عاجل
السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
"الخطوط الحمراء"

"الخطوط الحمراء"

بقلم : د. محمد فاروق

ما أكثر الخطوط الحمراء التي ظهرت لنا على السطح منذ اندلاع ثورة يناير 2011 وحتى اللحظة !



كنت أظن أن هناك من الراشدين الذين يستطيعون قيادة الحراك الثوري واستيعاب قلة خبرة الشباب أو نقص الوعي لديهم ، أو حتى كَبح جِماح فَورَتهم وتوجيهها إلى صواب الأمر وما يخدم مصر أو الثورة إن جاز التعبير ! نعم عزيزي القارئ ، هناك مفاهيم خاطئة لدى مجموعة من الشباب سمحت لهم خطئاً أن يعتبروا مصلحة الثورة أمراً مُغايراً لمصلحة مصر ، عاطفة ذكريات الميدان وشعارات الثورة والصور التذكارية ، ومراحل الحدث وما صاحبها من ارتباط أشخاص وانسجام أحلام ، ومشروعية حقوق . لكنهم بكل أسف لم يجدوا من النخُبة المثقفة " السياسيين ، الأدباء ، المُفكرين " وهذا الجمع المفترض فيه الرشد والرشاد ، ما يضع لهؤلاء الشباب مفاهيم البناء بعد الثورات ، حيثيات الأولويات وخطوات الإصلاح ، الواجبات قبل الحقوق إذا كنا بصدد البحث عن وطن كان قاب قوسين أو أدنى من اللحاق بالضياع كسائر دول المنطقة التي زارها الخريف العربي عبر أحلام مُستحقة أراد مَن أراد أن يخلق منها كابوساً مؤلماً !

تمر بنا خلال هذه الأثناء ذكرى ثورة 25 يناير ، ما يجعلنا نسترجع تفاصيل ستة سنوات " عِجاف " مرت علينا كما مرت خلف كل ثورة في العالم ، حراك ثوري ومجتمعي لم ينل حظه من التوجيه لاستخدامه في صالح الوطن ، شدائد و مِجَن جِسام على المستوى الاقتصادي لمحاولة مُسايرة واقع مُترَدي سلفاً ، ناهيك عن الإحداثيات السلبية التي طرأت عليه خلال أعوام الثورة الستة ، بالإضافة إلى حرب دبلوماسية شديدة التآمر من أطراف عالمية كانت ضالعة في هياج الربيع العربي على المنطقة ، أطراف حاربت مصر سياسياً واقتصادياً ودبلوماسياً لإجبار العالم على عدم الاعتراف بدولة يونيو ، بمصر يونيو ، بشعب يونيو الهادر الكاسح !

مشاهد كثيرة تستحق النقد ، وكانت تحتاج للمعالجة في الفهم من نُخبة استمرأت تقسيم المجتمع ما بين شبابه وشيوخه بحجة التغيير وأولوية القيادة ، نُخبة استحلت نقد القائمين على السلطة وجلدهم بأشد السياط ، في الوقت الذي تغافلت فيه عن شباب يستحق التوعية ، وآخر تخابر ضد وطنه أو قام بتخريب ممتلكاته التاريخية والتراثية وحرقها مُعترفاً بذلك فخوراً ،مشاهد أستدعي منها تلك المفاهيم التي خلقت قاعدة كاذبة وخاطئة أسمَوها " الخطوط الحمراء " !

فشباب الثورة ورموز الثورة وما يخلعون عليه صفات التنزيه والقُدسية " خطوط حمراء " في حين أن الشعب صاحب الفرح أصبح عبيد !! تحضرني مقولة " مَن أنتم " ؟ من دون الشعب كم عددكم ؟ هل تستطيعون ملء حيز واحد على عشرة من ميدان التحرير ؟ من شارع الاتحادية ؟ من ميدان القائد إبراهيم بالإسكندرية ؟ هل تُمثلون ثلاثة بالمائة من شعب البحيرة ؟ من صعيد مصر ؟

في الأسبوع الماضي ظهرت مرة أخرى قضية اللاعب محمد أبو تريكة ، أحد الخطوط الحمراء التي أنتجتها ماكينة الحراك الثوري دونما أدنى عقل ، دونما بحث أو مرجعية ، أحد الخطوط الحمراء التي يصطدم التابوه الشخصي لها وقُدسيته ، بمصلحة مصر وجهاً لوجه ! ما هو المبرر والداعي وحائط الصد المانع الذي يحمي هذا اللاعب من المساس به ؟ قالوا أسعد مصر كثيراً !!! الله أكبر على جبروت هذا المنطلق فضلاً عن سقوطه في سلة مهملات المنطق !

محمد حسني السيد مبارك أسعد مصر " البشر والشجر و الحجر والتراب " عندما فاز بضربته الجوية مع منتخب بلاده في السادس من اكتوبر ، لم تكن ضربة جزاء في لعبة كرة القدم ، كانت ضربة جوية شئنا أم أبينا " أطاحت بالعدو ، وحررت الجيوش الميدانية من سماوات القصف الإسرائيلي ، ثم جاء العبور والنصر " فأيُ الفريقين أحقُ أن يكون خطاً أحمر ؟! حسني مبارك تم تجريده من أوسمة ، وتم تجريمه ، وتم حبسه ما يقارب ثلاث سنوات ! مبارك كان ضمن الجيش المصري الذي أعاد لنا الحياة ، الجيش الذي حمى الديار والأعراض ، القوات التي بذلت الدم والروح لتحيا مصر ، لا لأن تفوز ببطولة رياضية يتقاضى عنها أبو تريكة ورفاقه الملايين سواءً في إسعادهم لمشجعي أنديتهم أو إسعادهم لشعب بلادهم في المحافل الإقليمية والدولية ! لا غضاضة في أن يربحوا مالاً وسمعةً طيبةً ومكانةً في القلب كأمثالهم السابقين ، لكن أن يخرج منهم أو من أصلابهم مَن يكون خطاً أحمراً حتى لو أخطأ في حق بلاده ؟ حتى لو دعاه الفكر الخاطئ لاستخدامه ضمن أجندة أثبتت أنها أحقر أجندة دينية سياسية على وجه الأرض ؟

الجيش المصري خط أحمر ، لكن محمد حسني السيد مبارك ليس خطاً أحمراً إذا أخطأ ، ولو كان صاحب الضربة الجوية ، الشرطة المصرية خطاً أحمراً ، لكن الضابط المُتهم بقتل شيماء الصباغ مسجون ، ومهما كانت تضحياته السابقة لوطنه إن وُجِدت ، وضابط قسم الأميرية الذي تسبب في مقتل الرجل المصري القبطي محبوس بموجب تقرير الطب الشرعي وجاري محاكمته !

محمد أبو تريكة إخواني لم يُنكر ذلك ، وأنا أدعوه بنفس الشجاعة التي خرج بها علينا مُعلناً تأييده لخادم المعبد الإخواني و رخيص الجمهورية السابق " محمد مرسي " داعياً وناصحاً الشعب باختياره واختيار جماعته لحكم مصر ، أن يخرج علينا ليُنكر ما جاء بالتحقيقات ، أن يُقسم بالله العظيم أنه لم يكن يدري باستغلال الجماعة لحساباته المصرفية والبنكية لتمويل أنشطة بعينها ، أنشطة تخص الإتجار بالعملة ، وأخرى تخص تسليح الأجنحة العسكرية لدولة الجماعة ! وأخيرة كانت تخص تمويل " شبكة رصد " التي كانت وما زالت تنشر كل الأكاذيب المُحرضة ضد الجيش والشرطة والدولة المصرية ، بل والوطن في حد ذاته وبعيداً عن المؤسساتية !

نحن ننتظر من هذا اللاعب أن يخرج علينا مُعلناً حزنه على شهداء الجيش والشرطة منذ مطلع 2011 وحتى تاريخ هذا المقال ، أن يتبرأ من كل قاتل اشترك بماله أو ولده أو بنفسه في قتل الجنود ، أن يُعلن للجميع أن الإيداعات التي تمت بحسابه الشخصي من المصارف القطرية وغيرها لم يكن يدري بها ولا يعلم فيمَ كانت أوجُه صرفها !

هل في تلك الاعترافات شطط ؟ هل يفر من إنكار تلك الموبقات أحد ؟ نحن لم نطلب منه أن يتبرأ من انتسابه لجماعة الإخوان ، نطلب فقط أن يتبرأ من كل جريمة وردت أعلاه ، إذا خرج عليكم أبو تريكة ناكراً تلك الاتهامات ، مؤمناً بجيشكم ، ولو كان حتى رافضاً للدولة المصرية تحت قيادة السيسي ، لكم مني إعلاناً مدفوع الأجر في صحف وفضائيات مصر ، أعتذر فيه للرجل عما بدر مني أنا شخصياً في حقه ، ثم نحتفل جميعاً ببقاء محبة نجم كروي عظيم في قلوبنا ، قدم لنا حينما كان لاعباً دروساً رياضية وأخلاقية لا نزال نتذكرها له حتى اللحظة ، تماماً كما نتذكرها لمعشوق مصر كابتن محمود الخطيب وحسن شحاته وغيرهما .

رجاءً أيها اللاعب الفذّ ، أُخرج علينا ولو عبر فيديو قصير على شبكات التواصل الاجتماعي أشبه بالفيديو الذي دعمت فيه " مرسي وجماعته "  مُنكِراً معرفتك بما دار بحساباتك المصرفية وأوجُه الصرف والإيداع الخاصة بها أو بأي حركات حسابية تمت لدعم جهات بعينها ، أُخرج علينا بصدق ، فنحن لا ننتوي كراهية مَن أحببناهم سلفاً " في الوطن إلا " في الوطن " .

 

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز