عاجل
الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
الجهاز الأم

الجهاز الأم

بقلم : د. داليا مجدى عبدالغنى

أظن أن جميع البشر ، يحملون بداخلهم بذرة المرض النفسي ، ولكن ليس معنى ذلك أنهم يعانون من المرض ، ويحتاجون إلى علاج ، ولكن الواقع أن الإنسان يستهلك جهازه العصبي على مدى عمره ، كما يستهلك كافة أجهزته الأخرى ، وبالتبعية ، فإن هذا الجهاز يتأثر تدريجيًا ؛ بسبب ضغوط الحياة ومتطلباتها ، ومتغيراتها الدائمة ، والتي قد تصيبه بكثير من التوتر والقلق ، وأحيانًا بالرغبة في الخلاص من الحياة ، وهذه جميعها مشاعر طبيعية جدًا ، وتلقائية كرد فعل على معاناة الحياة التي لا تنتهي على الإطلاق ، ولكن هناك نوعان من البشر والأول منهما يصمد أمام هذه المعاناة ، ويحاول علاج جهازه العصبي بطريقة طبيعية عن طريق وضعه أمام إيجابيات الحياة ، والاستمتاع بجمالها ، ومحاولة الصمود أمام آلامها بالإيمان ، والانفصال أحيانًا عن مشاكلها ، وأيضًا عن طريق التحدث مع شخص يجيد الاستماع ، وغيرها من الكثير من الطرق والوسائل التي تعمل على تنشيط الجهاز العصبي ، واستعادة تركيبته السوية ، أما النوع الثاني فهو يكون أضعف من احتمال هذه الآلام ، وتظهر عليه علامات المرض دون إدراك منه ؛ نظرًا لأن تكون جهازه العصبي يكون أضعف من متطلبات الحياة .



ولكن هذا لا يعني أنه شخص ناقص أو فاقد القدرة على التعامل مع البشر ، ولكنه فقط يحتاج إلى من يساعده في استعادة توازنه النفسي وقدرته على الاحتمال ، وهذا لا يقلل من شأن أي إنسان على الإطلاق ، بل على العكس ، فمن يرفض الاستسلام للمرض ويجابه من أجل محاربته ، فهو في الواقع إنسان قوي ولديه إرادة صلبة وعزيمة حقيقية ، ولكن أيًا كان ، فلا خلاف على أن بذرة هذا المرض موجودة بداخلنا جميعًا ، ولكن تظهر على من يستسلم لها ، ويرفض محاربتها ، فنحن يوميًا نتعرض لضغوط وآلام ومعاناة نفسية كفيلة بأن تهز كياننا النفسي والعصبي ، ومن يدعي أنه أقوى من هذه المعاناة ، وأنه لن يتأثر بها ، فهو مخطئ ، فهـذا الجهاز يكاد يكون أكثر أجهزة الجسم استهلاكًا ، ولكنه رغم ذلك أقوى جهاز ؛ لأنه يتحمل ، بل ويسيطر على كافة الأجهزة ، فالإنسان عندما تتأثر حالته النفسية ، لاشك ستتأثر كافة تعاملاته وتحركاته وتصرفاته ، وهذا رد فعل طبيعي ، فالجهاز العصبي متحكم بشدة في تكوين الإنسان وسلوكياته

وعلينا أن نحافظ على جهازنا العصبي ، وذلك بالاعتراف بأن المرض في حد ذاته ليس خطيئة أو ذنب أو تقليل من شأن الإنسان ، بل هو على العكس رد فعل طبيعي وبشري لما نتعرض له في الحياة ، وعلينا أن نجابه معاناتنا ؛ حتى نحافظ على الجهاز المتحكم في سائر أعضاء الجسم ، فهو في الواقع الجهاز الأم .

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز