عاجل
الثلاثاء 14 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
ضد الحكومة أم ضد الوطن

ضد الحكومة أم ضد الوطن

بقلم : أحمد على قنديل

مَن مِن المصريين لم يضبط نفسه متلبساً ولو مرة واحدة بمعاداة الحكومة؟ .. ومعاداة الحكومة هنا هو مصطلح مجازى لا علاقة له بمعناه الحرفى وهو الخروج من زمرة المواطنين الصالحين واتباع سلوك ضار وغير سوى ، أو بمعناه الأكثر عمقاً والذى قد يتضمن تنفيذ أعمال عدائية أو تخريب لا سمح الله وهو ما يُعرف فى الغرب إصطلاحاً بـ "عدو الدولة" (Enemy of the state) .



المقصود بمعاداة المصريين للحكومة هى بعض السلوكيات وردود الأفعال التى يمارسونها بعفوية دون أن يتوقفوا أمامها طويلاً أو يدركون فى حينها أنهم يعادون الحكومة ، وتتجلى مظاهر هذه المعاداة فى عدة أمثلة ، مثلما نلحظ أحياناً قيام بعض قائدى السيارات على الطرق السريعة بتقليب الأنوار للسيارات القادمة فى الاتجاه المعاكس لتنبيهها من وجود رادار ضبط السرعة ، ورغم أن بعض السائقين الذين يقومون بذلك يمتلكون الحد الأدنى من الوعى الذى يتيح لهم إدراك أن الغرض الرئيس من هذا الرادار هو أمنهم وسلامتهم هم وباقى مستخدمى الطرق وليس العكننة والجباية إلا أنهم يقومون بذلك لشعورهم أن المصريين جميعهم على اختلافهم فى جانب والحكومة فى الجانب الاخر أو بالأحرى الجانب المعادى ، ومن الأمثلة التى يمكن تفسيرها أيضاً كمظهر من مظاهر المعاداة للحكومة هو فرحة معظم المتابعين لنتائج انتخابات مجلس الشعب عام 2005 والتى تضمنت فوز جماعة الاخوان المسلمين المحظورة بـعدد (88) مقعد من مقاعد البرلمان خلال المرحلتين الأولى والثانية من الانتخابات ، ولم تكن الفرحة أنذاك اقتناعاً بمنهج الاخوان أو بتوجهاتهم السياسية بقدر ما كانت نكاية فى حكومة الحزب الوطنى .

كل ذلك يمكن تقبله وتفهمه من منظور شعبى بسيط ، وحتى وان ذهب البعض بعيداً ورفض هذه التصرفات فسيرفضها من منظور نخبوى بحت ، حيث سيرى أنها تمثل نوعاً من أنواع المراهقة المجتمعية والسياسية ولن يرفضها بسخط ونفور لانها فى واقع الأمر ليست أعمال عدائية بالكلية .

رغم كل ما سبق وما شابهه من أمثلة فلن تجد بين المصريين من كان يشمت عند حدوث أى فشل حكومى داخلى أو خارجى ، أو يحتفل بزلة لسان للمسئول الفلانى أو تلعثم المسئول العلانى ، أو يفرح عند حدوث تطاول من أى دولة أو جهة ما على أحد المسئولين المصريين ، هذا ما كان عليه حال غالبية المصريين قبل أن يُبتلى المصريين بالعديد من الانقسامات الاجتماعية والسياسية والتى حدثت على مراحل أفقية ورأسية بعد ثورة 25 يناير .

أما الآن فحدث ولا حرج عن ما نلمسه من عداء للوطن وليس للحكومة والفرق شاسع وكبير وخطير بين هذه وتلك ، فتجد حالياً الشامتين علانية فى الأداء الاقتصادى للحكومة والذى لا خلاف على كونه لا يسير على الوجه الأمثل ، ولكن فى حقيقة الأمر أن من يقومون هنا بالشماتة يتمنون المزيد من الفشل والتخبط وتربكهم أى نقاط مضيئة قد تظهر فى الملف الاقتصادى ، وهكذا حالهم فى التعاطى مع الأداء الحكومى فى باقى المحاور عدا الملف الأمنى حيث تجدهم يخفون شماتتهم كرهاً وليس طوعاً بعد أى حادث إرهابى ويستبدلونها بحزن مصطنع على الشهداء وعلى ما آل اليه حال الوطن ويتبعون ذلك مباشرة بانتقاد حاد للأجهزة الأمنية بحجة تسببها بإهمالها وتقاعسها أو عدم كفاءتها فى ازهاق أرواح الشهداء الأبرار ، يفعلون ذلك على مضض لادراكهم مدى احتقار المصريين لمن يقوم بالشماتة فى الموت والحمد لله أن المجتمع المصرى مازال يحتفظ بهذه القيمة الاخلاقية فى غمرة ما سقط منه وضاع من قيم أصيلة على مدار العقدين الآخرين ، ويتضح العداء للوطن فى العديد من الأمثلة التى لا مجال هنا لذكرها وحصرها لتعدد مجالاتها ومظاهرها ، وان كان ما يمكن ذكره وحصره هو ان الغرض من هذا السلوك المِعوّج هو ترسيخ ما يعتقدونه ويروجون له من عدم جدارة النظام الحالى للحكم وافتقاده للرؤية وربما للأهلية .

للاسف لا يدرك هؤلاء الشامتون حقيقة معنى وقيمة الوطن فالوطن ليس شركة تعمل بها وتتمنى لها الفشل عند اختلافك مع مديرها ومعاونيه أو لعدم تحقيقها لاحلامك المادية أو المهنية أو المعنوية ، وحتى من يعمل بشركة ويختلف مع ادارتها فمن الطبيعى ألا يمتنى لها الفشل سواء بوازع أخلاقى ودينى أو على الأقل من باب الحفاظ على لقمة العيش .

العلاقة بالوطن ليست علاقة نفعية بحتة يحكمها ويحددها ما يحصل عليه المواطن من حقوق ومزايا ومكتسبات ، بقدر ما هى علاقة غريزية من المفترض ألا تتأثر سلباً أو إيجاباً بحال الوطن أو المواطن ، وان كان هذا بالطبع لا يعنى أن تتغافل الدولة عن حقوق ومتطلبات مواطنيها وأن تسعى على الدوام لتحقيق كل ما يصب فى مصلحة الوطن وليس مصلحة فئة معينة أو زمرة محددة .

 #الخلاصة: لا يصح أن نتعامل مع الوطن بمنطق " فيها لأخفيها" .

استقيموا يرحمكم الله.

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز