عاجل
السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
شباب عمرو اديب

شباب عمرو اديب

بقلم : طارق العكاري

الإعلامي الفذ عين أعيان برامج التوك شو اتفقنا أو إختلفنا مع أسلوبه وتوجهاته إلا أنه شيخ الإعلاميين. فكم مذيع لبرامج التوك شو خرج من تحت يده في برنامجه القديم على القناه المشفرة. ومتى تحدث كرستيانو رونالدو إلى برنامج مصري ومازال الجراب يحوي الكثير. فقد فطن عمرو أديب إلى فراغ ساحة التوك شو يوم الجمعة فقرر أن يملأ هذا الفراغ ببرنامج ترفيهي بمزيد من الإعلانات وبنسبة مشاهدة مرتفعة بالتأكيد.



طالعنا الإعلامي الفذ منذ أيام بمجموعة من الشباب لمعرفة مدى رضاهم على أداء الحكومة والدولة. فما كان منهم إلا النقد وهو شئ متوقع. ولكن بذكاء شديد من الإعلامي أثبت للمشاهدين أن هؤلاء الشباب لا يقدروا إلا على النقد فقط. وقد أفاد قبل بداية الحوار أن العينة عشوائية وهي غير ممثلة للجميع أو لكامل طوائف الشباب و امر يحتمل اتجاهين فهل مقصود ان تكون العينه كذلك للتوجيه ام انها فعلا عشوائيه وعندما انتهى النقد أطبق عليهم الخناق في الإتيان بمقترحات أو حلول وجدنا فراغاً فكرياً ينم عن عدم الإجتهاد والافتقار للحد الأدنى من معرفة مشاكل البلاد بواقعية ودراية بالوضع الحالي وماآلت إليه المقادير بحال الأجهزة التنفيذية، فهم لا يهتمون إلا بالنتائج فقط. ولفت انتباهي كم بدايات الأحاديث التي بدأت بكلمة (المفروض)، فمن يفرض على من؟ المفروض هو محاولة مقارنة الواقع بحدود مطلقة صحيحة أو تجارب رائدة لدول أخرى عانت من نفس مشاكلنا ولكن لم يكن أي منهم يتسع عقله لقراءة مقال كامل أو إحصائية كاملة أو حتى يجتهد ليقرأ بعض الأرقام لتكون له سنداً مُميزاً ظهوره في برنامج ذو نسبة مشاهدة الأعلى في مصر. مجرد عناوين من مواقع التواصل الأجتماعي شكلت عقليات ناقدة حباً في الظهور أو لعدم المعرفة الكافية بحقيقة المشكلة، فهو يريد نتيجة فقط ولا يعبأ بكيفية تحقيقها. الفارق كبير جداً بين هؤلاء الشباب الذين يُعتبروا عينة غير ممثلة للمجتمع والشباب الذين حضروا المؤتمر الوطني للشباب. فهم ممن يقرؤن ويتخصصون ويقدحون أزناد أفكارهم لإيجاد حلول بديلة، أما من قصر بنائه الفكري على مجرد عناوين فلن يفرز لنا أكثر من نُقاد منتظرين تحسن النتائج بلا اجتهاد وأقصد اجتهاد وليس مجهود، فالاجتهاد يشمل البحث والتفكر والإبداع.

لاشك إننا نعيش فجوة فكرية بين أجيال من الخبرة وأخرين من الشباب. ولعلي أستعين بوصف الاستاذ عمر طاهر عن جيل السبعينات بخط المنتصف في الملعب فكبار السن هم من عملوا على الأرابيسك يدوياً واستخدموا التلغراف والتليكس ولا يقدروا الآن على استخدام الايميل أو CNC Machines. فجيل الشباب لا يعرف كيفية إرسال التيليكس أو التلغراف ولكنهم محترفون في الاعمال المرتبطة بالكمبيوتر والانترنت.

جيل السبعينات، ولي الفخر أن أنتمي لهذا الجيل، هو من حضر العهد القديم وعاصر دخول العهد الجديد. فأُجبر على أن يتعامل مع الأوت لوك و ERP Systems، وذلك لان هذه التقنيات دخلت علينا في منتصف أعمارنا وفي بدايات تولينا مناصب إدارية فكان لابد من التعرف على مثل هذه التقنيات وإجادتها.

تنتظر مصر الكثير من هذا الجيل، فهو الجيل المهروس دائماً فهو من يدفع ثمن الإصلاح بالنسبة الأكبر من عمره فأباؤنا عاشوا فترة نظيفة بدون هذا السخيف المعروف بالتليفون المحمول الذي يقتحم كل خصوصياتنا بلا إذن في أي وقت، ويزيد من التوتر بمعدل ثلاثة أضعاف من قبل ظهوره. فلو إفترضنا أن أحد أولادنا مسافراً من القاهرة إلى الاسكندرية قبل ظهور التليفون المحمول فما كان منا إلا ان نبدأ بالقلق بعد على الأقل ثلاث ساعات أو أربعة حتى يصل المسافر إلى وجهته المزودة بتليفون ثابت فنبدأ بالاتصال حتى يجيب (الحمد لله لسه واصل). أما الآن فمن أول ساعة نبدأ بالاتصال ونسأل (وصلت فين) وياللهول إن لم يرد المسافر أو كان محموله خارج نطاق الخدمة.

جيل السبعينات هو الجيل المتمتع بالخبرة والحكمة التكنولوجية اللتان تعملان كلجام لكبح جماح الابداع المندفع. أعتقد لو وُليت المسئولية لهذا الجيل مع جيل الشاب كمرؤسيين سيكون الصندوق القديم المحتوي على حلول قديمة باليه منتهية الصلاحية وتبدأ الحلول الخارجة عن الصندوق بالظهور فوراً. هذ الجيل هو من فطن إلى ضرورة عدم الاكتفاء بالعناوين والسعي لايجاد مصادر أخرى لتعزيز الخبر وكيفية القراءة حول الموضوع لاستحضار صورة أكثر وضوحاً والوصول إلى وجهة نظر أو حل يتناسب مع الامكانيات المتاحة وليس حلاً مطلقاً في الفراغ مصحوب بكلمة المفروض والصح.

إن النظرة الناقدة دائماً والمصحوبة بعدم الثقة في أي قرار تتخذه الدولة هى مستمدة من عدم الاجتهاد في قراءة الصورة الكاملة والاكتفاء بقراءة العناوين وأيضاً مرتبطة بأبطال مواقع التواصل الاجتماعي الذي لا يزيدون عن مائة شخص في وجهة نظري فهم محركوا العقول. فعندما طالعتنا الصحف بقضية الرشوة الكبرى وقضينا بعدها أياماً وأياماً نقرأ أخباراً عن ضبط قضايا فساد أخرى بالعناوين وعندما نفتح العنوان نجد تاريخ الخبر يونيو 2016.

أبعاد كثيرة تحكم بوابات الصحف الالكترونية ومن يسوق لها وفيها كأعداد الزائرين ونسبة الاستمرار في التصفح. فيجب علينا أن لا نكتفي بقراءة العناوين بل نقرأ المواضيع. كي نكون واقعيين يجب أن نعترف ان الزمن الجميل هو الزمن السابق لتكنولوجيا التليفون المحمول، فما كان لمن حضروا هذا الزمن إلا الجريدة وفنجان القهوة، ولم تكن الفترة مصحوبة بكل هذا الكم من البيانات والمعلومات والأخبار التي تتسلل إلى أذهاننا وتملأ كارت الذاكرة ليصبح الجهاز العصبي ثقيل (بيهنج).             

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز