عاجل
الخميس 26 سبتمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
We
البنك الاهلي
الأكثر حمقًاً العودة من منتصف الطريق

الأكثر حمقًاً العودة من منتصف الطريق

بقلم : د. أحمد عيسي عبدالله

القرار هو خُطوة انتقالية إلى واحد من اثنين، إمَّا نَجاحك، أو إخفاقك فيما تنوي الوصول إليه، لذا اهتمَّ العلماء في برامج تنمية الذَّات بهذه المرحلة جدًّا، وهي مرحلة اتِّخاذ القرار؛ واعتبروا كلَّ ما يسبقها من مراحل مثل جمع المعلومات والقياس والاستنتاج، كلها تَخدم نقطةً واحدة، وهي المساعدة في اتِّخاذ قرار سليم نقتربُ به من نسبة النَّجاح وزيادة احتمالاته.



إن أوقات صنع القرار تُمثِّل لحظاتٍ حاسمة في حياة الفرد، قد تَقوده إلى النَّجاح أو تفتح عليه أبوابًا من السُّقوط في دوامات الفشل، والقرارات تتفاوت في درجتها وخطورتها وخصوصاً القرارات المصيرية التي يترتب عليها تغيير فى مواقف أوبناء حياة جديدة أو غيره ، ومع ذلك ربما تجد الكثيرين يهربون من اتخاذ قرارات إما خوفاً من الفشل أو لفقدان الثقة، أو ربما لتعرضهم لتجارب سلبية في الماضي، أو رُبما لأنهم لم يعتادوا خوض التجربه وتحمُّل المسؤلية أياً كانت النتائج.

لكن هناك ما هو أخطر من اتِّخاذ القرار، وهو الثبات عليه ؛ بمعنى: أنَّ هناك من يستطيع أن يتخذ قراره في أمرٍ ما، لكنَّه يبقى مُتذبذبًا في مَوقفه ، فمنهم مَن يتراجع وهو في منتصف الطريق؛ لأنَّه ربما اكتشف أن ما فعله كان خطأً، ومنهم من يتراجع لأنه يشعر أن حساباته لم تكن دقيقة بالحدِّ الكافي ، أو أنه لم يكن موفَّقًا فيما قام به من حسابات ، ومنهم من يتراجع لأنه رأى فرصةً أفضل قد لاحت له ، ومنهم من يرى أنه فقط ليس مطمئنًاً، بل يريد مجرد إعادة التفكير مرة أخرى..

خلاصة الحكاية وما فيها ليست فى " كيف نبدأ " ، بل فى " كيف ننتهي " ..

لأن الحكمة في اتخاذ القرارات - خاصَّة لو كانت قرارات مصيرية - تكون مطلوبة كثيرًا، ولكن إلى أي حدٍّ تقف هذه الحكمة؟ ومن أين يبدأ الحسم في اتخاذ القرار؟ ..

والإجابة ببساطة فى أمور محددة ، على الشخص الذى يتخذ قراراً أن يتبناها وينتبه لها:

  1. أولاً أنْ يبدأ في جَمع المعلومات الكافية حول الموضوع، سواء من قريب أم من بعيد.
  2. ثانياً عليه بعد ذلك أنْ يُحلِّل هذه المعلومات تحليلاً دقيقًا بالتفكير الناقد والتحليل.
  3. التلخيص .. بأن يكتب ترجمةً لهذا التحليل؛ بمعنى: أنْ يكتبَ خلاصة هذا التحليل في نقاط يَسهُل عليه حصرها، واسترجاعها، ورُؤيتها رؤيةً شمولية.
  4. ويقوم بعد ذلك بطرح كل الاحتمالات الممكنة لما يريد الإقدام عليه.
  5. وبعدها يقوم باستنتاج ما يُمكن أن ينتج عن كل تصرُّف من الاحتمالات الممكنة.
  6. بعد ذلك يُوازن بين حجم الخسائر - وهو أمرٌ لا بُدَّ منه في أي تجربة - وقيمة الهدف الذي يرجو الوصول إليه.
  7. وأخيرًا: يقوم باتِّخاذ القرار المناسب الذي يراه بحسم ودون التفكير في العودة،  وإذا كان الأمر يتعلَّق بمجموعة، فإنَّ رأيَ الأغلبية يكون هو المتَّبع ما دام ضمن الآراء المختارة التي لا تحوي ضررًا مؤكدًا.

هناك مقولة حكيمة تقول:

"من الحماقة أن تعبُر طريقًا للسيارات دون أنْ تنظُر جيدًا، لكن الأكثر حمقًا أن تُحاول العودة في منتصف الطريق".

 وذلك لأنَّك بعودتك تُضيِّع فرصةَ التركيز والمجهود المبذول فيما فاتك، وتخسر التغييِر الذى حدث خلال نصف الطريق السابق، فتتقلص نِسَب النجاح بشدة، لكن لو سرتَ على ما عزمتَ ستكون نِسَب نَجاحك أعلى.. ولا تتعارض الحِكْمة هنا في اتِّخاذ القرار مع الحسم فيه، وليس من العيب أبدًا أنْ يتراجع المرء إذا علم أنَّه على خطأ، أو ظهر له جديدٌ أضاف إلى استنتاجاته وحساباته حقائقَ كانت غائبة أو خفِيَّة عنه، فتلك هي الحكمة بعَيْنِها، أمَّا ما يناقض الحسم في اتِّخاذ القرار - وهو ما نقصده هنا - هو التذبذب دون مُبرِّر، و دون وجود عوامل ومعطيات حقيقيَّة يُمكن الوقوف عليها.

 فليسَ من الحكمة أبدًا أن يطغى التذبذُب غير المبرر على العزم المحكم المنضبط بالعقل والمنهج العلمي السليم، خاصة إذا كان كل ذلك بمعية الله - تعالى - وبركته وحسن التوكل عليه؛ يقول تعالى: ﴿ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ ﴾ [آل عمران: 159].

 

استشارى ادارة الموارد البشرية

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز