عاجل
الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
السلبية الإيجابية

السلبية الإيجابية

بقلم : د. داليا مجدى عبدالغنى

ليست كل سلبية مرفوضة ، ومحل نقد ، فهناك نوعًا من السلبية تكون مطلوبة ، بل ومحمودة ؛ لأنها تكون جهاز التحكم في المواقف ، الذي يمنع حدوث المشكلة ، أو على الأقل تطورها ، فيحتاج الإنسان هنا أن يتسم بالصر والصمت ، وعدم الإتيان برد فعل إيجابي ؛ لأنه لو حدث سيخسر كثيرًا ، أو قد يتسبب في مشاكل لا طائل منها ولا حد لها ، فهل يُمكننا هنا أن نقول أن هذا الشخص سلبي ؟! أم أنه آثر الصمت واختار طريق السلبية ؛ حتى يمنع ما لا يُحمد عقباه ، ولكن للأسف لا يوجد الكثيرون الذين يدركون هذا المعنى ، فنحن نحكم من الظاهر ، ونكتفي بالنقد والاتهام ، دون محاولة للتفتيش فيما وراء الحدث ، فالحياة بالرغم من احتياجها لردود الأفعال ، والإيجابية في المواقف ، إلا أنها أيضًا تحتاج كثيرًا إلى التروي والهدوء الذي يطلق عليه السلبية ، ولكنها سلبية لا غنى عنها حتى تستمر الحياة ، أو على الأقل تستمر العلاقات بين البشر ، ولا تتحول إلى عداوة أو قطيعة ، وهـذه في الواقع حكمة من الإنسان ، وقدرة على كبح جِماح النفس ، وعدم تركها تلهث وراء عنف لا يفرق كثيرًا عن الغضب الجاهل .



ومن يستطيع أن يصل بنفسه إلى هذا الهدوء المطلوب ، لا يطلق عليه شخص سلبي ، بل إنه شخص قوي ؛ لقدرته على استيعاب الموقف من حوله ، وهذا الشخص لا يحتاج إلى النقد ، بل يحتاج التحية والانحناء له على ذكائه الفطري والاجتماعي ، فهل من العقل أن نترك الأمور تخرج من أيدينا ؛ حتى نتباهى بإيجابية نالت منا ، وهدت ما بنيناه طيلة العمر ، وطالما أن السلبية المفتعلة لن تنال من كرامة الإنسان أو كبريائه ، فما الخطأ في اللجوء إليها في بعض الأحيان ؛ حتى تنجو من توابع العاصفة التي قد تُودي بنا وبمن حولنا .

والواقع أن كل من أخذته العزة بالإثم ، ذاق طعم الندم على قراراته المفاجئة التي لم تقهر سواه ، فهل نختلف الآن على أن السلبية قد تكون أحد أهم الحلول لمواجهة الحياة والانتصار على حماقاتها ، ودرءً للمشاكل وتبعاتها ، وأظن أننا لو تفكرنا بهدوء ، سندرك أن السلبية ذاتها قد تكون أكبر دليل على الإيجابية ، ولكن لو استخدمت بالأسلوب المنطقي المقبول الذي يُحولها إلى سلبية ولكنها إيجابية .

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز