عاجل
الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
عقلك أم قلبك؟

عقلك أم قلبك؟

بقلم : أمل حجازي

تواجهنا مواقف عديدة في الحياة نقف أمامها في صمت مريب، فإشارة من العقل تأمرنا بشيء، والقلب ينبض شيئا آخر. يقال إن العقل هو المحرك الأساسي، ويأتي القلب غالبا في المقام الثاني. ولكن أحيانا كثيرة يضعف العقل، ويقوى نداء القلب، ولكن هل كل القرارات التي يصدرها القلب والتي يقال عنها أنها عاطفية، هي دائما غير صائبة؟! هل يجب أن ينتصر العقل دائما؟



سطوة العقل أم جنون العاطفة؟

 يقولون إن العقل لغة التفكير والتدبر والعقلانية. والقلب لغة المشاعر والعواطف. وأصحاب النزعة الرومانتيكية يقولون إن العقل منبع الشرور لأنه يقتل مشاعرنا، بل ويقتل الحقيقة الشفافة النابعة من القلب.

أما الكلاسيكيون فوصفوا لغة القلب بمنبع الشرور؛ فمن يتخلى عن عقله لابد أن يكون مجنونا !! فما رأيك أنت؟

 العقل:

ذلك الرزين الواثق دائما في قراراته. يشغل نفسه بكل كبيرة وصغيرة تدور حوله، الأمر الذي يرهقه، ويرهقك معه كثيرا جدا، بل ويضع على عاتقه عبأ لا يستهان به. العقل كالمصباح الذي ينير لك أي عتمة، فقط تحتاج أن تشحن له البطاريات من حين لآخر حتى يبقى دائما على أتم استعداد، وعليك أنت أن تجيد استعماله. ولعقلك قوة لا يستهان بها أبدا؛ فهو قادر علي إقناعك بكل شيء وأي شيء في أي وقت يحلو له، وعليك السمع والطاعة. قوة عقلك تكمن في أفكاره، فبفكرة واحدة يستطيع أن يسيطر عليك، بفكرة واحدة يستطيع أن يتحكم بك، وبفكرة واحدة يستطيع أيضا أن يجعلك تخاف، تقلق، ترغب، تكره أو تحب. وبما أننا قد وصلنا للحب، فأسمح لي أيها العقل الحكيم؛ هذا ليس ملعبك!

القلب:

 هذا الشقي الذي يورطك دائما. هذا الضعيف الذي يتلذذ في تعذيبك؛ العذاب الذي نسعى بأرجلنا إليه، ونقع فيه بكامل قوانا " القلبية". أنه العذاب الأجمل على الإطلاق. أنه الحب. والقلب هو المسئول عن هذا الشعور العجيب الذي يعتريك ويتسلل إلى كل خلية في قلبك ليحتله ويستعمره لأجل غير مسمى. وماذا يفعل العقل عندما "يطب" القلب؟ تقول الدراسات أن نشاط بعض مناطق في الدماغ يعمل على تحفيز القلب الذي يؤدي إلى الإرباك حيث نظن أن القلب هو المسؤول عن هذه التغيرات ولكن العقل في الواقع هو مسببها. يمتلك العقل غرف عمليات سرية يتحكم من خلالها في باقي أجزاء الجسد القابعة هناك اسفله، تسلم له دون أدنى مقاومة. ثم تبدأ عملية الوقوع بكل سلاسة؛ فمن يملي على اللسان ليقول أحلى كلمات العشق وأجمل عبارات الغرام؟ ومن يجعل الجلد يقشعر من لمسة يدك للحبيب؟ ومن أين تأتي لمعة العين عندما يمر الحبيب؟ ومن يشعل الرغبات ويطفأها؟  أنه المخ الذي يمتلك كل الهرمونات ومن خلال عقلك يتحكم في كل مراكز الإحساس، ولذلك عندما تزيد دقات قلبك في المرة القادمة عندما تسمع كلمة " أحبك"، وعندما يجافيك النوم شوقا لحبيبك، أعلم أن وراء كل تلك اللخبطة: "عقلك" المخطط الرئيسي وراء عملية الوقوع من البداية. وقلبك المسكين هو من ينفذ الأوامر، وينفذها بكل حرفية ودقة.

 هكذا تقول الأبحاث والدراسات، ولكن ماذا لو تصارع العقل والقلب؟ ماذا لو اقنعك عقلك بشيء وهمس لك قلبك بأمر آخر؟ ماذا لو سهرت الليل كله لتقرر أمرا ثم يأتي الصباح ويتغير كل شيء عندما يقول قلبك كلمته الأخيرة؟ أصعب ما يمتحن به الإنسان هو أن يكون العقل والقلب هما المتصارعان.

 دعوني أقول لكم سرا، أو ربما هو ليس سرا، فنحن نعلمه جميعا ولكننا لا نحب أن نعترف به على الملأ. فعقلك غالبا ما ينجح في كل جولاته وخناقاته مع قلبك. دعوني أقرب الصورة أكثر: فعندما تسمح لأبنك أخيرا أن يسافر مع أصحابه بالسيارة إلى الغردقة بعد أن كنت تقاوم رغبته هذه بشدة لمجرد أن " قلبك مش مطاوعك". عندما تقرر أن تقطع صلتك بحبيبك لأنك فكرت كثيرا ووجدت أنه غير مناسب لك، ورفضت كل توسلات قلبك بأنك مازالت تحبه وستشقى بدونه. عندما قررت أن تهاجر وتترك بلدك لأن ذلك أفضل كثيرا هل تذكر كم من الوقت احتجت حتى يتعافى قلبك من صدمة بعده عن وطنه؟ وعندما وعندما وعندما…. كلها مواقف أنتصر فيها عقلك على قلبك. أضطر قلبك أن ينسحب بهدوء؛ تارة مهزوم، وتارة خائفا، وتارة محطما!

ولكي تستمر الحياة يجب أن تصالح عقلك على قلبك، " بلاش تستقوى على قلبك كل مرة " أحيانا كثيرة ما يقوله لك قلبك يكون أكثر دفأ وعمقا وحبا مما يمليه عليك عقلك. ليس صحيحا بالمرة أن من يحكم عواطفه شخص ضعيف، فالعاطفة الصادقة النابعة من القلب تكون أصدق بكثير من تلك الأفكار المبرمجة المنظمة التي يقولها لك العقل.

في النهاية، أطلق لقلبك العنان، لا تغفل دقاته وهمساته، لا تهمل خوفه وقلقه وحبه، لا تتركه بعذاباته وأشواقه ولوعاته يعاني وحيدا.

فكر قليلا بقلبك!

 

 

  

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز