عاجل
الثلاثاء 16 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
تسقط الأمم .. بتزوير المفاهيم (3)

تسقط الأمم .. بتزوير المفاهيم (3)

بقلم : لواء أركان حرب/ جمال عمر

قبل أن نسترسل فيما بدأناه من قبل لابد أن نتوقف قليلا عند (مبدأ إنساني أساسي) لابد وأن يكون له المقام الأول في حساباتنا كبشر ، وهو أننا جميعا أبناء آدم جمعتنا الإنسانية على الأرض وأن قوتنا وتقدمنا واستمرار حضارتنا هو في تقاربنا وتوحدنا وتضافر علومنا وجهودنا ، أيا كان بيئة ووطن ودين وفكر كل منا مختلفا عن الآخر ، وقد استعرضنا من قبل شهادات المؤرخين الأوربيين ومن غير العرب والمسلمين في أفضال الإسلام الحضارية على البشرية وكيف أحدث علماء المسلمين طفرة وقفزة علمية غير مسبوقة ولم تساويها أو تماثلها أية إضافات علمية أو حضارية حتى الآن عبر التاريخ رغم كل ما يدعونه  أو يروجون له من أكاذيب ومحاولات طمس متعمدة وحمقاء ، وألمحنا إلى أن السقوط المهين والمستمر للمسلمين لم يأتي صدفة ولا كان تطورا طبيعيا لدورات الحضارة بين البشر كما يحلو لنا أن ندعي أحيانا ، خاصة لو تذكرنا أن حضارة المسلمين وسيطرتها على العالم دامت أكثر من عشرة قرون ، وهو ما لم يتكرر من قبل في تاريخ الحضارات البشرية ، ولذلك تعمدت قوى (الكابالا) الماسونية منذ بداية ظهور الإسلام أن تتوغل برجال وجماعات لها لتنحرف بهذا الدين مثلما فعلوا مع اليهودية والمسيحية من قبله فظهرت الشيعة كتوغل يهودي ماسوني مستهدف تحت مسميات الخوارج والمعتزلة والحشاشين وغيرهم والذين قتلوا عمر بن الخطاب ثم عليا بن أبي طالب ثم عثمان بن عفان ثم الحسن بن علي ثم صنعوا من قتل الحسين أكبر فتنة في تاريخ البشر وانحرفوا بالدين كاملا لأشد منعطفات التاريخ ظلاما وتطرفا وانقساما ، فنشأت منه جماعات بمسميات براقة ادعت انتماءها لفئة مضادة تحت مسمى السنيين والمعادية ظاهريا للشيعة ليكون ناتج هذه المؤامرات عبر التاريخ مئات الآلاف من الكتب متضمنة معظم كتب التفاسير والفقه والسيرة والسنة المعروفة والتي فرضوا حفظ بعضها بالقوة مثل البخاري الذي كان مفروضا على المصريين قرونا وغير مسموح بالخطأ في حفظه.




وألمحنا إلى حجم العته والحمق المسلم والذي أودى بهم للتفرغ والتركيز المخل على ما أسموه بالعلوم الشرعية التي لا تشكل آياتها أكثر من (3%) من آيات أصدق وأعظم كتاب علمي عرفه البشر على الإطلاق وهو القرآن الكريم ، وبالتالي سقطوا بتعمد مستهدف في تجاهل آيات العلم البحت والتي تشكل أكثر من 50% من آيات القرآن الكريم ، لدرجة أنهم تجاهلوا آيات خلق النفس البشرية والتي تعد من أهم أسس العلم التي تبنى عليها كثير من العلوم ، والتي تعدت آياتها ثلاثة أضعاف آيات الفروض أو الحدود ولكن المسلمين كأنهم لا يعقلون ولا يتفكرون ولا يفقهون ولا يتدبرون ، وهو ما دفع دولا أوربية وغير مسلمة مثل ألمانيا لإنشاء معاهد لدراسة علوم القرآن البحتة التي ذكرت فيه ، وهو ما لم يفعله المسلمون عبر تاريخهم ، بل ظلوا مصرين حتى الآن على بقاء وتدريس تفاسير هزلية لعلماء ماتوا منذ ألف سنة لبعض آيات العلم في القرآن ، وهو ما جعلهم محل السخرية والاستهزاء ، وأساءوا لدينهم وشعوبهم قبل أنفسهم ، وكأنهم مجندين لاستكمال هدم قيم هذا الصرح العظيم المسمى بالإسلام ، وهو ما جعلنا لا نتعجب كثيرا عندما نرى رئيس دولة يطلب ويلح في طلبه ويرجو ويستعطف علماء الدين في وطنه أن يدققوا المفاهيم ويصححوا الخطاب الديني للعامة ، فيتمخض الجبل عن مقترح لفرض توحيد لخطبة الجمعة في كل بقاع الدولة ، وكأنهم يقولون له لا أمل فينا في فهم ما تريده أو تنفيذه ، وكأنهم يعيدون تكرار أدوار كهنة الكنائس في العصور الوسطى في مقاومة العلم والتقدم والفكر وينسون أن هؤلاء الكهنة قد سقطوا وأسقطوا معهم كل مقدسات وقيم دينهم الذي كانوا يحمونه ويسيطرون به على الدول وشعوبها ، وهو ما يعاد تكرار مسلسلاته اليوم في بلاد المسلمين بوقاحة الإعلان والمواجهة من فرق وجماعات الإلحاد والتطرف والانحراف والشذوذ في تحد شرس لكل قيم الأديان السماوية، دون أن يحرك هذا ساكنا لمن يسمون أنفسهم علماء الدين سوى ربما أحيانا بالشجب والإدانة أو الاعتراض وربما بعض المصمصة الفقهية.


والغريب في نفس الوقت الذي ينتفضون فيه مقاتلين شرسين ومخاصمين ومطالبين برأس من يحاول أن يقرر لهم حقائق فداحة وخطورة ما تعرضت له كتبهم ومناهجهم من تزوير وضلال وبهتان ، هم أبدا ومطلقا لا يعنيهم ما يحدث من تدمير لكل القيم والأخلاقيات الإنسانية من خلال وسائل الإعلام حتى أصبح القدوة لأطفالنا تتمثل في صور مسوخ التسلية واللهو والتسيب البشري دون غيرها كراقصة أو مغنية أو لاعب كرة ، في زخم من اجتياح وتصدر الشواذ والمتطرفين والعاهرات للمشهد الإعلامي والثقافي باسم الإبداع ، ولا يحرك كل هذا ساكنا في عقول ونفوس الجهابذة الأفذاذ ليفكروا ويخططوا ويواجهوا الفكر بالفكر والثقافة بالثقافة ، بل بدلا من هذا يصرون على مزيد من إسقاط أنفسهم وفكرهم بالتحجر الشكلي والموضوعي والفكري والثقافي وينسون أننا الدين الوحيد الذي أمرنا رسوله بمخاطبة الناس على قدر عقولهم ، بل أمرنا ربنا بالدعوة لدين الله أولا بالحكمة (قبل الموعظة الحسنة) وهي التي تعني أن يكون الداعي في حياته قدوة حسنة لما يدعو ، وإلا كيف يتخيل عاقلا أنني سأرضى بالإسلام أو أتمنى الانتماء له وأنا أرى أتباعه جهلاء وحمقى ومتخلفين ومصرين على الانحراف والتطرف ويدعون كذبا أنهم أولياء الله وأحباءه وأصحاب الجنة هم فيها خالدون.


ولعلي لا أبالغ لو قلت أن أول وأكبر المفاهيم التي زورها المسلمون في دينهم كان هو الغرض من خلق الله لهم ، والذي بتزويره سقطت من عقولهم وقلوبهم كثير من المفاهيم الرئيسية لدينهم ، فتخبطوا قرونا في ظلمات الحيرة والتفسيرات الجاهلة المضللة ، ووقعوا في كثير من ضلالات المناورة وتلفيق التفسيرات والردود على أسئلة العامة والخاصة ، محاولين نقل ما تعلموه من حفريات مضللة من كتبهم الصفراء بطريقة يقبلها العامة وهو ما لا يخفى على أحد خاصة الشباب ، حتى فقد العامة الثقة في كثير مما يقوله هؤلاء ، فأصبحت الفتوى وسيلة يلجأ لها طالبها فقط ليجد من يتحمل عنه مسئولية ما يفعله أمام البشر ، ولذلك هو يسأل الكثيرين ولكنه ينفذ ما يستهويه ويدعي أنهم أفتوه ولا يستطيع أن يكذبه أحد لشك الجميع في قدرة وفهم بل وصلاحيات من يسألونهم أحيانا ، خاصة عندما يتنطعون ويدعون أنهم أصحاب الحق والعلم والفهم المطلق ، حتى لو كانوا مجرد حفظة ومرددين ويحفظونه بالشبر وبالصفحة والسطر ، ولاسيما عندما يسفهون ويفضحون ويلعنون بعضهم بعضا ، ولا ننسى أن نلقي الضوء ونسجل لهم جميعا أنهم دوما يتباهون ويعلنون دوما أنهم لا فكر ولا عقل ولا تدبر لهم ولا رأي لهم ، ولا ينبغي لهم ، فهم نقلة لما قرره أجداد العلماء الذين أكلت قبورهم أجسادهم من عشرات القرون ، وهم يريدون منا أن نغلق عقولنا ونعلي السمع والطاعة لما ينقلون، وهو ما جعل الساحة خالية ومهيأة لظهور دعاة المخابرات الغربية أمثال عمر خالد والمعز وحسني وغيرهم الكثير .. والمكلفين بصناعة إسلام جديد يتناسب مع الفكر الماسوني الغربي ، وكأن حماة الدين وحراس العقيدة لا أمل فيهم ولا حراك.


ولذلك لابد من طرح السؤال الأهم على الإطلاق وهو ... لماذا خلق الله البشر ، وما هي المهمة التي اختارها الله لهم ؟؟ ولماذا استحقت هذه المهمة كل هذا الإجلال والاحترام والتبجيل الذي بدأ بسجود الملائكة (أفضل خلق الله المقربين) لهذا المخلوق ؟؟ بل ما هو جلال هذه المهمة الذي استدعت أن يجعل الله الملائكة مكلفين ومأمورين بحفظ هذا المخلوق ورعايته ، والدعاء له والاستغفار له ، بل ومعاونته أحيانا في مهمته ؟؟ وهل هذه المهمة هي أداء الفروض والمناسك والشعائر مثل (أداء الصلاة والزكاة والصيام والحج وذكر الله) ؟؟؟ ، ولو هذا صحيحا ؟؟ أليست السماء والأرض مليئة بملائكة ساجدين راكعين ومسبحين بحمده سبحانه إلى يوم الدين إضافة لحملة العرش ؟؟ وأليس كل هؤلاء يقيمون المناسك والشعائر أفضل ملايين المرات من هذا المخلوق المتخبط والحائر والضعيف ؟؟ ... إلا إذا كانت المهمة تختلف جوهريا عن أداء فروض أو مناسك أو شعائر ، فما هي هذه المهمة التي ذكرها الله في قرآنه العظيم ، ولكننا مصرين على تجاهلها ومستمرين في ضلال من زورنا مفاهيمه إتباعا لأهوائنا وشهوات نفوسنا ... وهو ما سوف نستوضحه لاحقا ..

 

 

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز