل في توزيع الثروات والسياسة الاقتصادية.
  • التمسك بالمثل والقيم الروحية وعلى رأسها التسامح والعدالة . ()

ويشيد في هذا السياق بكتاب المفكر الهندي محيي الدين الألوائي (الإسلام وتطورات العالم والغرض من الحكومات الإسلامية) الذي أكد فيه على عالمية الحضارة والأخوة الإنسانية والتعاون الدولي والتكامل الثقافي بين الشرق والغرب، غير أنه يخالفه في أن الشرق قادر على استرداد لواء الحضارة الإنسانية فإن أبوشادي يرى أن الشرق وما فيه من جمود وتعصب غير مؤهل لحمل لواء الحضارة ثانية كما يعتقد الألوائي ، بل أن الغرب وعلى وجه الخصوص ( أمريكا ) هي القادرة على قيادة العالم ومن ثم يجب علينا السير في ركابها ويقول:

"إن فكرة الشرق والغرب أخذت تضمحل سريعاً في نور الفلسفة الاجتماعية والسياسية الحديثة التي تناصرها الأمم المتحدة بمؤازرة أمريكا القوية البالغة الحضارة. وإلى هذا كان ينبغي على المؤلف الفاضل توجيه انتباه المسلمين ليساندوا ككتلة واحدة هذه الحركة المباركة التي هي من صميم عقيدتهم ومثاليتهم".()

ويتهكم أبوشادي على القائلين بنظرية المؤامرة وأن أمريكا وأوروبا في صراع دائم ضد الشرق والإسلام مبينا أن الدول الإسلامية هي المسئول الأول عن تخلفها وذلك عقب تخليها عن القيم الإنسانية التي جعلت منها حضارة عالمية ( حب العلم – الحرية – العدالة – الإخاء – المساواة – السلم – الأمان – التعاون ) ومن ثم لا تُلام الحضارة الغربية على حماية مصالحها والضرب على يد الجامدين والمتخلفين الذي يثبون على مدنيتها بحجة الدفاع عن دينهم ومشخصاتهم ويوضح كذلك أنه من الخطأ اعتبار أمريكا عدوا للعرب أو وصف الحضارة الأوروبية بأنها حضارة غربية بل الأصوب القول هي حضارة إنسانية يقودها الغرب ويقول " وقد قلنا مرارا من قبل أن المدنية الحاضرة لا يصح أن تُنعت بالغربية فقد أسهمت فيها شعوب كثيرة والوصف الصحيح لها أنها مدنية علمية إنسانية ، وأن خير البشرية في كل مجال مقترن بها ، كما أثبتت في ذلك الحوادث والتقدم المطرد للإنسانية بالرغم من كل انتكاس وقتي الذي هو نتيجة التطاحن بين عوامل شتى ، ولكن الفوز في النهاية مكتوب باطراد للحركات التقدمية "()

ويحاول أحمد زكى أبو شادي التوفيق بين دعوة الغرب للعولمة ومفهوم عالمية الإسلام فنألفه يؤكد أن الماسونية والثيوصوفية ودعوتهما المبكرة للأخوة العالمية لا تخالف فى حقيقتها جوهر العقيدة الإسلامية باعتبارها الخطاب الأخير الذي ألقته السماء على الأرض ونادت فيه للمحبة بين الأفراد والتآخي بين البشر والتراحم بين الموجودات وذلك كله بفعل إرادي نابع من عمق وصدق الإيمان بالحقيقة الربانية وبذلك يوفق بين سماحة الإسلام ودعوى الماسونية للأخوة العالمية متأثرا في ذلك بالمفكر الهندي السيد أمير على والأديب المصري محمد بدر بك .

ويقول في ذلك " وأنى أعتقد أن روح الإسلام لا تنافى إنشاء عصبة للأديان ولتكون سندا روحيا لعصبة الأمم ..

والكومنولث الإسلامي ما هو إلا نظير الكومنولث البريطاني الذي خدم السلام العالمي والحضارة ، أى خدمة وليس هذا الكومنولث الإسلامي عدوا للوطنية فيما أرى ، فإن القوميات مسائل داخلية وكل ما تطالب به الجامعة الإسلامية احترام الإخاء والتعاون بين المسلمين فهي عنصر من عناصر السلام والرقى لو فهمت فهما صحيحا وليست علة للتعصب الأعمى ضد غير المسلمين ، فإن هذا التعصب فى ذاته يخالف روح الإسلام بتاتا ، ولا عبرة بالتفاسير المريضة والمغرضة التي يتشدق بها الفقهاء الجاهلون ".()

وقد زعم بأنه يساير فى ذلك حديث جمال الدين الأفغاني عن الجامعة الإسلامية ، في مجلة العروة الوسطى وكذا أحاديث الكواكبي عن عصبة الأمم الإسلامية في كتابه أم القرى ومحمد رشيد رضا عن الوحدة الإسلامية في كتابه الوحي المحمدي .

ويرى أبو شادي أن السلام العالمي لن يتحقق إلا إذا زالت الأحقاد بين الدول وأضحت مصلحة الإنسانية هي الغاية التي نسعى إليها جميعا دون تحيز لعرق أو جنس أو قومية أو ديانة.

وإن المزاعم التي يروج لها حسن البنا أو أبوالأعلى المودودي بأن العالم ينقسم إلى قسمين ، الأول يدعو إلى تطبيق شريعة السماء والثاني يطبق السياسة الوضعية المقتبسة من الفلسفات المادية ، رأي يحتاج إلى مراجعة لأنه مخالف للحقيقة والاصوب الاعتراف بأن العالم ينقسم إلى أمم أخذت بالعلم فاستنت القوانين الوضعية التي تحل مشكلاتها في الواقع وكفلت للعقل الحرية ليبدع فيطور المجتمع ويعمل على تقدمه ورقيه وأخرجت المرأة إلى ميدان العمل بعد تسليحها بالعلم والخبرة ورقة ذوقها بالفنون والآداب. وعلى الجانب الأخر جماعات متخلفة متمسكة بالأعراف والتقاليد البالية والنظم القديمة وادعت أنها مقدسة لا تقبل التحديث فأصابها الوهن والضعف حتى أضحت مطية لمن يملك أسلحة التفوق والهيمنة والسيطرة ذلك فضلا عن نظمها السياسية التي جعلت من الحاكم ظل الله على الأرض وأغفلت تماما حق الشعب في الحياة الحرة الكريمة بل والثورة على الحاكم الظالم

ويقول " فالقول بانقسام العالم إلى معسكرين عظيمين أحدهما سماوي في تشريعه والأخر أرضي ، ليس من الحقيقة في شيء. وإنما الحقيقة الصريحة الصارخة أن العالم منقسم إلى شعوب متقدمة وشعوب متخلفة وأن الأولى هي الآخذة بأسباب العلم والحضارة كما كان أجدادنا العرب يصنعون في ذروة مجدهم وأن الثانية هي التي أغفلت ذلك تحت تأثير الاستعمار وحواشيه من جهل وعبودية ، وأن الأمل الوحيد للثانية – أمل البقاء والترعرع والعزة – معلق على مسابقتها الزمن وأخذها بأسباب اليقظة والمنعة التي أخذت بها الأمم الأولى ، فأتيح لها بذلك أن تكون في الصدارة ، وأظهر مثل لذلك الوضع في الولايات المتحدة الأمريكية. وأما الأمم التي تُشغل بالتغني بأعمال الجدود فحسب ، أو تكتفي بالفخار بماضيها وتعيش عالة عليه ، أو تجد الرجاجة في التعصب الغاشم للتقاليد البالية وفي التفريق بين الشعوب بدل التضامن الإنساني الشامل فليس لها مآل إلا الاندثار من جميع الوجوه ... وقد أعجبنا اتساع آفاق كل من جمال الدين الأفغاني ومحمد عبده والسيد أحمد خان ومحمد إقبال ومدحت باشا فقد آمنوا جميعا بالعلم والشورى والإنسانية ولم يرتضوا مرة الآفاق الضيقة لتفكيرهم ودينهم بل عدوا الضيق والحصر عين الكفر ... ولكن الحديث عن حسن البنا في مصر وأبي الأعلى المودودي في الهند تعثر وتخبط لأنه أخذ يحبذ جهودا بدائية ما أنزل الله بها من سلطان ، إذ ما كان البنا والمودودي برجلي الثقافة الواسعة والنظرة البعيدة في علوم النفس والاجتماع والاقتصاد وسياسة الأمم ولذلك جاءت دعوة كل منهما على غرار حركات الدهماء في القرون الوسطى ومنافية لتقدم الإنسانية ()

ويستطرد أبوشادي مبينا أن النظام السياسي الإسلامي وعالمية الإسلام لا يمكننا ربطهما بالعقيدة أو بنصوص جامدة بل يجب النظر إليهما في ضوء المقاصد الشرعية وليس النص الحرفي في الكتابات المقدسة وذلك لأن المقاصد الشرعية هي دستور السياسة الإسلامية وهي فضفاضة عامة مطلقة إنسانية ترمي إلى تحقيق الأمن والعدالة والرفاهية والتقدم لمن يطبقها وكذا عالمية الإسلام فهي ليست حكر على من آمن بالقرآن وسنة النبي بل هي أيضا دعوة عالمية يستظل بها من آمن بوجود إله حكيم عليم قدير عطوف ينظر إلى البشر جميعا نظرة واحدة لا يفرق فيها بين الأجناس أو الملل أو الأشكال أو الألوان فجميعهم بما في ذلك الملحد منهم يرزقهم في أرضه ويظلهم بسمائه ويحاسبهم بمقتضى أعمالهم خيرها وشرها ويقول : " إن مصلحة أي فرد أو مجتمع تتكون من عناصر ثلاثة : 1- من أمور ضرورية لا تقوم حياة الفرد أو المجتمع إلا بها. 2- من حاجيات لا تتيسر الحياة وتخلو من العسر والحرج إلا بها. 3- من أمور كمالية لا تكمل الحياة وتتم إلا بها. وقد كفلت الشريعة الإسلامية كل واحد من العناصر الثلاثة بنوعين من الأحكام : ( الأول أحكام توجبه وتحققه ، الثاني أحكام تصونه وتحفظه . ولهذا كفلت مصالح الإنسانية كلها ... والإنسانية في نظر الإسلام هي أن الناس كلهم من رجل واحد والأرض كلها من تراب واحد وأن نظرة الإسلام هذه تضم الحياة من مبدئها إلى نهايتها ، لا تعترف بفرق اللون والوضع الاجتماعي والطبقي ، ولا يتفاضل فيها الناس إلا بالتقوى ، فهي الميزان الرئيسي الذي يجب أن يوزن به الناس في نظر القرآن ".()

وانتهى أبوشادي في سياق حديثه عن الحضارة الإنسانية إلى القول بأن نجاة الحضارة الإسلامية في عودتها إلى هويتها الأولى أي كونها حضارة إنسانية للناس كافة.

وللحديث بقية

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز