عاجل
الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
الحريــة

الحريــة

بقلم : د. داليا مجدى عبدالغنى

ما هي الحرية التي نبحث عنها دومًا ؟ فمنذ بدء الخليقة والإنسان مهما وصل إلى نجاح أو تحقيق للذات ، أو حصد من مكاسب ، يشعر دائمًا وكأنه لا يزال يبحث عن معنى بداخله وهو حريته ، على الرغم من أن الكثيرين يفعلون ما يشاءون وقتما يريدون ، إلا أنهم يبقى دائمًا الشعور بالأسى بداخلهم ، فنحن قد نُقيد أحلامنا من أجل إرضاء أطراف أخرى ، وقد نتخلى عن شيء من تصرفاتنا بغية تجنب انتقاد البعض لها ، وقد نقدم تنازلات من أجل الحفاظ على مكتسبات حصلنا عليها ونخشى ضياعها ، وكل هذا يصل بنا إلى معنى واحـد وهو عدم الشعور بالحرية ، فبالفعل كل المشاعر نسبية ، حتى الشعور بالحرية ، فهو نسبي للغاية ، فلا خلاف على أننا جميعًا مقيدون ، بداخلنا أحلام ورغبات مكبوتة ، ولكن إلى أي درجة يفتقد الإنسان فيها الشعور بالحرية ، فهي متفاوتة بين البشر ، ولكن مهما اختلفوا ، فهم في النهاية يتفقون على شيء واحد وهو رغبتهم الشديدة في التحرر من القيود ولو للحظات ؛ حتى يشعروا بأنهم ملك أنفسهم ، لا ولن يتحكم فيهم بشر ، والغريب أن البشر هم من يُقيدون البشر ، فنحن نبحث عن شيء نسلبه من الآخرين ، وكأننا لا نجد القوة إلا في سلب أقوى ما في الإنسان وأغلى ما لديه ، وهو حريته ، التي يظل يبحث عنها طيلة الوقت ويتمناها على الدوام ، ولكن السؤال هل الإنسان جُبل على البحث عن المستحيل ؟!



فبالفعل من يبحث عن الحرية الكاملة فهو واهم ، فالحياة لا تُعطي الشيء الكامل ، وقد يكون هذا هو أحد أسرار جاذبيتها ، فربما لو منحت الحرية الكاملة لفقدنا الشعور بقيمتها ، ولن تتحول إلى حلـم أو مكتسب ، بل ستكون مجرد شيء خُلق معنا من البداية ، ولكن أيًا كان التحليل لهذا الشعور الغريب الذي يسيطر على كل منا حتى ولو لم يُظهره ، ففي النهاية نحن في حاجة إلى تحقيق شيء من التوازن بين قيودنا وأحلامنا ، فالقيود لو زادت عن الحد المسموح به ستتحول إلى حبل يشنق صاحبه ، ويلقي به في ظلمات قاتلة ، وربما تتحول حينها أحلام الحرية إلى تصرفات فوضوية لا يمنعها أي رابط أو قيد ، لذا فالعقل لابد أن يُصدر تعليماته لصاحبه بأن يكبل قيوده كما يكبل حريته ، ولا يحق لنا أن نقتل روح التحرر بداخل بعضنا البعض ، ولعلني أتساءل ، ما المتعة التي تجدها الدول في استعمار غيرها من الدول الأخرى ، وما اللذة التي يشعر بها الإنسان في استعباد إنسان آخر ، وما المنطق في أن يخنق إنسان حريته بيديه ، ويكبلها بلا معنى ، طالما أنها في الإطار المشروع . صدقوني من يبحث عن حرية وطنه وأهله ، عليه أولاً أن يبحث عن حرية فكره وعقله وأحلامه ، وإلا فلا معنى لحياته ولا جدوى من أفكاره ، فالحياة لا قيمة لها بدون حرية مبنية على منطق وأساس سليم .

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز