عاجل
الأربعاء 8 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
نحو تجديد الخطاب الدينى:(2)
بقلم
محمد نجم

نحو تجديد الخطاب الدينى:(2)

بقلم : محمد نجم

معجزات النبى



مازلنا مع كتاب د. حمزة أحمد حداد وزير العدل الأردنى الأسبق «مغلق حتى إشعار آخر» والذى يتفقد فيه ما أدخله الرواة وكتاب التاريخ على السيرة النبوية العطرة، وما أضافوه من تفصيلات وطقوس على العبادات والمعاملات والأحداث الدينية لا سند لها من القرآن الكريم ولا السنة النبوية.

وهنا يتناول ما سمى بمعجزات النبى.. وخاصة واقعة الإسراء والمعراج.. وكيف اختلف الرواة وكتاب السيرة حول تفصيلاتها..

ويبدأ بالإشارة إلى ما تضمنته بعض كتب السيرة من التراث بما كان للنبى (r)من معجزات وتنبؤات مدعى بها بلغ عددها ألف معجزة، مع الشجر (والنخل) والحجر والحيوان والطعام والماء (والينابيع) وسجود(بعض) الحيوانات بين يديه، والذئاب والسحاب والحصى وعلم الغيب والمرضى، وانطاق الخرسى، والحوار المباشر بينه وبين إبليس حول الخلق، وبركات النبى المختلفة بما فى ذلك البركة بوجه عام والشفاء من بُصاقه ومن بول الإبل، وإشفاء المجانين.. الصرعى، وشرب المئات من بئر لا ماء فيها، وسداد الديون ببركته، والعلم بالكثير من الغيبيات فى الدنيا والآخرة، وإطالة العمر أو الإساءة لشخص بالدعوات، ورؤياه من هو وراء ظهره، وإنجاب الأولاد ببركته، وغير ذلك الكثير والكثير مما تعج به كتابات التراث، وهنا نود التذكير بأن تلك الكتابات وجدت أو تم تدوينها بعد عشرات بل مئات السنين من موت النبى، وكل كتابة تزيد على الكتابات السابقة، ما شاء لها أن تزيد دون رقيب أو حسيب أو ضمير، ولا تقوى من الله، ما دام الكاتب يعلم أنه يكتب لعقول مقفلة لا تستقبل إلا كتابات ومثيلاتها، أو لعيون مغشى عليها من الموت أو لكليهما معا وهو الأغلب.

وكان ذلك لا أساس له فى القرآن، لا من قريب ولا من بعيد، بل إن القرآن يقول عكس ذلك تماما، ولا يوجد فيه ولو أية يمكن الجزم من خلالها بأنه كان للنبى (r) ولو حتى معجزة واحدة، والنبى (r) يقول كما جاء فى القرآن.. (قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنتُ إِلاَّ بَشَراً رَسُولاً) (الإسراء 93).. على أيه حال، وجد الراوى فى كتب التراث ملعبا فسيحا فى معجزة الإسراء والمعراج للخوض فيها، مستندا بذلك للآية (1) من سورة الإسراء فى القرآن الكريم.

وقصة إسراء النبى (r) معروفة جيدا لدينا نحن المسلمين ومفادها، أنه أسرى به من مكة (قبل هجرته للمدينة) لبيت المقدس ليلاً، وعاد لموقعه فى مكة فى ذات الليلة، ومن أوائل من قالوا بهذه الرواية ابن هشام، بعد ما يزيد على (160) سنة من وفاة النبى (r)، ورواها ابن هشام عن البكائى شفويا عن ابن إسحاق عن العديد من الرواة، قائلا بأن كلاًّ منهم كان يحدث بعض ما ذكر من أمر الإسراء، وبعد ابن هشام، جاء الرواة اللاحقون ليضيفوا الكثير من الأحداث على واقعة الإسراء والمعراج، ومنهم الحلبى فى سيرة الأمين المأمون (أى النبى محمد) والتى تم إعدادها فى القرن الحادى عشر من التاريخ الهجرى (1500 ميلادى) أى بعد وفاة النبى (r)بألف سنة أو يزيد.

ومختصر الحديث بشأن رحلة الإسراء والمعراج ما يلى:

- اختلفت كتابات التراث بشأن زمان الرحلة، ففى رأى كان الإسراء فى السنة الأولى للبعثة، وفى رأى آخر بعد (5) سنين من البعثة، وفى رأى ثالث فى السنة (10) منها، وفى رأى رابع فى السنة (12) منها، وفى رأى خامس فى السنة (13) منها، ومن ناحية أخرى، هناك رأى فى كتابات التراث، بأن ليلة الإسراء كانت قبل خروج النبى (r) للطائف (سنة 10 من البعثة) ورأى آخر عكسه تماما بأنها كانت بعد عودته لمكة من الطائف.

- ومما جاء فى كتابات التراث أيضًا، أنه تم الإسراء بالنبى أربعًا وثلاثين مرة، واحدة بجسمه والباقى بروحه، ولكن من رأى البعض الآخر أن الإسراء كان بالروح وليس بالجسد، أى كان رؤيا صادقة من النبى.

- أما ليلة الإسراء بجسمه كما يرى البعض، ففى رأى أنها كانت ليلة السابعة عشرة أو السابعة والعشرين من شهر ربيع الأول، وفى رأى آخر كانت فى الليلة التاسعة والعشرين من شهر رمضان، وفى رأى ثالث، كانت فى الليلة السابعة والعشرين من شهر ربيع الآخر، وفى رأى رابع كانت فى شهر شوال، وفى رأى خامس كانت فى شهر ذى الحجة، وفى رأى سادس كانت فى شهر ذى القعدة.

- وفى رأى كان النبى (r) ليلة الإسراء نائما عند أم هانئ بنت عمه أبو طالب فى بيتها فى مكة، واسمها هند فى رواية أو فاختة فى رواية أخرى، وكان النبى (r) قد طلبها للزواج منها، إلا أنها اعتذرت ولكن فى رأى آخر كان النبى (r) ليلة الإسراء مضطجعا تحت الحطيم/ الحجر أى حجر إسماعيل عند الكعبة، أى لم يكن فى بيت أم هانئ وفى رأى ثالث أنه كان تلك الليلة فى بيته.

- جاء جبريل واستعمل قدمه (أى جبريل) لإيقاظ النبى (r) من النوم، لاصطحابه فى رحلتى الإسراء والمعراج، وفى رأى آخر كان مع جبريل اثنان من الملائكة هما ميكائيل وإسرافيل.

- ولكن قبل بدء الرحلة، حملته الملائكة (أو الملك جبريل) إلى زمزم وتم شق صدره وغسله من حظ الشيطان، وملؤه حكمة وإيمانا، وتجدر الإشارة هنا إلى أن كتابات التراث ذهبت للقول، بأنه تم شق صدر النبى لتلك الغاية ثلاث مرات قبل ذلك: الأولى عندما كان طفلا (حوالى ثلاث أو أربع سنوات) والثانية عندما كان عمره عشر سنوات (وقيل عشرين سنة)، والثالثة عند المبعث وكان عمره أربعين سنة، بالإضافة للمرة الرابعة وهى ليلة الإسراء وكان عمره حوالى خمسين سنة.

- حضر مع جبريل دابة من السماء تدعى فى كتابات التراث بالبراق ليركبه النبى فى رحلته من صفات البراق أنه فوق الحمار ودون البغل (أو الحصان)، مضطرب الأذنين، أى طويلهما وكان مسرجا ملجما وفى فخذيه جناحان، وغير ذلك من صفات أخرى.

- لما أراد النبى (r) ركوب الدابة (البراق) نفرت وهاجت، فصاح بها جبريل قائلا: ألا تستحى يا براق مما تصنع؟.. والله ما ركبك قط أكرم على الله منه، فاستحيى البراق حتى تصبب عرقا وهدأت ثورته وسكن مكانه، فركبه النبى (r) وابتدأ مسار الرحلة، وأثناء ذلك سأل جبريل النبى فيما إذا كان قد لمس أحد الأصنام (الصفر وبعضه من ذهب وبعضه من نحاس)، فقال له النبى (r) إنه لم يمسه وإنما مر من جانبه، فقال له جبريل إن البراق نفر وهاج بسبب ذلك، أى لمجرد مرور النبى (r) عليه.

- من صفات تلك الدابة أنه ينتهى خفها حيث ينتهى طرفها، إذا مرت فى هبوط طالبت يدها وقصرت رجلاها، وإذا أخذت فى صعود طالت رجلاها وقصرت يداها، وتقول كتابات التراث فى هذا الشأن بأن أوصاف البراق، هى مثل أوصاف فرص كان لفرعون موسى، إذا صعد الجبل قصرت يداه وطالت رجلا، وإذا انحدر يكون على ضد ذلك.

- وأثناء عروج النبى (r) للسماوات دخل الجنة فرأى فيها جارية لعساء (أى لون شفتها يضرب إلى السواد قليلا) فأعجبت النبى (r) الذى سألها لمن أنت؟.. فقالت لزيد ابن حارثة فبشر بها النبى زيدا، وهنا يبدو واضحا الغمز واللمز بالنبى (r) (ألمنزه عن ذلك) الذاهب لأعالى السماوات لمقابلة ربه، ولكن تستوقفه فى الطريق جارية حسناء يبدأ بمحاورتها.

- وخلال المعراج للسماء، التقى النبى محمد (r) بالنبى موسى فى السماء السادسة، فبكى موسى لأن غلاما بعث من بعده (ويقصد بذلك النبى محمد) يدخل الجنة من أمته أكثر مما يدخلها من أمة موسى.

- وفى السماء السابعة، تم العروج بالنبى (r) إلى الله، فدنا منه فكان قاب قوسين أو أدنى، وعندئذ أوحى إليه الله بفرض خمسين صلاة يوميا عليه وعلى أمته.

- وفى طريق العودة للأرض، نزل النبى (r) من السماء السابعة إلى السماء السادسة، حيث يوجد موسى الذى اقترح عليه الرجوع إلى الله وطلب منه التخفيف من الصلاة على أمته، فاستشار النبى (r) جبريل بشأن هذا الاقتراح فوافق جبريل عليه.

أ) عاد النبى (r) إلى الله فخفف عنه عشر صلوات، وبعد صعود ونزول ما بين السماء السابعة والسماء السادسة (حوالى خمس مرات) ولقاء النبى بموسى المرة تلو الأخرى، كان الله فى كل مرة ينزل ما بين خمس إلى عشر صلوات من الصلوات الخمسين، حتى أوصلها إلى خمس صلوات، وعندئذ قال النبى لموسى إننى استحييت من ربى، وأرضى بالخمس صلوات.

ب) وهنا نود الإشارة للآية القرآنية التى تقول.. (قَوْلُهُ الْحَقُّ وَلَهُ الْمُلْكُ يَوْمَ يُنفَخُ فِي الصُّورِ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ) (الأنعام 73)، فالبرغم من أن قول الله هو الحق ولا شك فى ذلك، إلا أن الله عاد من كلامه أو غير فيه، حسب زعم تلك الكتابات التراثية، خمس مرات بناء على  اقتراح موسى وموافقة جبريل، ولولا استحياء النبى محمد (r) فى آخر المطاف، لربما غير الله فى كلامه مرة أخرى وحاشا له ذلك.

ج) وهناك قصة فى العهد القديم تتضمن حوارا بين الله وإبراهيم حول أهل سدوم وعمورة تشبه الإدعاء بحوار الله مع النبى (r) فى معراجه حول الصلاة، وملخص ذلك الحوار أن الرب قرر إهلاك سدوم وعمورة، فقال إبراهيم للرب أتهلك البار مع الإثيم، عسى أن يكون خمسون بارا فى المدينة، ولا تصفح عنها من أجل الخمسين بارا، فقال الرب إن وجدت فى سدوم خمسين فإنى أصفح عن المكان كله من أجلهم، فقال إبراهيم ربما نقص الخمسون بارا خمسة، أتهلك كل المدينة بالخمسة، فقال الرب لا أهلكها إن وجدت هناك خمسة وأربعين، فعاد إبراهيم يكلمه قائلا عسى أن يوجد هناك أربعون، فقال الرب لا أفعل من أجل الأربعين، فقال إبراهيم عسى أن يوجد هناك ثلاثون، فقال الرب لا أفعل إن وجدت هناك ثلاثين، فقال إبراهيم عسى أن يوجد هناك عشرون، فقال الرب لا أهلك المدينة من أجل العشرين، فقال إبراهيم لا يسخط المولى فاتكلم هذه المرة فقط، عسى أن يوجد هناك عشرة، فقال الرب لا أهلكها من أجل العشرة، وذهب الرب عندما فرغ من الكلام مع إبراهيم ورجع إبراهيم إلى مكانه (تكوين 23-33).

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز