عاجل
الأحد 22 سبتمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
We
البنك الاهلي
الصفحة 158

الصفحة 158

بقلم : د. نرمين الحوطي

روايتنا تنتهي بصفحة 158 التي جعلها الكاتب تخلو من الكلمات والأحداث فاقتصر على ترقيمها، من يقرأها قد لا ينهيها، ويقوم بكتابة المزيد من الصفحات وفق ما يتخيله من أحداث تروق له، وقد تقف الأغلبية على تلك النهاية وهي فرضية الموت لبطلة الرواية، تلك هي رواية «الأرواح تتبادل القبل» للروائي محمد بسام الحسيني.




تتلخص أحداث رواية «الأرواح تتبادل القبل» حول فتاة مثقفة فوق العادة تصاب بمرض «اللوكيميا» وأثناء علاجها وارتباطها مع طبيبها بقصة حب من نوع الحب العذري الذي يفتقده مجتمعنا الحالي تدور بينهما الكثير من المواضيع والأحاديث ويعرف من خلالها مدى عشقها للقراءة فيقترح عليها أن تخوض تجربة الكتابة لمساعدتها نحو الشفاء الذاتي، وأثناء علاج الفتاة واقترابها العاطفي من طبيبها دون أن تجعله يشعر بهذا الحب والاقتراب منه تحدث ثلاث جرائم قتل على فترات متتالية ومتقاربة لسيدات مصابات بأنواع مختلفة من السرطان أثناء تواجدهن للعلاج في مستشفيات مختلفة، تلك الجرائم التي تأخذ انتباه بطلتنا أثناء علاجها والبحث لمعرفة الجاني من خلال وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي، ومع مرور الوقت ينكشف لبطلتنا ومجتمعها والقارئ من هو المجرم؟ هي ممرضة عاشت معاناة المرض مع والدتها وهي صغيرة وبعد وفاة والدتها بعد صراع مع مرض السرطان تقرر عندما تكبر بأن تصبح ممرضة لكي تريح كل سيدة من هذا المرض عن طريق الموت ظنا أنها بهذا العمل أراحت من قتلتهن، تتدهور حال بطلتنا ولا توجد خلايا جذعية مطابقة لها وها هي ترقد على فراش الموت دون أمل بشفائها حالمة بالتقاء الأرواح مع من تحب بالرغم من أنها تعلم أن طبيبها متزوج ولديه أسرة ولكن الحب ما هو إلا التقاء الأرواح دون معرفة الجسد.


تلك هي مختصر روايتنا «الأرواح تتبادل القبل» التي لم أذكر الكثير من أحداثها الفرعية والأساسية لأجعل مساحة لأغلبية القراء بأن يتمتعوا بقراءتها واكتشاف الأحداث كما عشتها واكتشفتها، والآن تأتي بعض السطور النقدية والموضوعية لروايتنا والخط الدرامي التي نسج عليها كاتبنا أحداثه وشخصياته، «الحسيني» قدم وجبة ثقافية علمية أدبية للقراء لما حملت سطور أبطاله وأحداثهم عمقا وفكرا يناقشه ليس فقط فئة المثقفين بل أيضا من لا يمتلك ثقافة كثيرة، فعلى سبيل المثال لا الحصر عندما تذكر مادة «الرايسين» وهي المادة المستخدمة في قتل المريضات قام بالشرح لها وتوظيف ذلك الشرح من خلال أبطاله وسطور النسج بينهم لم تقتصر على معلومات الطب فقط بل نجد روايتنا امتلكت الكثير من المعلومات الفلسفية والثقافية وكيفية توظيفها في سياق أحداث الرواية ولم يكتف «الحسيني» بذلك بل نجد أنه استمد من الواقع الكثير مثل قراءة الكف والفنجان التي من خلالها يريد أن يثبت أن الإنسان مهما ارتقى بفكره إلا أنه في بعض الأحيان عندما يفقد الأمل يتجه للطاقات الغيبية للبحث عن بصيص للأمل وهذا ما رأيناه عندما فقدت بطلتنا الأمل في علاجها وذهبت والدتها بقراءة الفنجان لها لتسمعها كلمات تحيي أملا من المحال أن يحدث، إن الروائي محمد الحسيني عندما بنى روايته لم يجعل فكره في بطل منفرد بل قام بتغيير واضح في فنية الكتابة من خلال نضوج شخوصه ووضع فكرة للكل وفق ما يتناسب معهم فجعل القارئ لا يشعر بالتغريب من سطور روايته معايشا للأحداث التي من الممكن أن تحدث له أو يسمع عنها في محيط واقعه، فقام الحسيني بعملية التحام ومعايشة ما بين القارئ وكلمات «الأرواح تتقابل القبل))


مسك الختام :


 الأم عاصمة الحياة.. إذا رحلت نقضي ما تبقى من العمر في مدن اللجوء. محمد الحسيني

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز