عاجل
الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
عصر "الكتاتيب" و"التكايا"!!

عصر "الكتاتيب" و"التكايا"!!

بقلم : د. حماد عبدالله

كان فى كل أحياء القاهر القديمة أكثر من "كتاب" لتحفيظ الصغار "القرأن الكريم" وتعليمهم العلوم الأساسيه، وكذلك إنتشر الُكَّتابْ فى القرى والنجوع المصرية ، وكان (الُكتَّابْ) هى الدرجة الأولى لأبناء المصريين (بنين و بنات) قبل إنتقالهم إلى المدارس الأزهرية فى الأرياف ، والمدارس الأميريه فى المدن!.



كما كانت القاهره الفاطميه "تعج" بعده قصور مثمرة مزدهره ، تسمى (تِكِيَّهْ) ، فى هذه الَتكَاياَ، المزدانه بجميع أنواع الأشجار والنباتات ، وصنابير المياه المتدفقه ، أسوة بما نراه اليوم فى شوارع "روما" القديمه "وفيينا" ، وأيضاً فى "كارلوفيفارى" فى "التشيك" ، حيث صنابير المياه فى الشوارع تتيح للمشاه بأن يرتوا بالماء البارد .

كانت القاهره الفاطميه أيضاً تعج (بالُسُبلْ) جمع (سَبِيلْ) للمياه ، للإنسان وأيضاً جانب من الَسِبيلْ للبهائم ،( الحمير والأحصنه) ، وعلى سبيل المثال لا الحصر (سَبِيلْ أم عباس) الشهير فى منطقه "القلعه شارع مسجد قلاوون" .

وكانت هذه المبانى ذات الطرز المعماريه الفريده والمتميزه أنشأها المماليك فى العصر العثمانى وكان فى هذه التكايا ، يزاول المنشدين فيها ، عقد حلقات الذكر وتستقبل التبرعات العينية من أعيان المنطقه فى وجبات ثابته كالغداء والعشاء !

 حيث تجلب الصوانى بالفته والأرز واللحم المسلوق ، و فى بعض الأحوال فى حال (الضنك) أو (الفقر المؤقت) تجلب الصوانى "بالفول النابت" وأيضاً العيش والأرز "والفول المدشوش" والعدس الأصفر، نفس "التكايا" ، الخير دائماً موجود أمام من يلجأ إلى "الِتكِيَّهْ" لكي يأخذ قسط من الراحه أو من العنايه أو التكافل الإجتماعى!

ولعل أشهر "تِكيَّهِ" مصرية هى "التِكَيه المصرية" التى كانت فى جدة ، والمدينة المنوره ، وتلك التكيه  والتى هدمت منذ فتره زمنيه قريبه فى مكه المكرمه كانت تلك التكيه معروفه بأسم (التكيه المصرية) حيث يلجأ إليها الحجيج فى مواسم الحج لكى تقدم لهم الخيرات طعام وشراب وإقامه على نفقه الأوقاف المصرية وللأسف الشديد ، تنازلت عنها الحكومة المصرية فى عصر "مبارك" ، حيث سمحت للسلطات السعودية بإزالتها ، وإزاله معها جزء من "تاريخ وكرم المصريين" على حجيج بيت الله الحرام من المسلمين.

وإرتبط بذكريات الطفولة حيث كانت أسرتى تقطن فى "حارة جمعة بالمغربلين" فى أواخر أربعينيات القرن الماضى ، وكان لى حظ أن ألتحق بكتاب (المحموديه) وهذا الكتاب ملحق على "تِكِيَّه الحبانيه" وتأخذ موقعها فى شارع الخليج المصرى ، وبمنطقه "الحبانيه" على أطراف الحلمية الجديدة ، وبجوار مدرسة الخديوية الثانوية بنين ، وكان "الُكتاَّبْ" مشيد على دورين ، الدور الأرضى به الحمامات وقاعات الطعام ، والمطبخ والدور العلوى ، يعلوه "قبة" من الخشب مرسمة بالزجاج المعشق بالرصاص ، والفصول الأربعة على شكل مربع ناقص ضلع ، والضلع الرابع (تراس) يطل على  الحدائق فى "الِتكِيَّه" وله سلم هابط إليها ، حيث يقوم التلاميذ بالنزول إلى "التكيه" وقت (الفسحه) لتَنَاول الغداء والعوده إلى الفصول إستعداداً للترديد وراء الشيخ المدرس للأيات القرأنيه، والتى كان يستطيع الشيخ أن يلتقط اللفظ الخطأ من التلميذ وسط ما يقرب من عشرون ويعرف أنه أخطأ فى نطق "حرف أو كلمه" من الأيات الكريمة التى نرددها خلفه ، فكانت (الخرزانه) هى المصحح للفظ والكلمه ونطقها!!.

والغريب فى الأمر أن كل تلميذ يجب أن يحرص على أن يأخذ من والدته (2مليم) لكى يسدد اليوم الدراسى للشيخ على باب المدرسة ، والباقى من ملاليم حسب قدره كل (أسرة) يمكن للتلميذ أن يشترى (مضاغه) أو(البخت الأحمر) وربما يكون من حظه أن (البخت) أى "البسكوته المغموسة فى العسل الأسود" المتجمد جد فيها من الداخل من مليم إلى (تعريفه) "خمسة مليمات"   ، فيصبح التلميذ من الأغنياء ، ويعفوا عنك الشيخ المحصل (للنكله) (للمليمين)، إذا لم تمتلكهم ، بعدد من الخيرزانات على(كفيك)، حتى لاتنسى غداً إحضار (المعلوم) وهنا كنا لايمكن نقبل الذهاب (للكتاب) دون الملاليم ، والتى يُحَصِلَها الشيخ على باب المدرسة!!

[email protected]

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز