عاجل
الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
تفاءلوا بالخير تجـدوه!
بقلم
محمد نجم

تفاءلوا بالخير تجـدوه!

بقلم : محمد نجم

غمـرنى فيض من السعـــادة والتفاؤل عندما رأيت «الشباب» عمال المزارع السمكية على جانب شط قناة «السويس» يترنمون بأغانيهم الجميلة ويجذبون الشباك المليئة بسمك الدنيس والبياض والبورى وهو يقذف بنفسه فى الهواء متراقصا محاولا الهروب من الأسر.. وكأنه الطائر الذبيح يرقص من شدة الألم.



فهتفت والدمع يسقط من عينى.. «الله على خيرك يا مصر».. وعلى شبابك المتحمس المتوكل على الله، القانع بما أتاه والحالم بغد أفضل بإذن الله.

نعم.. مصر بلد الخيرات، والرزق يحب الخفية، والإنتاج لن يتحقق إلا بالعمل المخلص الجاد.. وصدق الله العظيم عندما وجهنا إلى أن نسعى فى الأرض وأن نأكل من  نواكبها.

أقول ذلك.. وأنا لدى قناعة كبيرة بأن العام الجديد- إن شاء الله- هو عام الحصاد.

والأمر ببساطة شديدة.. أن النهار يأتى بعد الليل، ودائما ما يكون هناك يسر بعد العسر، وهذه حكمة الله فى خلقه وفى الكون بصفة عامة، وكما يقول الفرنسيون «هذه هى الحياة» يوم مر ويوم حلو، ونحن فى مصر- البلد الطيب- مرت علينا سنوات عجاف وحوصرنا خارجيا وتعاركنا مع بعضنا داخليا، ولكن الحياة مستمرة ولابد أن نخرج من تلك «الحالة» ومن ثم سخر الله لنا رجالا من بيننا لتصحيح الأوضاع وقيادة المسيرة.. إلى المستقبل المشرق بإذن الله.

نعم.. لقد عانينا كثيرا فى الخمس سنوات الماضية، حيث اختل الأمن وتباطئ الاقتصاد وتوقفنا عن العمل وتحول بعضنا إلى «ثوار» طول الوقت!

كل ذلك بسبب ما سمى بالربيع العربى الذى جعلنا ندور حول أنفسنا ونستنزف قوانا ومواردنا فى معارك وخلافات وهمية.. من أجل تحقيق مصالح سياسية مؤقتة.. أو منافع شخصية.

وكان يمكن أن نستمر فى ذلك.. وهو ما حدث بالفعل فى بعض الأقطار الشقيقة مثل سوريا وليبيا واليمن، ولكن مبادرة أبناء مدرسة الوطنية المصرية (القوات المسلحة) والتى تزامنت مع نوبة صحيان للوعى الشعبى.. أنقذت البلاد مما أصاب الأشقاء، وعاد «قطار السلامة» للسير على قضبانه وخرج من المحطة بدستور جديد ومؤسسات أعيد بناؤها وبرلمان منتخب وحكومة جادة.. ومشروعات قومية تسابق الزمن للانتهاء حتى وصلنا إلى عام 2016. عام الاستقرار السياسى.. وبدء تنفيذ «خطة مدروسة» لإصلاح الاقتصاد القومى، حيث بدأت الحكومة بتقديم برنامجها أمام البرلمان لزيادة معدلات النمو فى الاقتصاد وتحقيق العدالة الاجتماعية وإصلاح التعليم والاهتمام بالصحة العامة..إلخ.

ثم وجدنا أنه لابد من الاستعانة بطبيب متخصص فكان الاتفاق مع صندوق النقد الدولى لنلزم أنفسنا بجدية تنفيذ ما خططنا إليه من إصلاحات، فضلا على الحصول على قرض مساندة لتغطية العجز فى الموازنة العامة، وأيضا وهو الأهم أن نحصل على «شهادة» الصندوق بأننا على الطريق ونملك اقتصادا قويا يحتوى على فرص استثمارية واعدة.

وبالطبع كان لابد من إصلاح ما يعوق تنفيذ البرنامج من اختلالات وإجراءات.. وعلى رأسها سعر الصرف، حيث لا يمكن أن يستقيم الأمر فى ظل وجود أكثر من سعر للجنيه أمام العملات الأجنبية.. فكان قرار «التعويم» والذى استهدف الوصول بالجنيه إلى قيمته الحقيقية من خلال سيطرة وحدات الجهاز المصرفى على التعامل والتحويلات الخارجية ووقف عمليات المضاربة والتهريب.. وإجمالا «ضبط السوق».. أى جعله شفافا منضبطا يعمل طبقا لقواعد عامة متعارف عليها وبشكل رسمى مع رقابة حازمة على التنفيذ.. ومتابعة جادة وصارمة على كل من يخالف القانون.

وهنا لابد من «وقفة» لتوضيح بعض الأمور.. وأول ما نبدأ به.. أنه لاشك فى صحة القرار لأسباب سياسية واقتصادية وأمنية، تماما مثل المريض الذى يعانى من انسداد فى الشرايين ولا بديل غير عملية «قلب مفتوح» لكى يسرى الدم فى جميع أجزاء الجسم، ولم يكن الاقتصاد المصرى بعيدا عن ذلك، فالعملة الوطنية هى وسيلة التعامل فى البيع والشراء والاستيراد والتصدير، فكيف تحدث كل هذه العمليات الضرورية إن لم يتم إصلاح أوضاعها أولا؟!.

وما يحدث من مشاكل وارتفاع فى الأسعار.. كان معروفا ومتوقعا وسببه الأساسى عدم دوران عجلة الاقتصاد المصرى بالسرعة المطلوبة، فضلا عن تراجع عائد النشاط السياحى، وانخفاض تحويلات المصريين فى الخارج، ثم توقف أو تراجع بعض الأشقاء عن الاستمرار فى برامج المساعدة حتى يتمكن الاقتصاد المصرى من الخروج من أزمته. وحدث ذلك مع استمرارنا فى تنفيذ خطة الإصلاح واستكمال المشروعات القومية المتعددة والمطلوبة للتشغيل والإنتاج وتسهيل الأنشطة الاقتصادية الأخرى.. مثل الطرق والموانئ والكبارى..ومشروعات استصلاح الأراضى الجديدة، وكذلك مشروعات الإسكان.. والكهرباء..إلخ.

ومن المعروف للعامة قبل المتخصصين.. أن لكل شىء ثمنا، فإذا كنت مريضا.. لابد من تعاطى الدواء المر وتحمل وخز الحقن.. وإن لم تفعل ذلك.. فالبديل هو الموت!

وبالطبع لم يكن هذا «الجيل»  من المصريين أنانيا ويقبل على نفسه العيش فى رغد، بينما يترك أعباء الديون التى يحصل عليها تكبل الأجيال القادمة، تماما مثل الشخص الذى يبيع ما ورثه ويصرف عائده على نفسه ثم يترك أبناءه يواجهون مصيرا مجهولا!

والحمد لله.. إننا كمصريين أصبحنا على قدر كبير من الخبرة والوعى فى تفضيل مصلحة بلدنا على مصالحنا الشخصية، وأعتقد- وأنا أعلم ذلك من الكثير من الأصدقاء- أن أغلبنا بدأ فى إعادة ترشيد نفقاته للتوازن- إلى حد ما- مع موارده الحقيقية حتى أن البعض أصبح يقتصد فى إنارة «لمبات» المنزل، وإصلاح «حنفيات» المياه، فضلا عن إصلاح الملابس والأحذية القديمة!

نعم.. لقد تقبل الشعب المصرى بمعدنه الأصيل ما حدث.. وتحمل بصبر جميل أعباء الموجة الحالية للإصلاح الاقتصادى، عملا بالمثل المصرى القديم «لن يحك ظهرك.. غير ظفرك».. أى لابد من الاعتماد على أنفسنا.. وأول تلك الخطوات أن نرشد نفقاتنا ونجتهد لزيادة مواردنا، هذا مع العلم أنه لا أحد يساعد من لا يساعد نفسه أولا!

ما تقدم.. كان تشخيصًا لما حدث.. وما يجرى، ولكن ماذا عن المستقل؟.. ولماذا نحن متفائلون؟.. والإجابة بسيطة جدا.. فهل لا يرى كل ذى عينين وعقل منصف ما يجرى على أرض مصر؟.

ألا يرى المتشككون ما وصلنا إليه من فاعلية أمنية سوف تساهم إلى حد كبير فى استعادة النشاط السياحى؟.

وألا يتوقع المغرضون أننا أصبحنا قاب قوسين أو أدنا من تلقى عوائد الاكتشافات البترولية والغازية الضخمة والتى أعلن عنها من قبل؟، وأيضا.. ألا يتابع أحد كيف بدأت تحويلات المصريين فى الخارج ومن خلال وحدات الجهاز المصرفى المصرى فى الزيادة؟.. وسوف تصل إلى معدلاتها السابقة- بإذن الله- فى القريب العاجل.. أى ما يقارب 22 مليار دولار سنويا.

وهل يشكك أحد أن معدلات النمو فى الاقتصاد القومى بدأت فى الارتفاع التدريجى؟.. وهى حاليا حوالى 4.5%؟

والمعنى من كل ما سبق أن لدينا ما يدعونا للتفاؤل حيث يعمل- أغلبنا- بجد واجتهاد لإعادة عجلة الاقتصاد لمعدل دورانها السريع، أما ضعاف النفوس والخارجون على القانون.. فالكل يلاحظ أن الأجهزة الرقابية لم يعد لديها عزيزا فى هذا المجال.

فياأيها المصريون تفاءلوا بالخير تجدوه..

حفظ الله مصر.. وغدا أفضل بإذن الله.

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز