عاجل
الثلاثاء 14 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
الانتماء الثقافي والعولمة وللحديث بقية

الانتماء الثقافي والعولمة وللحديث بقية

بقلم : د. عصمت نصار

على الرغم من النزعة التغريبية الواضحة في كتابات أبي شادي لا نجده يرضى بالتضحية الكاملة بمشخصاته وهويته العربية الإسلامية ، أي إنه لم يساير الكماليين وأنصار جمعية الاتحاد والترقي التركية في التنازل عن الهوية الإسلامية والعزوف عن الثقافة العربية والانضواء تحت راية الحضارة الغربية ولم يساير كذلك شبلي شميل وفرح أنطون وإسماعيل أدهم وسلامة موسى وبعض كتابات توفيق الحكيم في الاعتقاد بأن السبيل لإنهاض الشرق هو المسايرة والمتابعة لثقافة الغرب الفتية والنظر للثقافة العربية الإسلامية بأنها حضارة غابرة أقعدها الجمود عن اللحاق بركب المدنية المعاصرة ، ومن ثم يجب طيها في سجلات التاريخ. 



وواقع كتابات أبوشادي تكشف عن إنه قد اتخذ من الفلسفة العملية والنهج الماسوني سبيلا للدعوة للعولمة وتخطي الحواجز التي تحول بينها والتطبيق في شتى أمور الحياة بداية من نقد النظريات المتعصبة ونهاية بتعلم لغة الثقافة العالمية أو إن شئت قل اللغة الدولية الأولى.

فنجده يرفض نظرية السامية والآرية التي تجعل التقدم والرقي من نصيب أجناس بعينها لتفوقهم العقلي وترى أن دونها لا يقدر على التجديد أو التحديث والاختراع والابتكار مبيناً أن التقدم والتخلف مرهون باستعداد العقل الجمعي بتفعيل آليات النهضة من جهة، وقدرة الرأي العام القائد المتمثل في النخبة من المستنيرين على تحدي معوقات التجديد ونجاحهم في توعية الجمهور وتربية الرأي العام على نحو يمكنهم من تحفيز المجتمع بمختلف طبقاته على قبول الفكر الجديد والخطة الموضوعة للإصلاح من جهة أخرى، وهو بذلك يتفق تمام الاتفاق مع أرنولد توينبي في اعتقاده بأن المحرك الأول للحضارة هو قانون التحدي والاستجابة من جهة ويؤيد جل الانتقادات التي وجهها المفكرون العرب لآرثر دو جوبينو (1816-1882) وإرنست رينان (1823-1892)  وغيره من غلاة المستشرقين الذين تبنوا هذه النظرية الجائرة من جهة أخرى ويقول أبو شادي في ذلك:

"إن أحوال الشعوب وتقدمها وتأخرها وسعادتها وشقائها وكل شيء يتعلق بها تصدره زعماؤها وقادتها. فإن كان هؤلاء الزعماء من الرجال العادلين الذين يؤدون الواجبات تماماً وكانوا من أهل الدراية والمعرفة، وصلت الأمة بهم إلى أعلى المراتب وتقدمت بهم تقدماً باهراً، وإن كان هؤلاء الرؤساء من الفاسدين العابثين الجهلاء، سقطت الأمة بهم من مراتب رفعتها ومجدها، وتدلت من منازل عظمتها وأبهتها"

ويؤكد مع أرنولد توينبي على أن تقدم وتخلف الأمم مرهون بأمرين:

أولهما نضج العقل القائد واجتهاده في الموائمة بين الثابت والمتغير والموروث التليد والوافد الحديث والجديد ومتطلبات الروح وحاجيات البدن، ذلك فضلاً عن قدرته على صياغة خطاب تنويري لإعادة بناء العقل الجمعي وتوجيهه نحو النهضة والارتقاء في كل الميادين، وعنايته بوضع خطة إصلاحية تكون بمثابة المشروع الذي تتحقق من خلاله الغايات وتحل فيه المشكلات وتسد فيه الاحتياجات، ويقول:

"الواقع أن القوة الروحية والفكرية في الإسلام سنادها العلم والعقل وكل ما خالفهما ليس من الإسلام في شيء وكل ما بني عليهما مطابق للإسلام ومن صميم روحه."

كما ذهب إلى أن إدعاء بعض الجامدين بأن الحضارات الشرقية تتميز عن الثقافة الغربية باحترامها للأديان وعراقة الأصل وخيرية المنبت وحسن العادات والتقاليد ومكارم الأخلاق وغير ذلك من السنن الحميدة التي جعلت الله يخص بلاد الشرق عن بلاد الغرب بإرسال الرسل إليها وتحميلهم أمانة التبرير دون غيرهم من شعوب الأرض أضف إلى ذلك أن الحضارات الشرقية هي التي كان لها السبق إلى العلم والتمدن ونبغت فيهما بالإضافة إلى سائر الآداب والفنون ، مؤكدا أن مثل ذلك التحيز والتعصب لا يقل خطرا عن تعصب الغربيين لجنسهم الآري وذلك لأنه يحول بين الوحدة أو الأخوة العالمية التي تنشدها الأديان والفلسفات الأخلاقية والجماعات الإنسانية ويقول :

" وإننا لنقول بإخلاص أننا وقد طفنا في أوروبا كما أقمنا طويلا في كل من بريطانيا وأمريكا ولم نرى في الولايات المتحدة الأمريكية – موطننا الحالي – إلا المثل الأعلى للسمو الديني الأدبي ، وهو ما سعدت به جميع الطوائف على اختلاف مللها ونحلها ... فالمدنية الحديثة متعددة المظاهر ، ولكن طابعها الصحيح الذي يتأثر به العالم هو الطابع الإنساني التقدمي ، وباستكمال هذا الطابع تمكنت أمريكا من بلوغ منزلة الزعامة العالمية في كل شيء . فمن خداع النفس أن نتوهم عكس ذلك . وما يجوز أن يغيب عن بال –المتعصبين للشرق- أن الشرقيين انغمسوا في الإباحية والتهافت على الملذات وتجهيز المرأة بكل صنوف المفاتن والإغراق في الموبقات إغراقا يحطم الجسوم ، وما يزالون مع الأسف على هذا الحال في أقطار متعددة وكتب التاريخ طافحة بسيرة هذه المآسي  "

كما بين أحمد زكي أبو شادي أن أولى سبل التواصل بين الثقافات المغايرة هو تعلم لغتهم للاطلاع على آدابهم وعوائدهم ومعتقداتهم والاستفادة منها على ألا يتعارض ذلك مع الاهتمام بتعريب المصطلحات العلمية الحديثة كلما تيسر ذلك للمشتغلين بالعلوم المختلفة، كما أكد مع زكي مبارك على ضرورة تدريس المعارف العامة باللغة العربية في شتى مراحل التعليم، إلا ما اتصل منها بالأمور الفنية الدقيقة التي لم تعرب بعد، أو تتصل مصطلحاتها وتعبيراتها بالتقنيات العلمية العالمية شأن لغة الأطباء والكيميائيين...إلخ

ومن أقواله في ذلك: "فرأي الدكتور زكي مبارك رأي لا غبار عليه لو أنه اقترن بتنشيط عظيم لحركة الترجمة العلمية تحت الرعاية الحكومية بحيث نجد لكل علم وصناعة مجلة جامعة إلى جانب المؤلفات القيمة المتلاحقة.

ففي هذه الحالة لا يفوت المتعلمين بالعربية الوقوف على تيار الحركة العلمية في العالم بأسره، كما أن إلمامهم العام بلغة أوروبية واستعمالهم مصطلحات دولية مما يساعدهم على الاطلاع على المصادر الأوروبية نفسها في غير مشقة."

ويرى أبو شادي مع المجددين أن الضامن لحياة اللغة العربية ليس كثرة حفظة القرآن ولا لكونها اللغة الرسمية للأقطار العربية، بل الضامن لبقائها هو قدرتها على التعبير عن الواقع بكل ما فيه، وعن المعارف الإنسانية بكل ما تحتويه (العلم، الفن، الأدب، الفلسفة، الاجتماع، والسياسة) ويقول في ذلك: "يجب أن تكون اللغة العربية لغة علم وأدب وفن وفلسفة وسياسة واقتصاد وثقافة شاملة غير مقصورة على مصالح قطر دون قطر، وأن يتوفر على التأليف بها أعلام، وأن تنقل إليها أشهر التصانيف العالمية في كل باب"

ويمضي أبو شادي مع زكي مبارك والمجمعيين في دعوتهم لوضع معاجم عربية حديثة تبين تطور الدلالات اللغوية والاصطلاحية والإجرائية السياقية للألفاظ والتراكيب، ويقره أيضاً على ضرورة تبسيط الأساليب في كتابة المقالات الصحفية والدراسات الأدبية، وذلك لتيسير التواصل مع شبيبة المثقفين؛ فالتقعر واستدعاء المهجور من الألفاظ ليس فيه من الأصالة أو الحفاظ على التراث من شيء، بل إن التحذلق يصرف النشأ عن تعلم اللغة، وكان متأثرا في ذلك بدعوة لطفي السيد لتمصير العربية وتبسيط الفصحى دون إفراط أو تفريط.

ومن أقواله: "ويعلم القراء أني لست من أنصار اللهجة العامية، ولكني أرتاح إلى تمصير العربية أو تعريب المصرية بحيث يظهر في أدبنا المصري روح هذا الوطن الرقيق الوديع، وهو ما يمثله شعر البهاء زهير أصدق تمثيل، وقد يمثله شعر ابن قلاقس وابن النبيه وابن نباتة بعض التمثيل، وأما الرجوع بنا إلى لهجة العصر الأموي والعصر العباسي فليس من التجديد ولا من إنصاف بيئتنا في شيء. وأرى بيئتنا المصرية الحاضرة متفرنجة فلا يمكن تجريد شعرنا المصري من روح التفرنج، ولن يخاف ذلك إلا كل متصنع يحتمي خداعاً أو جهلاً منه بفلسفة الشعر وراء الغيرة على اللغة، حينما هو يسيء بذلك إلى لغته وشعره."

 غير أنه يخالف المفكرين المحافظين ومصطفى صادق الرافعي في أن اعتماد الباحثين والدارسين على المؤلفات الأجنبية ضرباً من ضروب الغزو الفكري أو الاحتلال الثقافي الذي ينقص من تحرر المصريين من الاحتلال الأجنبي فعنده أن الاكتفاء باللغة العربية دون غيرها من اللغات في ميدان التعليم يضعف الطلاب ويجعلهم سجناء ثقافة  لم تسهم في الحاضر بشيء ومن ثم يجب ترجمة العديد من الكتابات العلمية إلى العربية لإثراء ثقافة الضاد بمصطلحات جديدة والتأكيد في نفس الوقت على ضرورة تبسيط قواعد اللغة العربية لإقبال الطلاب على تعلمها والتوسع في تعلم اللغات الأجنبية لتحقيق ما نصبو إليه ألا وهو العولمة أو الكوكبة أو الأخوة العالمية ، ويقول : "ونحن لا نوافق على أن نشر اللغة الأجنبية من مؤيدات الاحتلال، فالهند تشربت الاستقلال من الثقافة الإنجليزية، وما عرفت الخنوع والتنابذ إلا بفضل ثقافتها الوطنية المريضة المشبعة بالحزازات الطائفية وقس على ذلك كندا واستراليا وغيرهما من أعضاء الجامعة البريطانية...الاستقلال الراجح هو الذي يحرص على مقوماته مع الحرص في الوقت ذاته على العلاقات الأممية التي تستفيد منها الأمم الناشئة أضعاف ما تستفيد غيرها. ولا يجوز أن ننكر أن اللغة العربية أسوة باللغة اليابانية أو الفارسية وبغيرهما من اللغات الشرقية ليست لغة عالمية في عرف الحضارة الراهنة التي اتخذت أممها الرائدة الحروف اللاتينية واسطة بيانها، وما دمنا متمسكين بالحروف العربية القديمة فلا أقل من ترجمة آدابنا للتعريف لدى الغربيين، وعلى هذا نعد صنيع الجامعة المصرية صنيعاً حسناً...فمع إجلالي للغة الإنجليزية المتمكنة في مصر ومع محبتي لها أرى أنه واجب حتما علينا تنفيذاً لخطتنا في حماية لغتنا الوطنية وضمان حياتها أن نجعلها بغير قيد ولا شرط لغة التعليم في جميع المدارس، وأن نتوفر على الترجمة إليها دون انقطاع، فإننا الآن في دور يجب أن تقدم فيه الترجمة على التأليف ما لم يكن التأليف أصيلاً بالمعنى الصحيح وهذا لا ينافي العناية بتدريس اللغة الإنجليزية وتمكين الطلاب منها لينتفعوا بها في زيادة معارفهم من المصنفات الإنجليزية "

ويرى أبو شادي أننا لم ننظر للغرب نظرة الناقد الفاحص، بل نظرة الجاهل الذي لا يستطيع تقييم  ثمن ما يبتضعه من السوق، فقد أخذ عوامنا وبعض خاصتنا أسوأ ما في الغرب، الأمر الذي ضخم رذائلنا وأجهز على ما بقي من ثوابتنا وأصولنا، ويقول في ذلك:

"المدنية الغربية مؤسسة على الحرية والآداب والعلم والتضافر في سبيل المجد والرفعة، ولكن نحن لم نشيد مدنيتنا هذه الحديثة إلا على ما رأيناه عند الغربيين من قبائح ومساوئ بقيت متمكنة فيهم ولم ينزعها منهم قادتهم. نحن لم نأخذ عنهم غير كل نقيصة ولم نقلدهم إلا في عيوبهم، فما وجهنا همتنا وسعينا إلى نشر العلم ببلادنا وتشييد دوره الراقية كما تفعل تلك الأمم والشعوب، وما حافظنا على مجد لغتنا وبذلنا جهدنا في رفع قدرها ونشرها وتأييدها، وما عملنا في مقاومة أولئك الذين دأبهم نشر الأباطيل بين أفراد الأمة حتى وضعوا لنا حاجزاً كبيراً في سبيل رقينا الأدبي، وما تعاونا على العمل لما فيه المصلحة العامة بل عمل كل منا لما فيه نفعه الخاص ضاربين بمصلحة البلاد عرض الحائط."

ويضيف أن بعض كتابنا يتحدثون عن الغرب بغير علم، ويبدو ذلك في نعتهم إياه بموطن الإلحاد والانحطاط الخلقي وما إلى ذلك من أمور تنفر المتدينين من التعرف على المدنية الغربية، ويغالطون أنفسهم في الوقت نفسه عند مقابلتهم بين أخلاقيات الشرقيين وتدينهم وحال الغربيين، فالواقع يثبت أن تدين الشرقيين أضحى مجرد مظاهر شكلية لا روح فيه، الأمر الذي يبرر تلوث أخلاقهم وانحراف سلوكهم عن الفضائل التي حثت عليها الشرائع، ويقول:

"أننا لم نر في الشرق تديناً صحيحاً نظرياً وعملياً يعادل في شموله، وفي معنويته مثلما رأيناه في هذين القطرين العظيمين (بريطانيا وأمريكا)"

وتتميز دعوة أحمد زكي أبو شادي في الاقتباس عن الغرب بأنها دعوة انتقائية في حين كان سلامة موسى يدعو صراحة إلى التنازل عن الهوية الشرقية والمشخصات المصرية والقيم الدينية واقتفاء أوروبا في كل ما تفعله من عوائد ونظم، وليس أدل على تباين موقفهما من رفض أبو شادي لمظاهر الانحطاط والفساد التي بدت في المجتمع المصري في مسايرته عوائد الفرنسيين ويقول:

"كثرت الحانات بهذه البلاد وتفاقم شرها وغدت مصدراً لما تئن منه من المصائب والويلات وتعددت محال القصف والخلاعة وأماكن الفجور والفحش وناشئتنا تؤمها بكثرة وتفاخر بذلك كل المفاخرة، ولقد كان هذا سبباً وداعياً لأن يبعث لنا من أسواق باريس (مثلاً) في كل عام بجيش جرار من ربات الدلال والخلاعة مما يزيد عن حاجات أهل تلك المدينة مدينة الفجور والفسق، فتستوطن تلك الجماعات بلادنا وتقطن أجمل أحياء المدينة وثم تنصب الشراك لإيقاع شباننا فيها، وهكذا يخاف العاقل أن يقع في حبائل دهاء تلك الغانيات فيلازم منزله متسلياً وقاطعاً الوقت بالمطالعة والبحث في أسفاره، أو يغادر داره ولكن يقصد أحد أصدقائه ليراه ويمضي معه وقت راحته وصفائه، ذلك لأنه يعلم أن أي منتزه يقصده لابد أن يراه عامراً ببنات الهوى وقل أن يجده خالياً منهن... نبذنا ما كان فينا من خصال شريفة واستبدلناها بما رأيناه عند أهل الغرب من رديء الطباع وسيئها ولقد جررنا على أنفسنا بذلك أضراراً جمة وفقدنا بقية ما كان فينا من شعور وحس شريف."

     وينحاز أبو شادي إلى التيار التغريبي الذي كان يقوده سلامة موسى وإسماعيل أدهم وإسماعيل مظهر في هذه الآونة فنجده ينظر إلى الحضارة الشرقية على أنها الماضي التليد الذي يجب أن يفاخر به الأمم، أما معالجة قضايا الحاضر والتخطيط للمستقبل فيجب اقتباسه من الحضارة الغربية وذلك لأنها استطاعت بفلسفاتها وعلومها الارتقاء بمجتمعاتها في شتى الميادين ومن أقواله في ذلك: "والواقع أن المدنية الشرقية مدنية تاريخية نعزها لهذا الاعتبار فقط، وأما المدنية الغربية فهي مدنية الحضارة العلمية الراهنة ولا يمكن لأمة رشيدة أن تنصرف عنها. هكذا فعلت اليابان ذات الحضارة الشرقية العريقة فاصطنعت المبادئ الغربية في كل شيء حتى في الملابس حينما سمحت ظروف أهليها الاقتصادية."

ويضيف أن النزعة الاستعمارية الغربية لم تعد حقيقة مؤكدة، بل هي هواجس ومخاوف تطلقها الشعوب المتخلفة والمتعصبة دينياً بحجة أن الآخر لا يضمر للإسلام سوى الشر، في حين أن الأمم الإسلامية الناهضة قد وجدت ترحاباً من الدول الغربية وخاصة أمريكا لأنها تفضل منطق المصالح المتبادلة.

ويعني ذلك أنه رفض تماما نظرية الغزو الفكري أو الاحتلال الثقافي الذي روج لها المفكرون المحافظون في مطلع العشرينات من القرن الماضي ويقول :

"إن هذه الدول الأوروبية لم يحركها أي دافع ديني لالتهام الدول الإسلامية بعد شطرها، بل إنها الجانية على نفسها بذلك، لأنها خذلت بعضها بعضاَ. وما من شعب إسلامي احترم نفسه فيما بعد، ولم يكن ألعوبة في أيدي الحاكمين بأمرهم إلا ونال احترام هذه الدول الأوروبية ذاتها وتعاونها معه بحكم المصلحة المشتركة كما كان حظ تركيا الجديدة."

كما يؤكد أن العلم هو الطريق الذي يجب علينا أن نسلكه إذا ما أردنا تحرير مصر من نير الاحتلال وتخليص الشعب من عاداته المرذولة وعلى رأسها التواكل وطلب العون من أصحاب الأضرحة والأولياء، وأول الخطى إلى ذلك هو إصلاح حال التعليم بكل مراحله ووضع خطة دقيقة للقضاء على الجهل، ولاسيما بين الطبقات الدنيا في الريف، ويقول في ذلك:

"إن كنتم حقيقة تريدون الخير لأمتكم وليست لكم غاية تنشدونها سوى أن تنال حريتها واستقلالها فاستنفدوا وسعكم وابذلوا طاقتكم في سد ثغرة الجهل التي فيها، ورتق فتق نقائص مجتمعها، حتى تصبح حقيقة بنيلها ذلك، وخليقة بأن تتسابق مع بقية الأمم الراقية في ميدان جهاد الحياة، وأنتم بغير هذا لا تتحقق لكم أمنية ولا تصلون إلى ما تبتغون. تلك حكمة الخالق وسنة الكون والطبيعة وهذه الصيحة أقولها لقوم يعقلون"

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز