عاجل
الخميس 28 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
يافؤادي لا تَسَل!

يافؤادي لا تَسَل!

بقلم : د. طه جزاع

حاولت البشرية عبر تاريخها الطويل أن تحل لغز العاطفة ، أهي في القلب أم في الدماغ ، ولماذا ينبض القلب في لحظات الحب والغضب والخوف والفزع حتى تبلغ القلوب الحناجر؟ ولماذا يدرك القلب أحيانا مالا يدركه البصر ، ولماذا لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور؟  كما حاول علماء التشريح وأطباء القلوب أن يتوصلوا إلى جوهر هذه  " العضلة " التي وضع فيها الخالق العظيم أسرار الحياة والموت ، فأن الحياة مرهونة بنبضها ، مثلما الموت مرهون بتوقف هذه النبضات ، وحاولوا أيضا زراعة قلوب صناعية تحل محل هذه  " المضخة " لمرضى تعبت قلوبهم وما عاد بإمكانها أن تمدهم بأسباب الحياة ، فنجحت بعض تلك المحاولات والتجارب التي أجريت على الحيوانات قبل تجربتها على البشر ، وكان آخرها تلك العملية الجراحية التي شهدتها جامعة كوينزلاند للتقنية في استراليا بمشاركة وإشراف جراحون متخصصون من استراليا والولايات المتحدة الأميركية ، لنقل أول قلب آلي لا ينبض إلى خروف تمهيداً لإجراء تجارب على البشر!



وفي هذه العملية الأخيرة استعاض الأطباء عن عملية النبض بقرص دوار يقوم بضخ الدماء في جميع أنحاء الجسم ، ومن المتوقع أن يعمل القلب الجديد الذي أطلق عليه اسم "بايفاكور" لمدة أطول بنحو عشر10 سنوات بالمقارنة مع القلوب الصناعية الأخرى ، وفي ذلك إشارة إلى المريض بارني كلارك الذي عاش 112 يوما بعد أن أجريت له عملية زرع قلب صناعي بديل للقلب البشري في العام 1982، فضلاً عن تلك العملية التاريخية الناجحة الأولى التي زرع فيها قلب صناعي من قبل الجراح المشهور كريستيان برنارد في العام 1967 والتي عاش المريض بعدها 18 يوما فقط ، غير إن برنارد نفسه قد توقف عن إجراء عمليات زرع القلب بعد إصابته بمرض تصلب الشرايين ، قبل أن يتوفاه الله مطلع أيلول 2001 ولم يبلغ الثمانين عاماً ، بسبب  أزمة قلبية مفاجئة !  وفي حال بقاء الخروف الذي زرع له القلب الصناعي الجديد حياً لمدة طويلة وبصحة جيدة ، فأن ذلك سيزيد من قناعة أطباء القلوب بأن البشر يمكن لهم أن يعيشوا يوماً ما بقلوب من دون نبضات ، ذلك إن القرص الدوار سيقوم بمهمة ضخ الدماء في الجسم من دون ضجة ولا نبض ولا تكتكة ، ولا قلوب ترتجف حباً أو حقداً ، ولا غضباً ولا جبناً ، ولا حزناً أو فرحاً، ولا فؤاد حائر يسأل أين الهوى .... الذي كان صرحا من خيال فهوى !

بين قلوب قوية صلبة كالحجارة أو أشد قسوة ، وقلوب ضعيفة رقيقة مثل جنح فراشة أو مثل خيوط الحرير ، تتوزع قلوب البشر ، وتختلف تبعاً لها عواطفهم وأهوائهم وأمزجتهم ، وبين المحبة والبغض والقبول والرفض ، والميل والنفور ، والتسامح والحقد ، تلقى المسؤولية كلها على هذه العضلة العجيبة التي تسمى قلباً والتي تعمل عمل المضخة لتضخ الدماء في جسم الكائن الحي الذي يبقى حيا بتواتر دقاتها ونبضاتها .

ووفق هذه المضخة يصنف الإنسان ، بين إنسان حساس عاطفي قد تنزل دموعه لموت عصفور على  قارعة الطريق ، وإنسان بلا إحساس ولا مشاعر ولا عاطفة .... لا تهطل دموعه ولا تتراخى عاطفته ولا يجفل إحساسه ، ولو سُحق أمام ناظريه ، أو على يديه آلاف البشر ، ولو مشى على بحر من الدماء والعياذ بالله!  

[email protected]

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز