عاجل
الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
الرياضة والتوجهات السياسية المصرية

الرياضة والتوجهات السياسية المصرية

بقلم : د.أحمد فاروق عبدالقادر

تنشأ السياسة مع نشأة المجتمعات، ويتسع مفهومها ليشمل الأسره، والنقابة، والنادي، والوزاره، والحزب، والشركة وغيرها، ويمكن بسهوله إدراك العلاقة الوثيقة بين الرياضة وبين السياسة وتأثير بعضها علي بعض وسيطرة إحداهما علي الأخري في بعض الأحيان، لذلك هناك علاقة تبادلية بين الرياضة والسياسة وهو ما أكد علية السياسيون أنفسهم منهم الرئيس الجنوب إفريقي السابق نيلسون مانديلا حينما أكد "أن الرياضة هي ملهمة السياسين، فهي تملك القدرة علي توحيد الشعوب، وتمثل لغة حوار مع الشباب وأكثر نفوذاً وقوة من الحكومات" وأكد علي هذا الرأي الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش الأبن الذي كان يدير فريق تكساس رانجير الأمريكي للبيسبول، والرئيس الروسي فلاديمر بوتين حامل الحزام الأسود في رياضة الجودو، وسليفيو بيرلسكوني رئيس الوزارء الإيطالي صاحب نادي أيه سي ميلان لكرة القدم لثلاثين عاماً متتالية، وتوني بلير رئيس الوزراء البريطاني الذي تبادل قبعته مع كيفين كيجان المدير الفني السابق للمنتخب الإنجليزي خلال أحد إجتماعات حزب العمال الإنجليزي.



وأصبحت الرياضة أكثر أدوات السياسة الخارجية فاعلية لحل المشكلات السياسية الكبري مثلما حدث في توحيد طابور العرض بالدورة الأولمبية سيدني بين شطري الكوريتين، ودبلوماسية الكريكيت التي أنهت المشكله الباكستانية الهندية، ومباراة تنس الطاولة التي أعادت العلاقات الدبلوماسية بين الولايات المتحده الأمريكية والصين، وبالرغم من أن اللجنه الأولمبية الدولية قد أقرت بعدم تدخل السياسة في الرياضة نجد هناك بعض مظاهر تدخل السياسة في الدورات الأولمبية ذاتها رغماً عن قواعد وميثاق اللجنه الأولمبية الدولية ففي دورة لندن تجاهلت بريطانيا رفع العلم الأمريكي والسويدي، وفي ملبورن إمتنعت مصر وبعض الدول الأخري من المشاركة في الدورة أحتجاجاً علي العدوان الثلاثي علي مصر، وفي طوكيو منعت جنوب إفريقيا من الإشتراك بسبب التفرقه العنصريه، وفي ميونخ قتل أحد عشر لاعباً من إسرائيل من خلال المقاومه الفلسطينية، وفي موسكو رفعت (81) دولة العلم الأولمبي بدلاً من علم بلادها إحتجاجاً علي غزو الإتحاد السوفيتي لأفغانستان. وكما للرياضة وجه أبيض في مساهماتها في حل الصراعات والخلافات الدولية فأنها أيضاً لها وجه أخر يعود بالعلاقات الي حد الصراع كما حدث في مباريات كرة القدم بين الفرق المصرية والجزائرية، والصراع الدائم بين فرق كرة السله الأمريكية والروسية، ومباراة كرة القدم بين فريقي الإسماعيلي المصري والأهلي السعودي في دورى أبطال العرب 2005م، ومباراة كرة القدم بين النادي المصري البورسعيدي والنادي الأهلي التي راح ضحيتها (73) مشجع من الأبرياء.

وحظيت الرياضة بمصر بإهتمام جميع قادتها علي مر العصور فحيناً نجد الرئيس عبد الناصر يتحدث عن أهمية إسهام كرة القدم فى تسليح الجيش المصرى، وتعميق العلاقات المصرية الإفريقية عن طريق كرة القدم، والتي نتج عنها تأسيس الاتحاد الإفريقى لكرة القدم وإنطلاق بطولة كأس الأمم الإفريقية، وحيناً آخر نري الرئيس السادات يمارس رياضة السباحة والتنس واليوجا والجمانزيوم ويهتم بنتائج كرة القدم، وكثيراً ما رأينا الرئيس مبارك يمارس رياضة الإسكواش ويحضر مباريات المنتخب الوطني لكرة القدم في الملعب، وإهتمامه برياضة الجودو وإسهام الرياضة في عودة العلاقات المصرية العربية بعد إتفاقية السلام من خلال الرياضة والتي بدأت بمباريات كرة قدم بين الفرق المصرية والسعودية والكويتية، وحظيت الرياضة بأهتمام الرئيس السيسي عندما صرح أن الرياضة ليست مجرد "لعب" وإنما لها أبعاد أكثر من ذلك بكثير في مناحي السياسة والإقتصاد والأمن، وأن الرياضة "أداة رئيسية لتحقيق  أهداف التنمية المستدامة" وعندما كرم الرئيس أبطال مصر فى دورة الألعاب الأوليمبية والبارالمبية، بمقر رئاسة الجمهورية عندما فازت البعثة المصرية ب(3) ميداليات برونزية فى دورة الألعاب الأوليمبية و(12) ميدالية متنوعة فى الألعاب الباراليمبية بريو دى جانيرو2016م، وأكد الرئيس على أهمية توجيه طاقات الشباب إلى المجالات المفيدة صحياً، وذهنياً، وإعتبارها أحد مقاييس تقدم وتحضر الشعوب.

وفي إطار ذلك يجب أن تعبر التوجهات السياسية الداخلية المصرية عن الأهتمام الرئاسي بأن تكون الرياضة المصرية داعم إقتصادي وأمني قومي لمصر، لذا يلزم أن تكون للرياضة المصرية قوه إقتصادية من خلال إنشاء صناعات رياضية قادره علي الإنتاج لتغطية السوق المحلي والمنافسة في السوق الدولي، تدعيم الإحتراف الخارجي لجلب العملة الصعبة ومساعدة الأندية علي تمويل نفسها ذاتياً، إطلاق الحريات للمؤسسات الرياضية في إستثمار أموالها ومنشآتها، وإطلاق حرية إستثمار القطاع الخاص في الرياضة، وإقامة نشاط رياضي سياحي قوي مستثمراً إمكانات مصر الجغرافية والمناخية ووجودها وسط بحرين ونهر من أعظم أنهار العالم والصحاري الممتدته والمساحات الخضراء الشاسعه، وآثار تمثل ثلث العالم، وإقامة منشآت رياضية بمواصفات عالمية في المدينة الأولمبية بالعاصمة الإدارية الجديدة، وإقامة المنتجعات والمنشآت القادره علي جذب المعسكرات الرياضية العالمية، والتوسع في إستضافة مراكز تنمية الرياضات المختلفه التابعه للإتحادات الدولية بمصر لجذب المزيد من السياحة الخارجية، وإنشاء كيان إقتصادي مصري قادر علي إستمار هذه الأموال وتعظيمها كبنك تمويل للرياضة المصرية.

كما يجب التركيز علي البعد الأمني القومي للرياضة المصرية والإهتمام بتوسيع قاعدة الممارسة الرياضية والإسراع في تطوير الرياضة المدرسية والجامعية، ودعم الإتحاد الرياضي المصري للمدارس ليغطي نشاطه جميع طلاب مرحلة التعليم الأساسي، ودعم الإتحاد الرياضي المصري للجامعات لأستكمال خططه داخل الجامعات، وإعادة هيكلة إتحاد الرياضة للجميع وتطوير خططه نحو تنظيم نشاط رياضي مستمر كسابقات المشي والدراجات الهوائية والماراثون وألعاب الترفيهه وسباقات السيارات الصغيره (كارتنج)، وتطوير الرياضة العمالية من خلال الإتحاد المصري للشركات ذو التمويل الضخم لتكون مرتكزه علي مستوي تأصيل الممارسة الرياضية بالشركات والمصانع وتطوير مسابقاته القاصره علي بطولة واحده سنوياً، وتدشين مشروع جديد ينمي الثقافة الرياضية للنشيء وبخاصة ثقافة الممارسة والحفاظ علي الصحة، والمشاركة في نشاط رياضي طويل الأجل له عمق قاري كإنشاء أتحاد دول حوض النيل، وتعزيز إستضافة بطولات منطقة شمال إفريقيا، وتطوير أنشطة الدورات المتوسطية، وإحياء دورات الألعاب العربية وإستمرارية تنفيذها في مواعيدها.

من هنا يلزم أن تقوم المؤسسات الرياضية المصرية من وزارة شباب ورياضة إلي اللجنه الأولمبية والإتحادات والأندية ومراكز الشباب، أن تعمل مباشرة في إتجاه ذلك بحرصها علي إقامة أنشطة رياضية مميزه قادره علي نشر اللعبة علي مستوي جميع المشاركين فيها وإعداد منتخبات وطنية قادرة علي التمثيل القوي وإحراز ميداليات في جميع المنافسات العربية والإقليمية والقارية والعالمية والأولمبية. وإعلان سياسات قوية تجاه إصلاح منظومة الرياضة المصرية والبعد عن عشوائية التنفيذ والتصريحات المخيبة للأمال في عدم قدرة الدولة علي إصلاح الرياضة المدرسية أو رفع الدعم عن الإتحادات في توقيت غير مناسب كلياً.

 

*  أستاذ الإدارة الرياضية كلية التربية الرياضية للبنين جامعة حلوان

    

 

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز