انا المجتمع !

بقلم : جورج أنسي

اسعد كثيرا عندما اجد المرأة العربية وقد تغلبت على بعض التقاليد البالية وانطلقت متحدية ظروف مجتمعية صعبة ونظرة قاصرة تجاه دورها فى الحياة.

وربما كانت المرأة المصرية - ومن بعدها التونسية - سباقة فى هذا الاطار خاصة فى فترة الستينيات نظرا لتطورات الظروف السياسية والمجتمعية، مما اتاح لها فرصة التطور والانطلاق والخروج من الباب الضيق المتمثل فى اقتصار دورها على رعاية أطفالها وتربيتهم.

الا أن ارتفاع موجة المد الدينى  - خاصة مع اواخر السبعينيات - اعاد غالبية النساء فى العالم العربى لمرحلة متأخرة مع بعض الاستثناءات هنا وهناك .

ولعلى فوجئت اليوم بتلك الحملة الجريئة- البسيطة فى ادواتها العميقة فى مغزاها - والمتمثلة فى انطلاق مجموعة كبيرة من الفتيات العراقيات وهى تجوب شوارع بغداد على الدراجات في تحدٍ للتقاليد والاعراف العراقية التي تعتبر قيادة الفتيات للدراجة امراً غير لائق بالنساء.

" انا المجتمع " ...هي حملة أطلقتها الشابة العراقية مارينا جابر لتشجيع الفتيات على قيادة الدراجة  في شوارع بغداد ، وهى رسامة وفنانة ، وقد شغلت مواقع التواصل الاجتماعي قبل عدة ايام مابين مساند ومعارض عندما قادت دراجتها  في أكثر مناطق بغداد شعبية وازدحاماً.

وليس خفيا على احد ان نسبة كبيرة من النساء فى المجتمع المصرى كانت تستخدم الدرجات فى فترة الستينيات من القرن الماضى للذهاب الى المدارس والجامعات ولم يكن بهذا الامر اى غرابة بل ربما نقلته عنا بعض دول اوروبا - هولندا مثلا والتى لاتزال الدراجة وسيلة اساسية للانتقال لكلا الجنسين - وكان من الطبيعى ان ترى فتيات فى مرحلة المراهقة والشباب وهن يجبن شوارع القاهرة فى ساعات النهار ، ولعل فيلم السندريلا الراحلة سعاد حسنى والفنان المتميز حسن يوسف ( الزواج على الطريقة الحديثة ) خير شاهد على هذة الفترة .

ان هذة الدعوة العراقية ربما تكون محفزا لجيل من الشباب والفتيات فى جميع ارجاء وطننا العربى ، خاصة فى ظل التكدس المرورى بأغلب العواصم العربية ومع ارتفاع اسعار المحروقات بصورة ارهقت ميزانية غالبية الاسر ، كما انها دعوة مغلفة لتحرر المجتمع باسره من قيود كثيرة اعاقت تقدمه وتطوره ، وقديما قالوا ( اذا اردت ان تقيس مدى تطور مجتمع من المجتمعات ، فانظر الى وضع المرأة فيه لتعرف مدى تقدمه ).