عاجل
الإثنين 13 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
عقول علي هامش التاريخ

عقول علي هامش التاريخ

بقلم : محمد عبد السلام

"لقد خسرنا الحرب داخل المعمل قبل ان نخسرها في الميدان".. كانت هذه هي أقوي الكلمات التي جاءت في خطاب الأمبراطور الياباني "هيروهيتو" في ١٤ اغسطس ١٩٤٥ ليعلن إستسلام اليابان في الحرب العالمية الثانية عقب القاء قنبلتين نوويتين علي مدينتي هيروشيما ونجازاكي لتخسر الحرب.



 

فقد أدركت اليابان إن السبب الرئيسي لهزيمتها في الحرب العالمية الثانية إن العقل الغربي كان إفضل من العقل الياباني بدليل توصلة الي القنبلة الذرية قبله، وبدليل إن الجيوش الغربية لم تكن قادرة علي إنتزاع هذا الإستسلام لولا علمائهم الذين إجتهدوا داخل معاملهم.

 

ومن لا يعلم إن موافقة مصر كأحد أهم دول العالم النامي إهتماما بالبحث العلمي علي توقيع إتفاقية كامب ديفيد كان قائما علي إن لا تتفوق دول إسرائيل في آي سلعة أو تكنولوجيا أو آي شكل من أشكال العلوم لضمان التفوق عليها، ولكن بعد أربعة عقود من إتفاقية السلام نجد أن إسرائيل تتفوق بالفعل في كل مجالات العلوم والتكنولوجيا الحديثة وبأضعاف مضاعفة، وهذا ما أكدة تقرير ضخم أعدة خمس باحثين بمركز المعلومات ودعم إتخاذ القرار.

 

فرغم أن مصر إنفردت من بين جميع الدول العربية بوجود أقدم مكتب لتسجيل الإختراعات فيها ويرجع إلى سنة 1951 وأصبح بالمكتب اليوم 26 الف براءة إختراع، وهذا بحد ذاته دليل إبداع عقول فكرت وحلمت وإبتكرت، إلا أن الصورة ليست وردية تماماً إذا عرفنا أن مصير معظم الإختراعات إن لم يكن كلها الحفظ على الأرفف ونادراً ما تخرج إحداها إلى النور، فضلاً عما يواجهه المخترع المصري من صعوبات وعراقيل طوال فترة التسجيل التي تصل في الكثير من الأحيان الي 35 شهرا.

 

ومن يتابع إحصاءات المنظمة العالمية للملكية الفكرية "WIPO" سيجد إن المكتب المصري سجل طوال 62 عاما ما يقرب من 26 الف براءة إختراع، 80% منهم لمخترعين أجانب، آي ما يعادل 20 الف براءة إختراع، معني هذا إن العقل المصري لم ينتج سوي 6 آلاف إختراع طوال سته عقود آي بمتوسط 96 إختراع مصري سنويا، والأكثر من ذلك إن نسبة تطبيق تلك الإختراعات في مصر لم تتجاوز 2-3% فقط، آي أن كل ما تم إنتاجة صناعيا وتطبيقة علي أرض الواقع لم يتخطي 120 براءة إختراع، اي بمتوسط ما يعادل إختراعين فقط سنويا.

 

الكارثة الأكبر إن العالم قدم خلال المائة عام الماضية ما يقرب من 31 مليون براءة إختراع، وأن مصر لم تساهم سوي 0.08% فقط من مستوي الإختراعات في العالم، وكشفت المنظمة العالمية للملكية الفكرية "WIPO" الفروق الشاسعة بين المخترعين المصريين والمخترعين المصريين والتي تصل إلي عشرة أضعاف لصالح المخترع الإسرائيلي، ما يعني أن الأمة المصرية بكل عقولها أمه تعيش علي حافة التاريخ.

 

أول براءة إختراع

 

كان المهندس أحمد محمود الشايب‏ الملقب بشيخ المخترعين المصريين بإعتبارة أول مخترع مصري وعربي في العصر الحديث، ومؤسس جمعية المخترعين والمبتكرين المصرية عام‏ 1984‏ ورئيسها لمدة خمسة عشر عاما‏، أول مخترع مصري وعربي حصل علي البراءة في 20 اكتوبر سنه 1951، وكان قد تقدم بطلب البراءة قبل هذا التاريخ بأربع أشهر فقط وتحديدا في 19 يونيو 1951، ورغم التطور الذي شهده العالم إلا أنه بعد ما يقرب من سبعة عقود إرتفعت فتره إنتظار المخترع 8 أضعاف، من 124 يوم الي 1064 يوما كاملة يتعرض فيها للسرقة والإحتيال.

 

برءاة الإختراع التي حصل عليها الشايب جاءت في سبع صفحات تحت إسم "طلمبة ماصة كابسة ذات إطار مطاط"، تقوم مقام المكبس في طلمبات المياه العادية‏,‏ ولا تحتاج لمجهود عضلي كبير لتشغيلها لكبر الرافعة المستعملة في ضغط وبسط الإطار المطاط ولإنعدام عوامل المقاومة والإحتكاك، وقد إهتم المخترع في صفحاتة بتقديم وصف تفصيلي للطلمبة بالإضافة الي انه وضع 3 رسوم تخطيطية للإختراع.

 

وإلي جانب هذا الإختراع كان لشيخ المخترعين الكثير من الإختراعات في العديد من المجالات المختلفة كالطاقة الشمسية والآلات الزراعية وحنفيات المياه‏,‏ سجل منها‏ 24 إختراعا في مصر وإيطاليا والولايات المتحدة الأمريكية ومنها مجمع لتسخين المياه بالطاقة الشمسية يمتاز بوجود خزان المياه وألواح امتصاص الحرارة في صندوق واحد مصنوع من الفيبرجلاس‏,‏ ليحل محل الخزانات المنفصلة في مجمعات تسخين المياه المماثلة‏، بالإضافة الي آلة للري بطريقة الإزاحة تمتاز بسهولة إنتاجها وتجميعها وصيانتها وسهولة نقلها للحقل وتثبيتها علي قنوات الري‏.

 

الشركات والإختراعات

 

أكثر ما يؤكده خبراء البحث العلمي في مصر إن الأزمة الحقيقية التي يعانيها المخترع المصري تأتي كونها غير مدعمه من مؤسسات بحثية قوية أو شركات، فأكثر من 90% من الإختراعات التي تصل إلي المكتب المصري بالأكاديمية من أفراد، بعكس المجتمع الدولي، فطبقا لمنظمة العالمية للملكية الفكرية  "WIPO"عن أولي كشوفها للإبتكارات والإختراعات التي تقدمت بها أكبر 50 شركة عالمية طوال عام 2013، موضحة أن الشركات التي تنتمي لتسعة دول متقدمة صُدرت لهم 39858 براءة إختراع، في حين أصدر مكتب براءات الإختراع المصري طوال سته عقود 26 الف إختراع فقط، أغلبها لمخترعين أجانب.

 

وقد جاءت شركة "ZTE" الصينية في قمة الترتيب بين شركات العالم حيث أصدرت خلال العام الماضي 3906 براءة إختراع، تلتها شركة "باناسونك" اليابانية برصيد 2951 براءة، ثم شركة "شارب كابوتشيكي" اليابانية برصيد 2001 برءاة، وشركة "هاواوي تكنولوجي" الصينية برصيد 1801 براءة، وشركة "روبرت بوش" الألمانية برصيد 1775 برءاة، وشركة "تويوتا كابوتشيكا" اليابانية برصيد 1652 براءة، وشركة "كوالكوم" الأمريكية برصيد 1305 براءة، وشركة "سيمنس" الألمانية برصيد 1272 براءة، وشركة "كوينكليكي فيليبس" الهولندية برصيد 1230 برءاة، وعاشرا شركة "إريكسون" السويدية برصيد 1197 براءة.

 

كشف الـ""WIPO أكد علي أن الشركات الـ50 تنتمي لتسع دول من ثلاث قارات، وهم 3 دول أسيوية تتصدرها اليابان برصيد 22 شركة، والصين شركتين، وكوريا الجنوبية 3 شركات، ودولة أمريكية ممثلة في الولايات المتحدة الأمريكية برصيد 13 شركة، بالإضافة للدول الأوروبية الخمس، وهم ألمانيا 5 شركات، وفنلندا شركتين، ولكل من فرنسا والسويد وهولندا شركة واحدة.

 

مراكز بحثية

 

لم تكن المراكز البحثية العالمية بأقل حالا من الشركات الدولية، فق أكدت المنظمة العالمية للملكية الفكرية "WIPO" عن أهم تقاريرها حول الإبتكارات والإختراعات التي تقدم بها أكبر 30 مركز بحثي علي مستوي العالم في 2013، موضحة أن المعاهد والمراكز البحثية التي تنتمي لـ13 دولة متقدمة صٌدرت لهم 2756 براءة إختراع في عام واحد.

 

جاء مركز المفوض للطاقة الذرية والطاقة البديلة الفرنسي في المركز الأول برصيد 391 براءة إختراع، يليها مركز "فراونهوفر" مجتمع لإدعاء الأبحاث التطبيقية "EV"  الألماني برصيد 264 براءة اختراع، ثم المركز الوطني للبحث العلمي (CNRS) الفرنسي 197 براءة، والأكاديمية الصينية للإتصالات السلكية واللاسلكية برصيد 171 براءة، وأكاديمية العلوم الصينية برصيد 161 براءة، ومركز "ميموس بيرهاد" الماليزية برصيد 146 براءة، والمعهد الوطني للصحة والبحوث الطبية الفرنسية برصيد 116 براءة، ومعهد الإلكترونيات والإتصالات الكورية الجنوبية برصيد 116 إختراع، ووكالة العلوم والتكنولوجيا والبحوث السنغافورية برصيد 108 إختراع، والمجلس الوطني للبحوث (CSIC) الإسبانية برصيد 90 براءة إختراع.

 

وقد أكدت الـ"WIPO" على أن المراكز العلمية تنتمي 13 دولة من 4 قارات، علي رأسها القارة الأسيوية بستة دول تتصدرها كوريا الجونبية بسبع مراكز بحثية، والصين واليابان لكل منهما 3 مراكز بحثية، بالإضافة إلي ماليزيا وسنغافورة والهند ولكل منهم مركز بحثي واحد، ثم القارة الأوروبية برصيد خمس دول تتصدرها فرنسا والمانيا برصيد 3 مراكز بحثية لكل منهما، وإسبانيا وهولندا وبلجيكا لكل منهم مركز بحثي واحد، ثم القارة الأمريكية ممثل في الولايات المتحدة برصيد أربع مراكز بحثية، والقارة الأسترالية بمركز بحثي.

 

الجامعات والإختراعات

 

الجامعات الدولية كان لها دور هي الأخري وسط غياب واضح للجامعات المصرية والعربية، حيث جاء في تقرير المنظمة العالمية للملكية الفكرية "WIPO" في ثالث كشوفها للإبتكارات والإختراعات التي تقدمت بها أكبر 50 جامعة علي مستوي العالم طوال عام 2013، موضحة أن الجامعات الخمسين تنتمي لـ11 دولة أصدروا 3495 براءة إختراع، بينهم 87 براءة إختراع أصدرتهم جامعتين إسرائيليتين وهي جامعة "تل ابيب" في المركز 29 برصيد 46 إختراع، والجامعة العبرية بالقدس في المركز 43 برصيد 41 إختراع.

 

جاءت في المرتبة الأولي جامعة "كاليفورنيا" الأمريكية برصيد 351 إختراع، تلتها في المرتبة الثانية جامعة "ماساتشوستس" الأمريكية برصيد 168 إ، ثم جامعة "هارفارد" الأمريكية برصيد 146 إختراع، ثم جامعة "جونز هوبكنز" الأمريكية برصيد 141 إختراع، وجامعة "كلومبيا" أمريكا 114 اختراع، وجامعة "تكساس" الأمريكية برصيد 114 اختراع، وجامعة "سيول" بكوريا الجنوبية برصيد 101 إختراع، وجامعة "ستانفورد" الأمريكية برصيد 95 إختراع، وجامعة "بكين" الصينية برصيد 92 اختراع، وفي المركز جامعة "فلوريدا" الأمريكية برصيد 89 إختراع.

 

تقرير ""WIPO أكد إن اللستة ضمت 52 جامعة تنتمي لـ11 دولة من ثلاث قارات، وهم سبع دول أسيوية تتصدرها اليابان بسته جامعات، وكوريا الجنوبية بسته جماعات هي الأخري، بالإضافة إلي الصين وسنغافورة وإسرائيل لكل منهم جامعتين، وأخيرا الهند وماليزيا ولكل منهما جامعة واحدة، ودولة أمريكية ممثلة في الولايات المتحدة برصيد 27 جامعة، وثلاث دول أوروبية تتصدرهم إنجلترا برصيد 3 جامعات، بالإضافة إلي سويسرا والدنمارك بجامعة واحدة لكل منهما.

 

وطوال العام الماضي قدمت العقليات الانسانية في انحاء العالم اكثر من 3 ملايين اختراع، احتلت العقلية الصينية المركز الاول برصيد 415829 اختراع، ثم العقلية اليابانية برصيد 287580 اختراعا، ثم العقلية الامريكية برصيد 247750 اختراعا، ثم العقلية الكورية الجنوبية برصيد  138034، ثم العقلية الألمانية برصيد 73216 اختراعا، أي أن الخمس عقليات الأولي قدمت مليون و162 الفا 409 إختراعا آي ما يعادل 39% من الإبتكارات في العالم.

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز