عاجل
الثلاثاء 16 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
وزارة "البوكليت"

وزارة "البوكليت"

بقلم : د. شريف درويش اللبان

عجيبٌ أمر وزارة التعليم التي تخرج علينا كل يوم بأمر عجيب لتتراجع عنه في اليوم التالي بعد إثارة ضجة لا طائل من ورائها سوى إثارة البلبلة في بيوت المصريين، فمن تسريب الامتحانات ومحاولات الإمساك بالمسئولين عن صفحات "شاومينج" على شبكات التواصل الاجتماعي إلى درجات الحضور والانضباط إلى ترجمة مضمون مناهج المدراس التجريبية إلى اللغة العربية، نجد أن كلها قرارات غير مدروسة سرعان ما تظهر ثم تختفي، فلا شئ ممنهج في وزارة المناهج.



وآخر أعاجيب وزارة التعليم هى حدوتة "البوكليت"، ولم يحلو للوزارة الترويج لـ "البوكليت" وحلاوته وجماله سوى ونحن على أبواب إجازة منتصف العام الدراسي. و"البوكليت" يا سادة لمن لم يتعرف عليه هو أن يتم ضم الأسئلة والإجابات في ورقة واحدة لطلاب الثانوية العامة مع وجود أسئلة متعددة الخيارات في الامتحانات التي لم يتبقَ على انعقادها سوى فصل دراسي واحد.

وفي الحقيقة أن "افتكاسة البوكليت" لم تراود الوزارة إلا بعد أن غطت في نومٍ عميق لا يضاهيه سوى نوم أهل الكهف بعد تسرب الامتحانات بفضل "شاومينج" وقبيله، وبعد أن أصبحت المطبعة "السرية" يتمثل دورها الرئيس في تسريب الامتحانات إيمانًا من الوزارة بالشفافية. والغريب أن مسألة الغش والتسريبات لم يتم بحثها في حينها في يونيو الماضي، وتُرك الأمر حتى نبهت جهات سيادية بأن الامتحانات القادمة على الأبواب ولم يتم فعل أي شئ لتدارك وقائع الغش في الامتحانات الماضية والتي تسئ لصورة الدولة ونظام تعليمها وأساليب التقويم فيها. ونشطت الوزارة في البحث عن حل تكنولوجي لمنع الغش في الامتحانات القادمة، فتبين أن هذا الحل التكنولوجي سوف يكلف الوزارة 150 مليون دولار، وهو ما يتعدى ملياريْن من الجنيهات المصرية، لذا فضلت الوزارة اعتماد أسلوب أو طريقة جديدة للامتحانات للقضاء عل الغش وهى طريقة "البوكليت".

وظهر من داخل الوزارة وخارجها من يطنطن للبوكليت وكأنه اختراعٌ جديد في زمن الأعاجيب، رغم أن هذه الطريفة من الامتحانات موجودة منذ سنوات طويلة في نظم التعليم الأمريكية والأوروبية. ولكن يجب أن يعي من "يطبل" للقرار أن أساليب التقويم هى جزء لا يتجزأ من المنظومة التعليمية التي يجب أن يسبقها مناهج تتلائم مع الطريقة الجديدة في التقويم ومعلمين مدربين على هذه المناهج وأساليب التقويم الجديدة علاوة على تطوير طرق التدريس في المناهج التعليمية المختلفة.

إن أساليب التقويم الحديثة لا تتناسب سوى مع مناهج دراسية حديثة، مناهج تدرب الطالب على أن المعرفة نسبية وليست حقائق مطلقة يجب حفظها واسترجاعها كما هى، مناهج تدرب الطالب على التفكير في البدائل والخيارات برؤية نقدية، وليس التفكير في إجابة معلبة واحدة. وكل هذا لن يتأتى بين عشيةٍ وضحاها، بأسلوب كن فيكون، فوزير التعليم بشر وليس إلهًا يستطيع أن يغير المنظومة في ليلةٍ واحدة، كما أن طلاب الثانوية العامة ليسوا عبيدًا يؤمنون بكل ما ينزل على رؤوسهم من الوزارة التي لم تستيقظ من غفوتها سوى في منتصف العام الدراسي.

كتيك وأسئلتك ونماذج امتحاناتك ومدرسيك وطلابك ووزارتك لم يستعدوا ياسيادة الوزير لنظام الامتحانات الجديد، فلماذا إرباك المنظومة التعليمية برمتها ونعاقب طلاب الثانوية العامة والأسر المصرية على خطأ الوزارة على تأخرها وتهاونها في حل مشكلة الغش التي تسببت فيها الوزارة ذاتها؟، لماذا يدفع أبناؤنا فاتورة فشلنا؟، لماذا لا نتحمل فشلنا بكل شجاعة ونعالج أوجه القصور التي وقعنا فيها بحكمةٍ وروية بدلاً من الهرولة التي ستجعلنا نتدافع حتى نصل إلى الهلاك.

وأطمئنك يا سيادة الوزير أن النظام الجديد المقترح لن يمنع الغش، بل سيعمل على زيادته بشكل غير مسبوق سواء داخل اللجان أو خارجها.. وإن غدًا لناظره قريب.

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز