عاجل
الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
عذرا سادتي .. فلسنا من كوكب الأطهار

عذرا سادتي .. فلسنا من كوكب الأطهار

بقلم : لواء أركان حرب/ جمال عمر

عجبا شعبنا العظيم .. الذي .. فجأة استيقظ من سباته الطويل ، بعد رحلة شاقة من كوكب الأطهار ، إلى عالم الأغيار وبلاد البشر آكلي لحم الحمار ، فوجد نفسه آسفا ورغم أنفه وسط بشر غريب وأناس مجرمين ، ومؤسسات خربة وحكومة فاشلة ودولة متهالكة في كل مجالاتها الحياتية ، فأصابهم الهلع الرهيب والحزن الكئيب ، فهرعوا مسرعين لصفحات الفيس بوك الرحيمة ، ليفرغوا فيها همومهم المخزية وسخرياتهم السحرية ولذعاتهم المزرية على أحوالهم المتردية ، معلنين استحالة استمرارهم في هذا الزخم الفوضوي ، والذي لم يعتادوه ولم تره عيونهم ولا اقترفوه ، ولكنهم اكتشفوا أنه لا فرار لهم ولا ملجأ لهم ولا منجا ، إلا لو دفعوا ثمن ما لم تقترفه أياديهم الطاهرة ، ولا حلمت به كوابيسهم الساهرة ، فعادوا مستسلمين متواكلين مستنطعين متأنتخين ، لا يملكون إلا الولولة والعتاب والقيل والقال والصراخ والنحيب وكثرة السؤال .. وعلى الفضائيات انتشر أشباههم بلا حياء ينثرون بذور اليأس إحباطا لعلهم لمزيد من الدولار يحصدون ، فطوبة (دبشة) لهم في نافوخ مصابهم الأليم لعلها تنفع أو تشفع أو حتى للرؤوس تفتح فتفهم ، أن هناك غيرهم الغالبية الكادحة الطاهرة الشريفة ، والصامتة أبدا والصامدة ، فلا وقت لديهم ليمارسوا حرفة القيل والقال وكثرة السؤال والبكاء على سوء وتردي الأحوال .



فعلى صفحات (الفيسبوك) الشريف تطالعنا صاحبتنا السوسنة العنود والمحترفة تغيير صورتها الشريفة (بالفيزون) وقطعة من (الكومبليزون) يوميا مرتين قبل الشروق وبعد الغروب ، لكنها لم ترى في عمرها سوى الوزراء والضباط والقضاة المرتشين والفسدة منهم والمفسدين ، لمجرد تكرار الإعلان عن كشف فاسدين أو ثلاثة من عشرات المئات بل الآلاف من الضباط والقضاة الشرفاء والصالحين ، وتتصاعد معها صيحات أنصاف الرجال واللاهثين خلف عطر الحروف (الحريمي) لها بالإعجاب والتكبير والتهليل والزمر والتطبيل ولكل الوزراء والضباط والقضاة بالتقطيع والتشنيع والسب والتلفيق والادعاء المهين وبما يعاقب عليه القانون بالحبس والتغريم .

ومنها .. إلى أختها الأرملة الطروب الباحثة عن فارس مضروب ، فلا تيأسن من نشر صورها الصارخة والتي لمفاتن الأنوثة والرقة فاضحة ، مع كلمات في الشعر ركيكة ، وفي عالم الزجل بعضا من (نشاذ السيكا) ، وفي علم الكلام هي جمل وألفاظ مستفزة ومثيرة ، واحذر سيدي .. يوما أن تخسر رضاها أو تعاديها ، فهي لا تتوانى أن تفتح في وجهك رشاش البذاءة وفواحش الحروف بمنتهى الدناءة ، وربما .. تنفعل عليك بألف وحاء مصحوبة بسحبات موسيقية من حواري الإسكندرية لتراتيل الخاء .

وما أفظع أن تقع فريسة لصاحبنا السهواك الحكيم فهو للإناث رفيق رقيق و(لبوستات) النصائح والحكمة شقيق ، وكأنه من زمن لقمان الحكيم ، وعن كل حرف أنثوي مدافع وصنديد عليم ، ولا تجادله في حرف وإلا نالك منه تقريع أليم ، ولكن عجبا .. فحكمته ورقته لم ترى في شهداء وطن مدعاة للحزن أو الغضب ، فالموت عليهم واجب وعمل ولا تسألن عن السبب ، ولا مانع لديه أن يتصالح مع من قتل وحرق وفجر واغتصب ، وما أحسبه حقا إلاه شيطان من تلك اللجان الالكترونية التابعة للإخوان .

وتعال إلى .. صاحبتنا الشاعرة الرقيقة والمرهفة الحس وأميرة المشاعر الدقيقة ، لا تغمض العينان أبدا ، قبل أن تناديه ، وفي براكين العشق تلقيه ، وتداعب وجدانه بأشواق محرقة ، ولهيب غرام مترع بأعاصير نشوة مهلكة ، ولا ملام عليها بعدما سقط الحياء ، ولا كرامة ولا شرف ولا حتى حمرة خجل  ، والكل فداء لروعة الفن والأدب والإبداع أو ربما تفريغ لشحنات من الحرمان والشوق الملتاع .

ومنها لمليكة الحرائر وفارسة الصفحات الإخوانية السلفية وصورة بالنقاب لا يبدو منها إلا عيون مرسومة بروعة الأهداب ، ولسان كمطرقة لـ (دلالة) من سوق (بحبح) للكلاب ، ولا تعليق لها إلا بمرسي الذي كان وسوف يعود ، ورموز الدين عبر تاريخ الخيانة والعقبات الكئود ، والإسلام المضيع على أقدام العسكر ، وخيانة الشعب المكفر ، ولا شهداء عندها إلا في رابعة والنهضة وذئاب بيت المقدس ، وكل المجرمين عندها أبطال قتلوا الزنادقة والكفرة وعبيد العسكر ، ولا أدري كيف ومن تركها هكذا على (الفيس) ترتع .

وأما عن ساحة الفضائيات وبرامج (الرغي) الذاخرة ، فحدث ولا حرج عن رؤوس بالحماقة عامرة ، ونفوس للكآبة والإحباط مكلفة وساهرة ، وكفاك أن تمر عفوا بذاك الأخ المعروب بكسر الهاء والميم والقادم من زمن السروال والطفطف والتهييس الأليم ، نسي أنه يوما ما .. قد ظن .. أن كل ما هو أحمر أوتوبيس فامتطى صدندوق البريد ، وتخيل أن عيشه في ضواحي الأكابر في العاصمة بعيدا عن مسقط رأسه العتيد ، قد خلق منه إنسان جديد ، وظن يوم أن عرف الطريق للدولار وعيشة الأسرار أنه قد عبر أفق العامة الحمقى والأغبياء ، وغفل أنه قد سقط في مستنقع الغير أطهار واحترف البحث عن سيء الأسرار ، وعشق حكايات الدم المخلوط بالعار ، فرأى الدنيا حوله سواد متشح بالسواد ، وظن كل البشر مثله يعشقون الخوار ، فطاح تشويها وتلطيشا  بلا تمييز أو تركيز ، ولعله بنشر السوء يمحو عار سيرته الغراء ، ويطمس تاريخا وسلسالا من السقطات والهراء ، وويل مشوب بالزور وعظائم الأمور لمن يعارضه أو يقول له اتق الله أو ارحم نفسك من كراهية البشر وسوء المآل .

وآه .. لو وقعت أسيرا لمتوحشة تدعي الدلال وتحترف العيب والبجاحة واقتحام أسرار السفهاء والفنانين والقيل والقال ، وكأنها ترسم للناس قيما ومبادئ تراها فوق الدين والأخلاق ، أو ساقك قدرك الحزين أن تقع فريسة لنساء (منفسنات) ومعهن قد ترى العري والفواحش وسوء الكلام حق وجمال وحرية شخصية ولا محال ، واهرب سريعا لو زارك طيف العربية الفصحى في ظلال بعض المآسي اليومية التي لا تنتهي وكأنك دخلت بلاد الكوارث والملاحم من باب خفي ، ولكنك لابد يوما سوف تزور برامج مسابقات الفن والغناء ، وتبكي غما بالدماء هما على شباب مغيب بلا حياء ، يحلم بالشهرة والمال في قلاع الفن وإبداعات الخيال ، لتعرف كم نجحت أذرع الماسونية في طمس الهوية وتشويه سواعد وأمل التقدم والتحضر في بلادنا الأبية .

وناهيك أن كثير من هؤلاء وهولاء .. لا يرون في مصر خيرا ولا نجاحا ولا ترصد عقولهم سوى الأسوأ والأقبح ، فما بهم سوى تداعيات عوار النفوس سواء بنتاج سوء التربية أو ذلة يفرضها سعار الدولار ، ولكن المحزن والمخزي أن بعضهم من الكذبة والمنافقين بلا ضمير ، ويدعون الأمانة والتعاطف والحنان على المساكين وهم لا يتوانون عن البخل بالملاليم وهم يتقاضون أجورهم بالملايين ، فهي مقامرة بيع وطن وسباق للخداع المهين ، ولا يعنيهم حقائق أو مهنية ماتت في زمن الدولار والريال واليورو اللعين ، وناهينا عن احتراف الشائعات والأكاذيب المتفشي بين شعب ما زال كل فرد فيهم يظن أنه الفارس المغوار ، وصاحب العقل والضمير والشرف بلا غبار ، والذي هبط توا من كوكب الأطهار ، لينتقد ويحاسب كل البشر غيره من السفهاء والأغيار .

أخيرا .. عذرا للجميع .. فإنني أيضا مثلكم .. ما زلت أقاوم في نفسي ذلك الفيروس القاتل الهابط علينا من كوكب الأطهار ، ولعلنا جميعا تدفعنا أحلامنا أن نعود يوما لأصالة الأدب الخلاق ، وأملا أن نستعيد قدرتنا على التمتع بخلق الحياء ، يوم أن كان الرجل فينا يستحي أن يراه ولده يقول حرفا مسيئا ، وعذرا .. فأمثالي كثير لا يملكون ترف النسيان أو الهروب من قيود زمن بأخلاقياته جميل ، وما زال مثلي من العوام لا يجروء على الضحك أو التراخي أو حتى الجهر بالصوت في حضور شقيق يكبرني بعام ، فيراني بعض الشباب من بقايا الحاكم بأمر الله أو علني جئت من عهد أحمس أو كنت صديقا لإدريس ولقمان ، ولا أنكر أنني ما زلت أعذب نفسي وأؤدبها وترتعد فرائصي خوفا من سخط ربي لو اقترفت ذنبا يعتبره بعض الشباب حرية وحقا ولا ملام ، فعذرا سادتي لو تجاوزت كلماتي حدود الحياء في النفوس ، ولعلنا يوما يذكرنا .. البعض بخير .. مثل من عبروا وتركونا إلى رحمة الله وجواره ، فهم السابقون ونحن بفضل الله وكرمه وقدره شئنا أو أبينا .. بهم لاحقون .

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز