تخفيف مكافحة الفساد !

بقلم : جورج أنسي

ربما لأول مرة اتابع صدور مرسومًا حكوميًا ينص على (تخفيف مكافحة الفساد ) ، والأعجب ان يكون ذلك فى إحدى دول أوروبا الشرقية التى أنضمت أخيرًا الى دول الإتحاد الأوروبي وفقًا لمعايير صارمة تضمن تنفيذ مجموعة من الإصلاحات والخطوات الشاملة التى تؤهلها لدخول هذا الإتحاد الذى يعد قوة كبيرة فى هذة الحياة !

هذة ليست دعابة ، بل حقيقة على أرض رومانيا أثارت إحتجاجات شعبية عارمة بسبب قانون تقليص عقوبات سوء استغلال السلطة والاختلاس بالنسبة للمسئولين - وهى الاحتجاجات الاولى من نوعها منذ سقوط حكم الديكتاتور الشيوعي شاوشيسكو عام ١٩٨٩- ضد رئيس الحكومة سورين جريندانو، والتى استمرت حتى تراجع الحكومة عن قرارها العجيب والمثير للدهشة !

والأعجب هو المنطق الذى استندت اليه الحكومة الرومانية فى تبريرها لاصدار المرسوم العجيب بأنها تريد التخفيف من اكتظاظ السجون بمساجين تهمتهم مجرد جريمة (فساد) (!!) على أن يكون السجن من نصيب المسئول الفاسد الذى يتسبب فى أضرار تتجاوز ٤٧ الف دولار ( حوالى مليون جنيه مصرى الا شوية فكة )، وهو يسمح - في حال تنفيذه- بالعفو عن نحو 2500 سجين يمضون أحكاما لا تتعدى خمس سنوات، وهو عدد لا اجد عندى تعليقًا عليه !!

لا اريد التعقيب على الحدث  باعتباره بعيدًا عنا، ولكنى فقط اريد ان أفكر بصوت عال فى صدور مثل هذة القوانين الاستفزازية والتى تصدر أيضًا فى محيط عالمنا العربى مشفوعة بمبررات أكثر إستفزازًا تقتل الأمل فى الإصلاح فى قلوب أجيال وأجيال ، رغم أن الامر ليس بالصعوبة الشديدة  فى دراسة أى قانون قبل إصداره ودراسة التبعات والنتائج والفوائد المتعلقة بخروج مثل هذة القوانين للنور على جميع المستويات...ربما أبسطها وأكثرها إراحة للشعوب المطحونة، هو توجيه مثل هذة الأموال المنهوبة والمختلسة الى مجالات تعود بالنفع المباشر على الناس ، وليكن الإعلان السريع عن توجيه مثل هذة ( المسروقات المضبوطة ) الى مجال كذا وكذا.. الطريق الراسخ لتقديم الدولة الجديدة التى تحارب الفساد وتصادر امواله لصالح مشاريع آنية تعود بالنفع السريع على مواطن يئن من وطأة ظروف إقتصادية بالغة الصعوبة مشفوعة بمرارة الإحباط واليأس ، وهو ما يعقد الحياة أكثر مما هى معقدة!!